بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003 م عاد اسم عبد الكريم قاسم ليبرز في الكثير من المحافل كقائد وطني وزعيم ومؤسس للدولة العراقية ، وانتشرت صوره في البيوت والمكاتب وفي الشوارع ، وأقيمت له النصب والتماثيل في العديد من المدن العراقية .. كالبصرة في ساحة الزعيم عبد الكريم قاسم وبغداد في ساحة عبد الكريم قاسم .. حيث أقيم له تمثال من البرونز بالحجم الطبيعي بتبرعات جماهيرية ، ووضع هذا التمثال في نفس المكان الذي تعرض فيه عبد الكريم قاسم لمحاولة اغتيال عام 1959م . وقد راجت صوره بإقبال وشراء واسع في العراق . كما افتتحت الهيئة العامة للآثار عام 2009 وبمناسبة ذكرى ثورة 14 تموز قاعة في المتحف الوطني مخصصة للمقتنيات الشخصية الخاصة والأسلحة التي كان يستخدمها ومجموعة من الصور النادرة وبعض إصدارات الصحف والهدايا التي تلقاها خلال فترة حكمه ،كما احتوت القاعة على تماثيل له أحدها من البرونز والآخر من المرمر للنحات العراقي خالد الرحال .
عبد الكريم قاسم هذا؛ رقم سياسي محيّر في تاريخ العراق الحديث ، وما يحيّر فيه ، أنَّ الأعم الأغلب من العراقيين الذين عاصروه ينسبونه لهم ، أو يبغضونه ، وهو لم يعلم أنه منهم أو عليهم !!؟
عبد الكريم قاسم نزل إلى الشعب العراقي بطبقاته المسحوقة ، فاعتبروه منهم .
عبد الكريم قاسم أبرم معاهدة صداقة عام 1959 مع الإتحاد السوفيتي السابق ، فاعتبره الشيوعيون منهم ، وهو لم يعلم أنه منهم !!؟
عبد الكريم قاسم اختلف مع مصر وسوريا والأردن والسعودية والكويت، فأعتبره القوميون عدواً للقومية ، وهو لم يعلم أنه عدو للقومية العربية !!؟ كيف يكون عدواً للقومية وهو بطل (كفر قاسم) عام 1948؟!!
عبد الكريم قاسم اتهمه الأكراد بأنه تلاعب بالقضية الكردية عام 1959م عندما دعا الملا مصطفى البارزاني للعودة إلى العراق الذي كان لجئاً سياسياً في الإتحاد السوفيتي ، بعدما تولى منصب وزير دفاع الجمهورية الكردية التي أقامها أكراد إيران في مدينة مهاباد الإيرانية بمساعدة الإتحاد السوفيتي التي دخلت جزءاً من الأراضي الإيرانية إبان الحرب العالمية الثانية ثم انسحبت وانهارت الجمهورية الكردية خلال 11 شهراً بعد قهر القوات المحتلة والمتعاونين معها بواسطة الجيش الإيراني . العروض التي قدمها له عبد الكريم قاسم لم تكن بعين الملا مصطفى البارزاني تناظر العروض التي كان يحلم بها ، بعدما تذوق طعم المناصب الرفيعة في الجمهورية الكردية المنهارة ، فلم يرض َ على عبد الكريم قاسم حتى دخل معه بحرب مؤسفة عام 1961م ، وعبد الكريم قاسم لم يكن يعلم أنه عدو للأكراد !!؟ كيف يكون عدواً للأكراد وهو الذي دعا الملا مصطفى البارزاني للعودة إلى العراق وأكرمه ووقره ؟!!
عبد الكريم قاسم كان زعيمَ الضباط الأحرار في الجيش العراقي ، إلا ان البعض منهم كعبد السلام عارف الذي كان ضمن هذا التنظيم كان عدوه الخفي ، وهو لا يعلم لماذا عبد السلام محمد عارف يكرهه !!؟
العلاقة بين عبد الكريم قاسم وعبد السلام محمد عارف منذ عام 1938م عندما كانا طالبين في الكلية العسكرية .. التقيا في البصرة عام 1941م حيث كان عبد السلام عارف قد نقل إلى إليها بسبب اشتراكه في ثورة رشيد عالي الكيلاني التي أفشلتها بريطانيا ، وكان عبد الكريم قاسم ضابطاً هناك، وأثناء اللقاء تداولا أوضاع العراق السياسية ، وتسلط عبد الإله على السلطة بمساعدة السياسة البريطانية.كما التقيا في كركوك عام 1947م ، والتقيا في الحرب الـفلسطينية عام 1948 . واستمرت علاقتهما حتى عام 1951م ، إلى أن انقطعت علاقتهما حتى عام 1956 بسبب التحاقه في الدورة العسكرية التدريبية البريطانية ، وبعد عودة عبد السلام محمد عارف من هذه الدورة إلى العراق تم نقله إلى اللواء20عام 1956م ، حيث جمعهما تنظيم الضباط الوطنيين بعمل سياسي عسكري مشترك تمخض عن اندلاع ثورة 14 تموز عام 1958 بإسقاط الحكم الملكي . حتى افترقا عدوين عام 1959، والتقيا خصمين في عام 1963، أسقط عبد السلامُ عبد الكريمَ وتولى أمر البلاد والعباد بمجاز لا نظير لها ، انتقم فيها من شيوعيي العراق..شباباً وشاباتٍ بأعمار الورد.
مقالات اخرى للكاتب