حقق فريق إشبيلية الاسباني فوزا لن ينساه أبدا على بنفيكا البرتغالي بركلات الترجيح، ليعود من خلاله الى منصات التتويج الأوروبية ويفوز بلقب الدوري الأوروبي الثالث له في ثمانية أعوام.
فوز إشبيلية اليوم أبقى أقدم لعنة في عالم كرة القدم،لعنة مدرب بنفيكا المجري بيلا جوتمان، وهو الذي تولى تدريبهم في 1961 و1962 ونجح خلالها في الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا مرتين، وبعدها وبسبب خلاف مع عقلية النادي قرر جوتمان الرحيل وأطلق يومها تصريحاً لا ينسى "لن يعود بنفيكا للتتويج بلقب أوروبي، ولو بعد مائة عام".
الغريب بعد ذلك أن تصريح جوتمان تحول للعنة، فبنفيكا فشل بالفوز بأي لقب أوروبي لأكثر من 50 عاماً رغم قدرة غيره من الفرق البرتغالية على حصد الألقاب، فخسر الفريق من يومها 5 نهائيات في دوري أبطال أوروبا أعوام 1963 و1965 و1968 و1988 و1990، كما أنه خسر نهائي الدوري الأوروبي1983 و2013 اضافة الى نهائي اليوم.
جوتمان سيطر اليوم على أجواء المباراة في كل لحظة، لكن لعنته تطورت وامتدت لركلات الترجيح.
كان جوتمان في عام 1957 مدرباً لفريق ساو باولو البرازيلي بعد أن ترك أوروبا في عام 1955، وكانت تجربته الأخيرة في أوروبا مع العملاق الإيطالي ميلان.
موهبة المدرب المجري لفتت أنظار البرتغاليين، فدخل العملاقان بورتو وبنفيكا في منافسة لاستقدامه فاز بها بورتو، وفور وصوله لتدريب الفريق فاز معهم ببطولة الدوري في هذا الموسم 1958/1959.
بنفيكا يخطف جوتمان من بورتو والمدرب يحقق النجاح الباهر
فوز بورتو بالدوري أثار غيرة بنفيكا، ليخطف رئيسه وقتها ماوريسيو فييرا جوتمان من بورتو ويصبح مدرباً لفريق العاصمة البرتغالية بداية من الموسم التالي، جوتمان نجح مع بنفيكا كما كان الحال مع بورتو، إلا أن نجاحه مع بنفيكا تعدى الفوز بالبطولات المحلية فجمع بينها وبين لقب دوري أبطال أوروبا الذي فاز به في موسمين متتاليين في 1961 و1962.
خلافات بنفيكا مع جوتمان وجملته الشهيرة
بعد النجاح الباهر لبيلا جوتمان مع بنفيكا والتتويج بلقبين لدوري أبطال أوروبا، شعر جوتمان أنه يستحق مكانة مادية أكبر مما هو عليها، فطالب برفع راتبه وقوبل الرقم المطلوب بالرفض من إدارة بنفيكا، لينتهي الأمر بجوتمان خارج بنفيكا وخارج البرتغال كلها.
جوتمان صرح بعد الاستغناء عنه قائلاً :"بنفيكا من سيندم على رحيلي، لن يعرفوا الفوز بأي نهائي أوروبي من بعدي ولو بعد 100 عام".
قد يكون تصريح جوتمان مجرد جملة غاضبة في وقت شعر فيه بالظلم، لكنها تحققت بالفعل عندما وصل بنفيكا كالعادة لنهائي البطولة في العام التالي، ولكنه خسر نهائي دوري أبطال أوروبا أمام ميلان.
أربعة مدربون يتعاقبون على تدريب بنفيكا في الفترة من 1962 إلى 1965 ومع ذلك يفشلون جميعاً في التتويج الأوروبي.
عودة جوتمان للنسور
إدارة بنفيكا شعرت بأن جوتمان كان مُحقاً في تصريحه وأنه الوحيد الذي يملك مفتاح التتويجات الأوروبية لبنفيكا، فبعثوا بنجمهم الأول والتاريخي إيزيبيو معتذراً لجوتمان وطالباً منه العودة، يوافق المجري على الفور ويعود لتدريب النسور.
عودة جوتمان هذه المرة لم تكن كسابقتها، فاز معهم بالدوري البرتغالي ووصل لنهائي دوري الأبطال، لكنه شرب من نفس كأس اللعنة التي أصابت بنفيكا طويلاً وخسر البطولة أيضاً أمام إنتر ميلان، ليرحل نهائياً وللأبد هذه المرة عن تدريب بنفيكا.
اللعنة مستمرة
بيلا جوتمان رحل عن تدريب بنفيكا، وظلت لعنته تطارد الفريق، فخسر نهائي جديد للبطولة في 1968 أمام مانشستر يونايتد هذه المرة.
وفي عام 1980 توفي بيلا جوتمان بعد أن أسعد المصابيح (وهو لقب جماهير بنفيكا) مرات عدة، وشاءت الأقدار أيضاً أن يرتبط اسمه وجملته مصادفة بكل فشل أوروبي يحققه ومازال يحققه بنفيكا سواء في نهائي بطولة كأس الإتحاد الأوروبي أمام إندرلخت عام 1983 أو خسارة نهائي دوري أبطال أوروبا مرة جديدة في عام 1988 أمام بي إس في آيندهوفن، ولم ينقطع ذلك في خسارة أخر نهائي لدوري أبطال أوروبا يلعبه الفريق في 1990 أمام ميلان مرة أخرى.
وأخيراً كانت خيبة الأمل الأخيرة للبنفيكيستاس في العام الماضي عندما خسر الفريق نهائي بطولة الدوري الأوروبي أمام تشيلسي في الدقيقة الأخيرة، ليظل البرتغاليين في إنتظار من يخلص بنفيكا من لعنة جوتمان التي لا تفارقهم.
وفاء بنفيكا لجوتمان
رغم فأل تصريحاته السيء على بنفيكا وإرتباطها بخسارة الفريق لسبعة نهائيات أوروبية في أخر 51 عاماً جعلته أكثر الفرق الأوروبية خسارة للنهائيات، إلا أن النسور لم ينسو أن بيلا جوتمان كان صاحب الفضل بجانب إيزيبيو على مٌعانقة أكبر مجد في تاريخ النادي العريق، عندما توج معهم بدوري أبطال أوروبا في موسيمين متتاليين ببداية الستينات هم اللقبين الوحيدين أوروبياً للفريق.
كل ذلك دفع إدارة بنفيكا الحالية برئاسة لويز فيليبي فييرا هذا العام لتخليد ذكرى أحد رموز بنفيكا وإحتفالاً بعيد ميلاده العاشر بعد المائة بوضع تمثال للمدرب العظيم في ملعب "دا لوش" الخاص ببنفيكا، حاملاً فيه كأسي البطولتين اللتين حصل عليهما كما كانت هيئته في الصورة التي أٌلتقطت له قبل أكثر من 50 عاماً.
تمثال بنفيكا لجوتمان ليس لتخليد الذكرى فقط، فقد يكون أيضاً تقرباً منهم لروح المدرب التي باتوا يؤمنون بتأثيرها على غياب البطولات الأوروبية عنهم فحاولوا إعادتها لقلعتهم مرة أخرى، لعلهم لا يضطروا للإنتظار 50 عاماً أخرى قبل التتويج الأوروبي الجديد كما قالت "أسطورة جوتمان"، وكما قال سكرتير وزارة الخارجية المجرية زولت نيميث الذي حضر حفل إفتتاح تمثال الأسطورة المجرية قبل أيام.