لم يحظ العرب بنوبل الادب الا مرة واحدة وقد كانت من نصيب نجيب محفوظ بجدارة. ولم يحظ العرب بنوبل العلوم الا مرة واحدة وقد كانت وبجدارة من نصيب احمد زويل. في الادب لدينا مئات من الروائيين والشعراء ممن لا يقلون جدارة عن نجيب محفوظ، وفي العلوم لدينا المئات من العلماء ميادين الطب والهندسة والكيمياء وسواها من مفردات العلوم الاخرى ممن لا يقلون عن احمد زويل الكيميائي الذي استحق عن كفاءة هذه الجائزة العالمية السنوية.الاثنان قد رحلا وتركا لنا ارثاً ادبياً وعلمياً ومكانة نفتخر بها نحن العرب مع الاقوام الاخرى، ولكن مقولة من جملة بسيطة قالها احمد زويل تفصح لنا عن مقدار واسع وشاسع من الالم فهو يقول (ان الغرب ليس اذكى منا ولكننا نحارب الناجح حتى يفشل).انها رؤية في الصميم من واقعنا الحضاري والمعرفي فنحن امة لا تحترم مبدعيها ولا تقيم لهم وزناً بل وتتم محاربتهم وتسفيه نتائجهم المعرفي وخلق عشرات المطبات في مسيرتهم الحياتية والابداعية لكي ينسحبوا من الحياة الى زوايا بيوتهم لاعنين اليوم الذي ولدوا فيه!.الحكومات هي المسؤولة. نعم فهي لم تهيئ لهم ورش العمل والحياة الكفيلة بتحقيق ابسط متطلباتهم، فلا مختبرات ولا مراكز للبحوث تعنى بهم وهي ان وجدت على استيحاء فبلا ميزانيات مالية كفيلة بتلبية المكننة التي هم بحاجة اليها لاستكمال بحوثهم ومنجزاتهم.ترى كم عدد الاطباء العرب الذين يعلمون خارج بلدانهم ويتمرسون في اداء واجباتهم في مشافي الغرب الاوربي بعد ان عجزوا عن تحقيق ما يسبتفونه في بلادهم العربية، وقس على ذلك من الكوادر الهندسية والفلكية والقانونية والادبية وسواها ممن يديرون مؤسسات كبرى في الغرب الاوربي، وابسط ما يمكن ان نتذكره هنا المهندسة العراقية البارعة زها حديد، صاحبة المواقع المعمارية التي لم تقتصر على امريكا وحدها بل تعدت ذلك الى بلدان اوربية عديدة واضعة فيها كل ابداعاتها في ميدان الهندسة المعمارية.نعم ان الغرب ليس اذكى منا كما قال العالم زويل، ولكننا نقتل مبدعينا بالروتين وبالعقد الوظيفية الطارئة والامعان في اذلالهم حين يتسيد عليهم اناس اميون جهلة لا يفقهون شيئاً ولا يعرفون الا ملء بطونهم بالطعام!ان الدول المتقدمة تصنع في اولى اولوياتها التخصيصات المالية للبحوث العلمية ومختبراتها ومبانيها واجهزتها التقنية، ربما قبل مفردات حياتية اخرى من الضرورة بمكان، لان البحث العلمي هو الكفيل بتحقيق متطلبات الحاضر والمستقبل في ميادين العلوم المختلفة.متى نعي ذلك؟ والى متى يتطافر مبدعونا الى خارج الحدود، بحثاً عن مأوى ومسكن ومختبر وورشة عمل؟، وهل سنبقى كذلك حتى تفرغ جامعاتنا ومؤسساتنا من الكوادر ذات التخصصات العليا، فنصبح عاجزين عن الالتحاق بركب الحضارة؟.
مقالات اخرى للكاتب