مطلب الإدعاء العام المقدم لرئيس مجلس النواب والمتعلق ببدء الإجراءات القانونية لإختيار بديل عن رئيس الجمهورية المريض جلال طالباني ،والذي يخضع لعلاج مركز في ألمانيا يعد تحولا في المشهد السياسي، وضربة توجه للرمزية التي يتمتع بها الرئيس في الأوساط السياسية والإجتماعية ،خاصة وإن غالب الكتل السياسية والأفرقاء تعودوا الإشادة به في الرايحة والجاية ،وكانوا يذكرونه بخير ،وعبروا عن الأسف لإصابته بالعلل من حين لآخر، وتمنوا له الشفاء العاجل ،والعودة الميمونة الى الوطن لممارسة مهامه الدستورية في إطفاء الحرائق برغم إنها ظلت مشتعلة وعلى الدوام بحضوره وبدونه ولم يستطع أحد سوى الإنغماس في متعة النظر إليها وهي تلتهم الأشياء والمواقف والآمال .
عبر الأكراد عن إنزعاج شديد وعدم رضا من هذا المطلب الذي فاجأهم كثيرا فهم لم يتعودوا من المنافسين السياسيين سوى الإطراء والرضا والقبول بجلال طالباني في مختلف الظروف لأنهم يعدون وجوده نوعا من التخفيف والتنفيس عن الإحتقان السائد في العملية السياسية المتعثرة ،ويبدو إن مواقف الرئيس من قضية سحب الثقة عن رئيس الوزراء نوري المالكي كان لها أبعد الأثر في عدم رضا أطراف عراقية كانت تتوقع منه تمرير مطلب سحب الثقة لكنه خالف كل التوقعات ورفض إمضاء الموضوع ،وبدلا من ذلك غادر للعلاج في ألمانيا التي عاد منها فيما بعد لفترة قليلة ،وسرعان ما أصابه المرض من جديد ،وعاد الى ذلك البلد ،ومايزال فيه بإنتظار أن تتحسن حالته الصحية التي يشير بعض الأطباء الى إنها في تطور إيجابي من وقت لآخر.
في إقليم كردستان يتصاعد الإحتقان بين القوتين التقليديتين النافذتين هناك وهما الإتحاد الوطني بزعامة مام جلال، والحزب الديمقراطي الذي يتزعمه برزاني ،حيث يحاول الأخير الترشح لولاية ثالثة ،بينما تشير كل التوقعات وإتجاهات الرأي السائدة في الوسط السياسي الكردي الى رفض لهذا الأمر من قبل المنافسين التقليديين وبعض الحركات الصاعدة كحركة تغيير المعارضة وبشدة لسياسة مسعود برزاني ،وهناك حديث عن بديل لمسعود لكن ذلك لايلغي التأثير المحتمل لفريق طالباني بتحديد الأولويات والمسارات، وربما عقد تفاهمات مع الديمقراطي لعقد صفقة يكون لرئيس الجمهورية الحالي ،أو من يخلفه من حزبه الحضور والنفوذ بهذا المنصب في بغداد، في مقابل أن يبقى مسعود برزاني في منصبه.
الشئ الآخر المهم هو التفاهمات الأخيرة بين المركز والإقليم ،والإنقلاب الكبير في موقف الكرد والذي عده قادة في القائمة العراقية تنصلا عن إتفاقات سابقة، وقد جاء التفاهم بين رئيس الحكومة الفدرالية ورئيس حكومة كردستان برضا مباشر من فريق مام جلال ومكتب رئاسة الإقليم ،وأعقب أحداث الحويجة وتقدم البيشمركة الى مناطق يقطنها العرب السنة في جنوب كركوك مايعني زيادة في حدة التوتر بين القائمة العراقية والتحالف الكردستاني ،وهي عوامل مضافة تدفع بإتجاه هذا الطلب من رئاسة البرلمان لتجاوز مرحلة طالباني التي لن تلقى رضا لامن الأكراد ،ولامن الأطراف الشيعية النافذة، لكن علينا أن ننتظر لبعض الوقت فهناك المزيد من الإثارة.
مقالات اخرى للكاتب