إن تخفيف او حلق شوارب قادة حزب "الدعوة الاسلامي" أصبحت ظاهرة لا تخطئها عين المراقب. ولا ندري السر وراء ازدراء عدد من قادة حزب الدعوة لشواربهم خاصة في السنوات الاخيرة وقرب موعد الانتخابات البرلمانية . هل هي جزء من الحملة الانتخابية ؟. أم الاستعداد لولاية ثالثة ؟.
ويبدو أن التعديل في شكل الشارب أصبح أمرًا واقعًا أكثر من كونه موضة مؤقتة؛ وقد يخلق بعض الصعوبات الأمنية لمن يريد مطابقة صورة الشخص في الهوية على صورته في الواقع. ويرى بعض العراقيين ان قادة حزب الدعوة هم من هواة التغيير الاسبوعي. فيمكن أن توضع له أكثر من صورة في بطاقة الهوية بأشكال متعددة للشارب وللدقن وللعوارض. لأن "التغيير" في شكل الشارب يعتبر قضية مهمة تتطلبها الحياة الحديثة ومتابعة القنوات والظهور بمظهر المثقف الواعي!؛ ومن المنطقي أن يتجاوب الجميع معها بأريحية!.
ولكن عند النظر في أسباب إقبال قادة حزب الدعوة الاسلامي بشراهة على التخلص من شواربهم بجزّها ورميها في الزبالة ؛ فإننا يمكن أن نفهم سبب ذلك عند المراهقيين بفعل التغييرات وتتبع الموضات والتقليعات الجديدة، ولكن السؤال عن الأشخاص من كبار السن مثل ابراهيم الجعفري ونوري المالكي وخالد العطية وكمال الساعدي وياسين مجيد وعلي الاديب ووليد الحلي وعدنان الاسدي وحيدر العبادي وغيرهم من الخط الاول والثاني والثالث من كوادر حزب الدعوة ؛ كيف استطاعوا التخلي عن شواربهم العريقة بكل بساطة؟ .هل هي من مباهج الحياة الجديدة ؟. ام متطلبات الدعاية الانتخابية؟. أو محاولة اقناع انفسهم ان حلاقة شواربهم او تخفيفها سيرجعون الى عمر الشباب على غرار شعر ابو العتاهية " فَيا لَيتَ الشَبابَ يَعودُ يَوماً ...فَأُخبِرُهُ بِما صَنَعَ المَشيبُ" .ام هي نشوة المليارات وخزائن الذهب وكراسي السلطة التي جاءت اليهم من سرقة المال العام وبيع العراق بثمن بخس .
وهناك من يقول ان سبب تخفيف شوارب هؤلاء المسؤولين هو بطلب من زوجات المثنى والثلاث والرباع ومعها زواج "المتعة" !. لان شواربهم قبل تخفيفها او حلاقتها "نمرة صفر" كانت لكثة ومنغصة لهن ، ولهذا كان التخلص من الشوارب امرا بسيطا لم يحتاج الى " حوار وطني" او " تخطيط "اوالتوقيع على "وثيقة شرف" أو زيارات لامريكا وايران !.
وقد تقبل مجلس الوزراء ومجلس النواب والشعب العراقي هذا التغيير في اشكال وجوه قادة حزب الدعوة وبتلقائية عجيبة !، ربما يضاف الى ذلك سبب جوهري هو الرغبة في " التخلص" من الماضي عندما كانوا في ايران ودول الشتات وهو ماض كشف عن بؤس الحياة التي كانوا يعيشونها ، وحلق الشوارب أو تخفيفها كلها بسبب النقلة التي انتشلت هؤلاء من ماضيهم التعيس هو ثمن احتلال العراق وما اصابه من تداعيات ، هذه النقلة الاقتصادية السياسية السريعة جعلتهم يتذكرون ماضي شواربهم ولايريدون الارتباط به .
وكما نعرف ان للشارب "قيمة" في المجتمع وكان الشخص الذي يحلق شاربه في العراق لايجد الارتياح من الناس ، عكس المجتمع الغربي فالشخص الذي لديه شارب "ثخين" مفتول من الطرفين او نازل كالرقم (8) مثل شارب "حسن السنيد " يعتبر من اصحاب "القبضة الضعيفة" . ولكن شارب السنيد تطور واصبح منفرجا بزاوية 45 درجة ويجتهد بصبغته السوداء والبيضاء ، والحلاقون في المنطقة الخضراء اصبحوا خبرة في تخفيف شوارب المسؤولين بل قسم يهوي التقليم او التخفيف دون ان يسأل المسؤول .
وبعد مرور اكثر من عشر سنوات على تربع هؤلاء المسؤولين على صدر الشعب العراقي .نرى هناك اقبال كبير على الفتيات ذوات الشوارب ومطلوبات بشدة في سوق الزواج ! ، تقول احدى الفنانات ان " زوجي يقول لي دائما انه يحبني هكذا بشواربي لان شاربك اشرف وانبل من شوارب بعض مسؤولي العراق الجديد" .
وفي العراق قديما كان حليقو الشوارب قلة . اما اليوم اصبحوا هم "الاغلبية" المطلقة ، طبعا هناك انواع من الشوارب ومن اشهرها الملفوف والمبروم والمربع المحدود الذي جر العالم لحروب دامية !.
وحتى لا تهتز شعرة شارب احدهم لما حصل ويحصل للعراق منذ احتلاله ولحد الان حلقوا شواربهم ؟ .وتذكرت الفنان الخالد محمود المليجي رحمه الله في فيلم "الارض" للمخرج يوسف شاهين .حينما تم القاء القبض عليه حلقت الشرطة شاربه لاذلاله " .لان الرجل كان وما زال عندما يحلف بأغلظ الامور يقول سأحلق شاربي ، ومن العقوبات التي كانت سائدة في عصر المماليك أن السلطان كان يصدر حكما قاسيا على أحد المدنيين فيحلق شاربه أو نصف شاربه. وفي المقابل هناك "سادة وشيوخ" من حزب الدعوة اطلقوا فتوى ان "الشوارب بدعة وكل بدعة حرام" . وتسألوا لماذا لم يذكر ذلك في دستور العراق الجديد ؟ ، اما الاطباء لهم وجهة نظر اخرى هي اطلاق الشوارب لانها تساعد في القضاء على "سرطان البروستات" هذا المرض المنتشر بين قيادات حزب الدعوة اخرهم خالد العطية !، والناخب العراقي يتساءل.. هل ستعود شوارب مسؤولي العراق وخاصة قادة حزب الدعوة الى الظهور مرة اخرى بعد انتخابات 2014 ؟!.
مقالات اخرى للكاتب