دعوا (اذا) الشرطية ترتاح فقد اتعبناها.
لا اكتمكم سرا لو قلت بأنني بدأت اشعر بالعداوة تتنامى بيني وبين كلمة ( اذا ) الشرطية , وأصبحت اكره سماعها , لكثرة استخدامها من قبل الساسة الكورد في اقليم كردستان .
فمنذ الالفين وثلاثة ولغاية يومنا هذا , انحصر الخطاب الكوردي في استخدام كلمة ( اذا ) الشرطية هذه في تناوله لتغير منحني العلاقة بين اقليم كردستان وبغداد , فمن عبارة ... سيكون للكورد موقفا حاسما ( اذا ) حاول المركز نشر قواته في المناطق المستقطعة , الى عبارة ... سيكون لنا موقفا اخر ( اذا) استمرت بغداد في تسويف اجراءات تطبيق المادة 140 , ثم عبارة ... ( اذا ) لم يحل ملف البيشمركة فان الرد الكوردي سيكون حاسما , وعبارة ... سننفصل ( اذا ) انزلق العراق الى دكتاتورية فردية مرة اخرى , وانتهاء بعبارة ... الاقليم سيصدر نفطه ( اذا ) اصر المركز على الاشراف عليه . وحتى بعد ان وصل الاستهتار السياسي في بغداد الى استخدام ورقة الحصار الاقتصادي وقطع ارزاق مواطني الاقليم , لا زال الاقليم يصرح بأننا لن نشترك في حكومة بغداد ( اذا ) ترأسها المالكي .
نعرف ان القرار الكوردي يجب ان ينال موافقة جميع الاحزاب الفاعلة في كردستان , ونعرف بان الحكمة التي تكمن بين طيات كلمة ( اذا) هذه , قد ساهمت في عدم الانجرار وراء المراهقات السياسية للمركز , لكن في الوقت نفسه لا يمكن انكار ان الافراط في الحكمة لا يخدم المكتسبات السياسية للإقليم على المدى البعيد , خاصة وان عامل الزمن الذي راهن عليه الاقليم طويلا لم يعد يعمل لصالحه , بعد عقد المركز صفقات اسلحة متنوعة مع هذه الدولة او تلك بحجة محاربة الارهاب , والحصول على ترسانة اسلحة لا يستهان بها , بينما لا يزال الاقليم يمارس سياسة الحمائم مع هذا المتغيرات .
لا شك في ان تغيير المالكي بشخصية شيعية اخرى من التحالف الوطني سيساعد على تهدئة المشاكل القائمة بين الاقليم والمركز , ولكن لا نتصور ان هذا الهدوء المحتمل سيعقبه حل شامل للملفات العالقة , فسرعان ما سيتدخل ( الشيطان ) في التفاصيل , ونبدأ ثانية الدوران حول حلقة مفرغة من الازمات مع ادارة جديدة للمركز , وبمعطيات جديدة , قد تكون في صالحه هذه المرة .
وهنا نريد ان نسال حكومة الاقليم وأحزابه الاسئلة التالية , املين في ان يمتلكوا اجوبة مقنعة لها : -
هل ان وجود شخصية من المجلس الاعلى للثورة الاسلامية او التيار الصدري , في منصب رئاسة مجلس الوزراء العراقية , يعني بالنسبة للإقليم حلا للملفات العالقة بين الطرفين , سواء ما يتعلق بملف كركوك والمناطق المحتلة للإقليم , او في ملف قانون النفط , او ملف البيشمركة , وغيرها من الملفات الكثيرة التي لم تجد طريقها للحل لغاية الان؟
هل ان نهج المالكي تجاه اقليم كردستان في السنوات السابقة , كان نابعا من مواقف فردية للمالكي . ام كانت سياسات تملى عليه من دول اقليمية , وبمباركة اطراف من داخل التحالف الوطني ؟
هل ان بدعة الحصار الاقتصادي على الاقليم , والتي سنها المالكي , ستنتهي بمجرد ازاحته , ام سيلجأ اليها اي رئيس وزراء جديد في اول ازمة بينه وبين الاقليم ؟
هل ان اداء علاوي وأداء الجعفري , اللذان استلما رئاسة الوزراء قبل نوري المالكي , كان مختلفا عن اداء المالكي في تعامله مع الملف الكردستاني ؟
إلا تعني نتائج الانتخابات الاخيرة , والتي حاز فيها المالكي على نسبة اصوات عالية , ان نهجه مع الكورد ومع السنة العرب , يلقى تأييدا من شريحة واسعة من الشعب العربي في العراق ؟
ماذا سيكون رد الاقليم لو استمرت حكومة بغداد في تسليحها الممنهج من امريكا وروسيا , بدعوى محاربتها للإرهاب , وأخذت تهدد الاقليم عسكريا ؟
لا اتصور ان الجواب على هذه الاسئلة سيصب في صالح مشاركة الاقليم في الحكومة العراقية القادمة , بغض النضر عمن يترأسها . ان انتظار الاقليم لنضوج وضع دولي وإقليمي , حتى يخطو بعدها خطوة اخرى في طريق وضع الاقليم القانوني والسياسي , يعتبر مضيعة للوقت . فالظروف الحالية سانحة بما فيها الكفاية للتحول الى نظام كونفدرالي مع المركز , بعد عرض المشروع على الشعب الكردي , في استفتاء حقيقي يخضع الاحزاب الكردستانية الاخرى لتبني نتائجها . وبالطبع فان خطوة الكونفدرالية تعتريها صعوبات قانونية , حسب الدستور العراقي , ولكن يمكن الافلات منها , باللجوء الى قطيعة غير واضحة المعالم , لفترة غير محددة مع بغداد , يتم من خلالها القيام بخطوات اخرى , وضحتها في مقالين سابقين تحت عنوان( الكورد بين خيارين .. عام من مفاوضات عقيمة او البدء بفك الارتباط عن العراق ) وكذلك ( بين الفدرالية والكونفدرالية هناك خطوة) .
نعم لقد ان الاوان لاتخاذ قرارات نهائية , كما صرح بذلك السيد مسعود البارزاني , والاعتماد على موقف شعب كردستان , بدلا من الاعتماد على الموقف الاقليمي والدولي , اللذان سيخضعان لقرار الشعب الكردي في النهاية شاءوا ام ابوا ...وأقول للسيد مسعود البارزاني .. افعلها فقد طال انتظارنا لهذا القرار ... افعلها وليحصل ما يحصل .
مقالات اخرى للكاتب