العراق تايمز: وكالات.. دريد ثامر
* الدول التي أستقطبت علماءنا تسهم في إفراغه من الكفاءات
* خطة إستراتيجية وطنية لاعادتهم الى الوطن أمر غاية في الأهمية
منذ مدة طويلة والكفاءات العراقية في هرب مستمر خارج البلاد ، ولم تقم أية جهة بالعمل على إعادتهم ، سوى بعض المؤتمرات للتسويق الاعلامي فقط من دون نتائج تذكر، فالعراق اليوم بأمس الحاجة الى تلك الكفاءات العلمية المهاجرة التي تركت وطنها لاسباب مختلفة ، منها مجبرة وأخرى حفاظاً عليهم وعلى عوائلها من القتل أو الاختطاف الذي تعرضوا اليه ، فخسر العراق نتيجة لذلك فرصة للتقدم والازدهار ، بينما أستفادت الدول التي أستضافتهم من خلال خبراتهم في جميع المجالات التي عملوا فيها هناك ، فاصبح من الصعوبة تعويضهم بين لية وضحاها .
فلماذا لا تقوم جميع الجهات المختصة بالعمل الفوري لاعادة هذه الكفاءات العلمية التي ساهمت في خسارة العراق سنين طويلة ؟ وكيف السبيل إلى إيقافها وهي مستمرة حتى الان ؟ وهل توجد مميزات وحوافز للكفاءات العلمية من أجل زيادة رغبتهم للعودة الى أحضان الوطن ؟ .
العراق بحاجة اليهم
قال المواطن بهاء حسام محمد ( موظف ) : ان العراق ما زال بحاجة كبيرة الى مختلف الكفاءات العلمية التي هاجرت منذ سنوات طويلة وتركت وطنها العزيز مجبرة أو هرباً من الموت ، وسط حسرتهم وحسرة أسرهم على ما وصلوا اليه ، حين تعرضوا الى شتى أنواع التهديد والقتل ، خصوصاً تلك الكفاءات العملية النادرة لدى بعض البلدان في العالم والتي يحتاجها بلادهم على المدى الطويل ، فأصبح من العسير تعويضهم ، مع هذه الفراغ الذي تركوه وأتجهوا الى بلدان ، ولكنه لا يستطيع أن يحصل على عالم كيمياوي أو فيزياوي صرفت عليه الدولة ملايين الدولارات وسنين عديدة ، وبسبب بعض الجهلة والقتلة نفقدهم بهذه السهولة ليستفاد منهم غيرنا .
إفراغ البلاد منهم
وأضافت المواطنة زينب كاظم حسن ( ماجستير إدارة وإقتصاد ) إن الكفاءات العراقية قد توزعت في كل أنحاء العالم حسب إختصاصها العلمي ، فالعلماء إختطفتهم بعض الدول التي تبحث عن مثل هذا الصيد الثمين من دون مقابل ، لانهم مع دول أخرى يقومون بالتعاقد معها وفق شروط وبنود تنفع من تعطيهم خبراتها وعلمائهم لسنين طويلة ، حين يجوبون العالم بحثاً عن تلك الكفاءات لضمها الى مجاميعهم العلمية لكي يستفيدوا منها ، أما نحن ، فساهمت تلك الدول التي إستقطبت علماءنا بافراغه من الكفاءات والحقتهم لديها مقابل تقديم جميع الاغراءات والحوافز المادية والمعاشية لهم مع السكن اللائق والجنسية التابعة لذلك البلد وتقدير كفائتهم ومعاملاتهم باحترام ، بعد أن فقدوه في بلدهم للشهادة العلمية التي يحملونها.
كافة الخدمات لهم
وأشار المواطن ياسين علي داود ( أستاذ جامعي ) الى إن هناك أشياء كثيرة يجب أن تتخذ من الجهات المختصة لكي تعود الكفاءات الى الوطن ، وفي مقدمتها تهيئة سكن لائق لهم قريب من وسط البلد مع جميع الخدمات ، كي لا يبحثوا عن سكن مناسب لهم طيلة أشهر مقابل مبالغ خيالية ، ربما تفوق مقدرتهم على تسديد مبالغه ، وتعيين العائدين منهم فوراً في كل إختصاص من دون تأخيرهم وفق روتين مقيت ومعاملات قد تطول إلى مدى غير قصيرة مع تهيئة كل مستلزمات العمل التي تتطلبها الكفاءات ، إذ ليس من المعقول وضع عالم فيزياوي مثلاً في وزارة التربية أو التعليم أو في دائرة خدمية تعنى بتلبيط الشوارع ، فعملية تذليل كل الصعاب أمام عودة الكفاءات ، مسألة في غاية الاهمية ، اذا كنا نحب العراق وشعبه ونريد أن يرتقي الى مصافي الدول العالمية التي أرتقت بفضل علمائها ومبدعيها في كافة الاختصاصات ، وهذا يكون من خلال تهيئة عدد من الاشخاص لكي يقومون باكمال معاملة العائدين وإستكمال جوزات سفرهم وأمور إعادتهم للخدمة ، لان تركهم يقومون بهذه المهام أمر صعب للغاية ، يمكن أن يسبب إحباطاً لهم ، ونعطي لهم الفرصة في الهرب مرة ثانية ، بعد أن يجدوا هذه الطوابير تقف أمام الدوائر منذ الصباح حتى المساء ، والوزارة المعنية لا تكلف نفسها بارسال مندوبين عنها لتكملتها.
الجهود مطلوبة
وأكدت المواطنة مها سعيد وائل ( موظفة ) : إن عودة الكفاءات تتطلب جهودا كثيرة وأسسا صحيحة في التعامل معهم وأحترام شهادتهم ، فالامن والامان وضمان حقوق الكفاءة عند عودتها وإعطائها بعض الامتيازات والحوافز المادية والمعنوية وعدم زج تلك الكفاءات في الامور الادارية أو الحسابية ، والتركيز على عدم إغفال تعيين من بدرجة (برفسور) في مديرية يديرها مدير عام يحمل شهادة إعدادية أو البكالوريوس مثلاً ، سوف يؤدي الى شعوره بعدم الارتياح في عمله وهو يشاهد أنهم يقللون منه مع أناس لا يفقهون شيئاً في كل الامور ، ويجب عليهم إحترام الاختصاص وتهيئة المستلزمات لعمل صاحب الاختصاص في محل عمله ، لغرض إفادة مجاميع الطلاب من خبرات تلك الكفاءات ، لكي نحصل على أكثر من كفاءة في مجالات عدة.
إصطدام الكفاءات بواقعنا
وتسائل المواطن حميد جاسم كريم ( بكالوريوس آداب ) بقوله ، اذا أردنا حقاً عودة جميع الكفاءات الى أرض الوطن ، فيجب علينا تهيئة كل أماكن دوامها وعملها ، لان الواقع الذي نعيشه من قلة خدمات وصعوبة المعيشة وغيرها من الامور ، تجعل هذه العملية مهمة جداً في سبيل عدم إصطدام الكفاءات عند عودتها وعملها في الدوائرة ، لتجد الفساد وسرقة المال العام والتزوير والرشا والمحسوبية ، والتي تجعلهم يهاجرون من دون تفكير ولو لحظة واحدة وهم يشاهدون إنتشار هذه الافات التي تنخر في أي بلد تدخل به.
مسك الختام
تحديد الإجراءات لمعالجة هذا النوع من الهجرة ليست بالامر السهل يمكن تنفيذه ، إذ باتت تتسم بالتعقيد الكبير، مع تسارع التطور الاقتصادي والتكنولوجي في ظل إتجاهات العولمة ، لان غالبية الدول لم تفلح في إستقطاب كفاءاتها المهاجرة إلا في حدود ضيقة ، إما في العراق فاصبحت هذه الظاهرة خارج السيطرة ، ولا يمكن أيقافها ، لهذا يجب على أقل تقدير تخفيف وتيرتها والاحتفاظ بالكفاءات التي لم تهاجر حتى الان ، ووضع خطط إستراتيجية وطنية على إستقطاب البقية منهم على المدى المتوسط والبعيد واذا لم نستطع ، فيمكننا أن نستفاد منهم في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتطور التكنولوجي وهي في بلدان المهجر ، لذلك ينبغي عمله هو رسم سياسة لاستثمار الموارد البشرية ، في إطار خطة تنموية محكمة مع الاهتمام بالضمانات والخدمات والحقوق الاجتماعية في إطار تشريعي متطور وشامل يشعر معه المواطنون ، أنهم يعيشون في مجتمع مدني مركز الجذب فيه الإنسان ، فنجاح كبح ظاهرة الهجرة يعتمد إلى حد كبير على الإجراءات لتقدير ومكافأة المثقفين والمهنيين والخبراء التقنيين من ذوي التأهيل العالي ، حيث يفقد البلد الذي يخسر كفائاته ملايين الدولارات التي أنفقتها جراء تعليمهم طيلة السنوات التي قضوها في بلدهم ، فاستمرار إستنزاف هذه القدرات لا يسهم في تعويض غيرهم لتطوير كفاءة القوى العاملة الباقية في البلاد والمساهمة في تطوير بدائل ولو جزئياً للكفاءات المهاجرة التي رحلت عنها.
المصدر: بغداد الاخبارية