ان من يظن او يتوقع ان الحكومة سوف تضع الحلول لكل شيء فهو واهم وخاطئ ، و من يظن ان الشروط والطلبات التفاوضية المبالغ فيها في تشكيل الحكومة سوف تتحقق فهو واهم وخاطئ ايضا، ولكن هناك اصلاحات عامه يمكن تحقيقها، فالحديث عن الفضائين بين تاكيد وانكار، والحديث عن محاربة الفساد، والحديث عن بناء الدولة الديمقراطية والتحول نحو اللامركزية ضمن برنامج الحكومة بحاجة الى التنمية الشاملة.
و نجاح التنمية سياسية كانت ام عامه يستلزم وجود رغبة في ذلك مع وجود تخطيط تسبقه تعبئة جماهيرية باتجاه تحقيقها، وهو ما يتطلب من القوى السلطوية الأخذ بزمام المبادرة لتحقيق ذلك، وتقع النخبة السياسية في صميم هذه القوى لتعزيز مبدا الشفافية والنزاهة في المرحلة القادمة وجعلها من الاولويات الحتميه كونهما الوصفة السحريه لعلاج امراض المواطنة واعادة انصهار كافة اطياف المجتمع في بودقة المواطنة. والتعزيز لا يعني تشريع القوانين والعقوبات او انشاء الهيئات التفتيشيه بل يعني اشراك المواطن ليكون شاهدا على كل شيء وكذلك جعل المواطن القاضي والحكم والمحاسب والمدقق لاعمال الحكومة والمسؤولين .
السؤال كيف يمكن هذا ؟ الجواب على ذلك ببساطه مطلقه حينما يفهم المواطن ماذا تعمل الحكومة او ماذا يعمل المسؤول التنفيذي ، وكيف يعمل المسؤول التشريعي، ولن يفهم المواطن ذلك بدون المشاركة الجماهيرية الحقيقية التي هي بحاجة الى اجراءات وآليات المشاركة مثل دليل المواطن للموازنة العامة الذي يعد باسلوب سهل بسيط يهدف الى زيادة التوعيه للمواطنين بمكونات الموازنة لبلدهم والتعرف على التطورات التي تطرأ عليها بين عام واخر من خلال احتوائه على تعريف الموازنة العامة وأهم إنجازات الحكومة في العام الماضي وأبرز التطورات الإقتصادية والمالية وأهم الملامح والمستجدات في موازنة العام القادم ، وكذلك يتضمن الدليل عدة مواضيع حول الانفاق والاقتراض الحكومي ودور المواطن في المحافظة على الممتلكات وتنفيذ الموازنة.
وقد يسئل احد القراء الكرام لماذا الموازنه :- لانها تعني خطة الحكومة لسنة مالية مقبلة لتحقيق الاهداف الوطنية المنشودة ضمن اطار مالي متوسط المدى ، ولذلك تسعى الدول المتحضرة دائما الى حفظ ماء وجها امام مواطنيها من خلال اطلاعهم على ماذا يفعلون، بأصدارهم دليل المواطن لتنفيذ الموازنة العامة بمستويات مختلفه فتجد دليل المواطن على الموازنة العامه للبلد، ثم على مستوى موازنة اقليم ، ثم على موازنة محافظة ، ثم على مستوى موازنة قضاء ، ثم على مستوى موازنة ناحية . هذا سوف يوفر التالي :-
اطلاع المواطن على المبالغ المالية التي تحصلها الدولة (الايرادات) والمبالغ التي تنفقها (النفقات) .
اطلاع المواطن على صرفيات الدولة والموقف المالي للموازنه (وفرة الموازنة)، (عجز الموازنة) وفي هذه الحالة تحتاج الحكومة للاقتراض لتنفيذ برامجها .
اطلاع المواطن على الجهة المنفذه للبرامج والمشاريع (وزارة مركزية ام حكومه محلية) بتفاصيل القطاعات والارقام .
اطلاع المواطن على البرامج والخدمات لجميع المؤسسات.
تثقيف المواطن على فهم حقوقه المنصوص عليها دستوريا وقانونيا او إدراك مسؤوليته في محاسبة الحكومة.
تحصين المواطن من خطر السذاجه الانتخابية وتصديق الوعود الكاذبة .
صيانة الحكومات من التشكيك بالسمعة والنزاهة .
تحديد مسؤولية الجهات المقصره ، فليس من المعقول ان تتحمل الحكومات المحلية تقصير الحكومه المركزية او العكس .
رسالة الى المسؤول التنفيذي انك امام منظار المواطنين في انجاز عملك .
رسالة الى المسؤول التشريعي انك امام مجهر المواطن عند القيام بمساءلة ومتابعة عمل الحكومه .
و من الذكاء التفاوضي للكتل السياسيه وخاصة في مجال طلبات جماهيرها ان تكون ضمن سقوف الموازنة العامه حتى يمكن تنفيذها ، لان من غير المعقول ان تنفق الكتل السياسية من جيبها الخاص على هذه المشاريع ، وكذلك من الذكاء القيادي جعل المواطن شاهد حي على انجازات و اخفاقات الحكومة و المسؤولين ، ولكن يكون المواطن شاهد حي اذا لم يفهم وعلى المكشوف.
مقالات اخرى للكاتب