*لقد ظلّ الرّاي العام الأميركي تحديداً ينظر بعين الرّيبة لطريقة تعامل الإدارات الاميركيّة المتعاقبة مع الارهاب ومصادرهِ ومنابعهِ، عندما كانت تتستّر على الصفحات السريّة من تقرير لجنة الكونغرس بشأن هجمات أيلول عام ٢٠٠١ ولمدة (١٢) عاماً، بحجّة ان إماطة اللّثام عنها يُعرّض الأَمن القومي للخطر! فكان الأميركيون يَرَوْن انّها تاجرت بدماءِ ضحايا الهجمات وبمعاناة أُسَرِهم مقابل حفنة من البترودولارات كانت تدفعها الرّياض كرشاوى لعددٍ من مراكز القِوى في واشنطن!.
الّا انّ التّشريع الجديد الذي أقرَّهُ مجلس النوّاب الأميركي والذي أتاح المجال لأُسَرِ ضحايا الهجمات بملاحقة نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية كونهُ متورِّطٌ فيها بشكلٍ مباشر، منح المؤسسة الحاكمة وكِلا الحزبَين بعض المصداقيّة في جهودهِم التي يتحدّثون عنها والرّامية لمحاربةِ الارهاب.
فلأوّل مرّة يُسمّي تشريعٌ بهذا المستوى منبع الارهاب وحاضنتهُ الاساسيّة وأَقصد بها نظام (آل سَعود) وهو مؤشّر واضح على انّ العلاقة الثنائيّة بين واشنطن والرّياض دشّنت مرحلةً جديدةً تتّسم بالتّدهور وانعدامِ الثّقة، والذي يُشيرُ من جانبٍ آخر الى انّنا مُقبلونَ على مرحلةٍ من كشف الفضائح والعلاقة العضويّة التّوأميّة السِّياميّة الحميمة بين الارهاب ونظام القبيلة الفاسد فصلاً عن الحزب الوهابي الذي يُمثّل بالنّسبة لكلّ الجماعات الارهابيّة بمختلف مسمّياتها المُلهِم المباشر لها على صعيد العقيدةِ الفاسدةِ!.
*تاسيساً على ذلك فانّ كلا الحزبَين الجمهوري والديمقراطي سيوظّفان التّشريع لصالحهِما في الحملات الانتخابيّة الحاليّة في إطار السّباق الرِّئاسي المحموم! اذ لا يجرؤ احدٌ الآن التّشكيك او التّقليل من قيمة التّشريع لانّ مثل ذلك يعتبرهُ الأميركيون استهانةً بدماءِ ضحاياهم الذين قضَوا جرّاء الهجمات الارهابيّة (السَّعوديّة) التي تعرّضت لها بلادهُم في الحادي عشر من أيلول عام ٢٠٠١ وكذلك إِستهانةً بمعاناةِ أُسرِهم!.
*من جهتِها ستفتح المحاكم الاميركيّة أَبوابها على مِصراعَيها لتلقّي الشّكاوى القضائيّة التي ستتقدَّم بها أُسر الضّحايا، الامر الذي يعني انّ نظام (آل سَعود) أَصبح اليوم في مهبِّ الرّيح، اذ ستتمّ ملاحقتهُ وتجريمهُ في قضايا إِرهابيّة عدّة، ولذلك فليسَ بامكانهِ أَبداً إقناع أحدٍ ببراءتهِ وانّهُ لا علاقةَ لهُ بالارهابِ العالمي.
ستُميط المحاكم الاميركيّة الى جانبِ عددٍ كبيرٍ من مكاتب المُحاماة في نيويورك وواشنطن والتي بدأت في تهيئة الملفّات بهذا الشَّأن لتقديمها للقضاء كوكلاء عن المُشتَكين (أُسر الضّحايا) في الوقت المناسب، اللّثام عن الكثير من الأسرار بهذا الشّأن، اذ سيطّلع الرّأي العام من الآن فصاعداً على كلّ ما يتعلّق بالارهاب ومصادر تمويلهُ ودعمهُ، كما سيطّلع على أَسماء المؤسّسات والأُمراء والشّخصيّات، خاصَّةً فُقهاء التّكفير، التي ظلّت تحتضن وتدعم جماعات العُنف والارهاب بالفتوى والمال والاعلام.
سيطّلع العالم على تفاصيل مُذهلةٍ عن علاقة نظام القبيلة الفاسد والحزب الوهابي بالارهاب! والتي ظلّت خافيةً عَنْهُ طوال عقودٍ من الزّمن بسبب النّفاق الدّولي الذي ظلّ يوظّف الارهاب في السّياسة الدّولية كأداةٍ من أَدواتِها القذِرة!.
*لا يختلف إِثنان على انّ الحرب على الارهاب التي يقودها التّحالف الدولي بقيادة واشنطن وبالتعاون المباشر مع موسكو، دخلت مرحلةً جديدةً سواء في العراق أَو سوريا أَو في بقيّة المناطق التي ينشط فيها الارهاب بشكلٍ واسع.
ولقد قدّم التّشريع الجديد الدّعم والغطاء (القانوني) و (القضائي) اللّازم لِهذهِ الحرب عندما سمّى الرّياض بشكلٍ رسميٍّ كمنبعٍ ومصدرٍ أساس لهذا الارهاب فضلاً عن الحزب الوهابي كمُلهم لجماعات العُنف والارهاب.
ولذلك بدأت عدّة دُول إقليميّة تغيّر من إِتجاهاتها بشأن الموقف من الحرب على الارهاب، وعلى رأسِها تركيا! فبينما ظلّت في الفترة الماضية وعلى مدى (٥) أعوام تُمثّل الممرّ الآمن للارهابيّين الذين يتجمّعون من مختلف دولِ العالم في أنقرة لتلقّي التّدريب والتّنظيم والدّعم اللّوجستي والمالي قبل الانتقال الى العراق وسوريا، وبعد ان ظلّت طُوال تلك الفترة العرّاب الأساس والأهمّ للارهاب (السَّعودي) اذا بها تُصرّح اليوم وعلى لسانِ رئيسها من انّ واجبها هو القضاء على الارهاب في سوريا والمساعدة على تحقيق ذلك في العراق تحديداً! فضلاً عن انّها بدأت تدريجيّاً تفكّ إِرتباطها بالرّياض التي ورّطتها بالارهاب فَوْقَ طاقتِها! ما تسبّب لها بأزماتٍ مع جيرانِها وفي الدّاخل ما أنتج عزلتها، كانت في غنىً عنها لو تعاملت مع أَجندات نظام القبيلة الارهابيّة بعقلانيَّةٍ أَكثر ولو انّها كانت قد أَخذت بنظرِ الاعتبار مصالحها القوميّة بشكلٍ أَكثر واقعيّة!.
على كلِّ حال، هي الآن تُعيد النّظر في مواقفِها رغماً عنها أَو طواعية لا فرق فالنّتيجة واحدة! فالمُهم ان تفكَّ ارتباطها بالارهاب (السَّعودي) قبل فوات الاوان ولم تعد تُمثّل حصان طروادة لهُ سواء في الْعِراقِ أَو في سوريا كما كانت عليهِ طُوال السَّنوات الخمس الماضية!
مقالات اخرى للكاتب