خرق أمني جديد، كان منتظرا ليس لأن لدينا معلومات، ولكن لأنها حلقة مفرغة من هدوء قلق، فتصعيد سياسي، فترقّب، ثم خرق أمني هنا أو هناك عبر خارطة الفوضى العراقية.
وفي اليوم التالي سيكون هناك دائماً كما في كل مرّة تصريحات رسمية تتهم فلول البعث وارهابيي القاعدة وتتحدث عن خيوط تم الوصول اليها ومعلومات أولية تقود لمعرفة الجناة وفي ذات اليوم التالي سنجد المنافسين السياسيين أو قل الأعداء السياسيين للمالكي من داخل التحالف الوطني وخارجه يحمّلون الجهات الأمنية المسؤولية ويطالبون بمحاسبة المقصرين، ونجد الصحف تغص بالتصريحات والتصريحات المضادة وبالمقالات التي تنعى الضحايا وتبكي حال العراق وتتساءل وماذا بعد؟.
ولكن جذر المشكلة بالاضافة للتدخل الخارجي المحرّض والمموّل والمنسّق (خدمة لأهداف تلك الجهات الخارجية) جذر المشكلة أن ناسا في العراق لا يطيقون ناساً آخرين وأن هناك من ينحط بالعداوة الى درجة القتل العشوائي الانتقامي الأعمى. وحتى هؤلاء المنفذين والقتلة أرى أن كثيرا منهم يتحركون وفق دوافع ليست بالعقائدية بقدر ما هي انحطاط انساني يصوّر لهم ما يقومون به جهاداً أو نضالا ً والحقيقة أنهم يقتلون من أجل المال وتنفيساً عن أحقاد.
والأقلمة ربّما تكون حلا بمعنى أن لسلطات الإقليم القدرة على التشريع والتنفيذ والادارة بحرية أكبر داخل إقليمها إلا أن مشكلتنا أن الأقلمة كنظام إداري تحتاج إلى نضج سياسي وإداري وكوادر نزيهة، والمشكلة التي تواجهنا لتطبيق الأقلمة أن (الاسلام السياسي) المسلح هو المسيطر على الأرض في الاقليم الشيعي المفترض والاقليم السنّي المفترض، أي أننا سنواجه أقاليم خانقة ستزداد الجهات المتشددة فيها تشددا، والمتطرفة تطرفاً حتى أن سيطرتها على الأمور ستخلق ضحايا جددا من نوع آخر.
الايجابية في الأقلمة من وجهة النظر الأمنية هي إبعاد (المتكارهين) و(المتحاقدين) عن بعضهم البعض، ولكن هؤلاء سيبحثون عن الاحتكاك وهناك مناطق كبيرة هي مناطق احتكاك واختلاط ستكون أرض معركة لا محالة.
مشكلتنا في العراق اننا نواجه جيوشا من مجرمين متخلّفين قتلة متطرفين ونواجههم بساسة متناحرين، كثير منهم تافهون متخلفون همهم المغانم وشغلهم المكاسب بل ومنهم الضالعون، نواجههم بقانون يرتجف و دولة هزيلة منخورة مريضة.
بلد يستفز بعضه بعضا ووصلت درجة الاختلاف والتناقض في رؤى وممارسات سياسييه ومكوّناته حدا مخيفا مريعا، انه بلد بحاجة لثورة، ثورة ثقافية وثورة اداريّة، ولكن الثورة بمن وكيف وكلّ يغني على ليلاه.
لكل الجهات الرسمية التي تختلق التبريرات، نعم منكم من يجتهد ومنكم المخلص، ولكن الحصيلة فشل ذريع وفراغ مخيف أنتم فاشلون.
لكل الجهات السياسية التي (باعت شرفا) على الشعب وهي تذم الحكومة وتنتقد سوء الأحوال أنتم مدّعون ومزايدون.
أيها السادة، الطاقم السياسي كلّه حكومة ومعارضة وأولئك الذين يضعون يداً في طبق الحكومة ورجلاً في منبر المعارضة، كلّكم فاشلون لأنكم جزء من عملّية فاشلة أيها السادة لا أحد أشرف من أحد، ولا أحد أفضل من الآخر، لأنكم لو استلمتم المقاليد لمارستم ذات الممارسات (وتمارسونها في جزر السلطة التي تسيطرون عليها).
العراق بحاجة الى عملية تغيير حقيقيّة لا يريد كل الأكلة على هذه القصعة السياسية الحالية أن تتم أو تجري أو تتحقق إلا من خلالهم هم كحزب البعث من ناحية (ألعب أو أخرّب الملعب).
التغيير قادم، كل فشل في الثنائية الحالية (الحكم – المعارضة) يمد المغيّرين بمشروع عضو ومشروع مساهم، ولكن الطريق لا يزال طويلاً وامام العراق الكثير من الخسائر والكثير من المآسي والتضحيات ليبدأ في التعافي.
مقالات اخرى للكاتب