العراق تايمز / أكثر من مليون سيارة مستعملة ومئات ألوف السيارات الجديدة تجوب شوارع بغداد بعد التغيير عام 2003. هذا التدفق الضخم والعشوائي للسيارات إلى العراق وخاصة إلى العاصمة، حيث حركة المرور لا تعرف القواعد أو اللوائح، احدث إرباكا في شوارعها وزاد من تلوث البيئة فيها.
كون ان مدينة بـ 7 ملايين نسمة يشكل الزحام فيها إحدى اكبر مشاكل التي تواجه سكان العاصمة يوميا، في مدينة تعانق أكياس النفايات فيها الأسلاك الشائكة، وتختفي ملامح الرصيف عن الشارع لمصلحة البسطيات والشركات التركية التي قررت قلعه مجددا، تكثر الحفريات وبرك المياه ، وإغلاق الشوارع بالصخور الكونكريتية.
ان طرق بغداد لم تتغير منذ عقود، بل زادت ضيقاً وإهمالاً، وانحشرت السيارات مع بعضها في علاقة حميمية تتمنّاها لقادة السياسة ونواب الشعب.
في وسط العاصمة بغداد تستغرق الرحلة في هذه المنطقة ساعات لقطع مسافة لا تتجاوز بضع مئات من الأمتار، وهذا ما نتج عنه يأس راكبو سيارات النقل العام من الانتظار الطويل وغالبا ما يكون الانتظار بسبب نقاط التفتيش مما عل أغلبهم يقررون تكملة مشوارهم على الأقدام.
ويعد هذا الزحام المختنق مشكلة كبيرة عند أصحاب محال البناء والورش الصغيرة والتي تعتمد على النقل اليومي أو الفوري لبضائع زبائنها.
بعض العراقيون وجدوا حل لهذه المشكلة في الدراجة النارية المتصلة بعربة نقل صغيرة وسريعة، يطلق عليها تسمية (الستوتة) وهي تستخدم لنقل البضائع و المسافرين أحيانا.
وبما ان مصائب قوم عند قوم فوائد فان زحام الشوارع أصبح مصدر رزق للباعة المتجولين والذين ينتشرون بكثرة أثناء الزحام.
وتشير التقديرات الى ان سكان العاصمة يقضون ما معدله أربع ساعات يوميا في الزحام، فيما تنذر ظواهر اخرى تنتشر مع الزحام اخطارا كبيرة قد تهدد سلامة الناس وهي انتشار سيارات نقل النفط واسطوانات الغاز هي في الغالب سيارات نقل صغيرة لا تستوفي شروط الأمن والسلامة.
ورغم دخول سيارات النقل الحديثة لكن كثيرا من العراقيين ما زالوا يفضلون عربة النقل الكبيرة من شركة مرسيدس بنز والتي يطلق عليها العراقيون تسمية (الاقجم) بسبب هيئة مقدمة السيارة.
يلاحظ ان الطلب على الدراجات النارية وخاصة الصغيرة منها، زاد بكثرة في السنوات الاخيرة وأصبحت تستخدم أيضا لنقل البضائع الصغيرة ونقل الركاب.
فيما يعتبر البعض أن النقل النهري هي وسيلة نقل طالما لجأ إليها البغداديون للحد من مشكلة الزحام.
فيما يشير البعض الاخر الى عربات النقل التي تجرها الحيوانات والتي انتشرت من جديد في العاصمة، خاصة في الأحياء الشعبية، لسرعة التنقل بهذه الطريقة ولقلة التكلفة
الا ان واقع الحال يؤكد ان نقاط التفتيش الأمنية في شوارع العاصمة زاد من محنة الزحام فيها، وان ضرورات السلامة والأمن تجعل حياة سكان العاصمة مملة وصعبة.
وقد حذر حسن مسلم، مدير قسم السيطرة على الأمراض الانتقالية من خطورة تزايد معدلات التسمم بسبب انطلاق مادة الرصاص الثقيلة الصادرة عن عوادم السيارات.
مسلم يشدد على أن الوقوف لساعات طويلة بالقرب من السيارات التي تبعث "السموم " يشكل تهديدا على صحة الإنسان . مشيرا إلى أن مادة الرصاص ثقيلة جدا وهي تدخل إما عن طريق الاستنشاق أو عن طريق الجهاز الهضمي بشكل مباشر، وخطورتها تكمن في الاستنشاق أو التعرض لها بجرعات قليلة وعلى أوقات طويلة. لافتا إلى أنها تصيب الجهاز الهضمي والعصبي وخصوصا عند الأطفال كما تؤثر على الجهاز التناسلي خصوصا عند الذكور، وعلى النمو الطبيعي عند الأطفال، وأمراض فقر الدم.
وبحسب أرقام صدرت مؤخرا، أكدت أن عدد سكان العاصمة تجاوز الستة ملايين و(700) ألف نسمة، وفقا لنتائج التعداد التي أعلنتها الهيئة العليا للتعداد العام للسكان والمساكن. وقال وزير التخطيط علي يوسف الشكري: إن الأرقام الواردة في نتائج التعداد تعود إلى إجراء إحصاء سكاني تم تنفيذه في عموم البلاد كمرحلة أولى في العام الماضي.
وترجع مديرية المرور العامة هذا الزخم إلى وجود أكثر من مليون مركبة ،حيث يقول مدير العلاقات والإعلام في مديرية المرور العامة في وزارة الداخلية العميد نجم عبد جابر: إن أكثر من مليون مركبة مختلفة الأحجام تجوب شوارع العاصمة.
ويوضح أن عدد السيارات في العراق كان قبل عام 2003 يصل إلى 275 ألف سيارة و"الآن أصبحت أكثر من مليون سيارة من بغداد والمحافظات وهذا العدد كبير جدا ولا يتلاءم والتصميم الأساسي لمدينة بغداد".
وقد اعترف مدير عام الشركة العامة لتجارة السيارات والمكائن عدنان رضا كريم، بان المديرية لا تملك إحصائية لأعداد سيارات الأجرة التي بيعت في عموم العراق، ما يعني أن هناك عددا إضافيا من سيارات التاكسي نزلت إلى الشوارع، المزدحمة أساسا بكميات هائلة من السيارات الخاصة، ومركبات النقل العام والحمل.
ويؤكد كريم "حاولنا وضع آلية استيرادية للسيارات في العراق، ولكن وزارات أخرى دخلت على خط الاستيراد مثل الشركة العامة لصناعة السيارات".
الزحامات المرورية غالبا مايلام عليها شرطي المرور،باعتباره المسؤول عن تنظيم السيارات ."هناك القليل من الوظائف أسوأ من أن تكون شرطي مرور في العراق". يقول ملازم المرور حمزة ،واضاف: " إن رجال المرور عليهم الوقوف في الحرارة اللافحة التي كانت تصل في فصل الصيف إلى أكثر من الخمسين مئوية "، وهم يمتصون أبخرة السيارة، ويؤدون الصلاة على ألا يكون السائق العابس القادم انتحاريا!
يرى بعض عناصر المرور بأنهم لا يستطيعون الوقوف بوجه المواكب الحكومية التي تدهس القانون تحت إطارات سوداء " نصدر غرامات تصل إلى 30 ألف دينار ، ولكن هناك من يتذرع بالهويات الحكومية ويزيد الوضع سوءا ". سيارات المسؤولين والجيش والشرطة وحتى المرور أحيانا لا تلتزم بقواعد السير.
وهذا للاسف ما يشل احلام المواطن العراقي في الاصلاح والتغيير لان الفساد سيطر على جميع مناحي الحياة، حتى في الطرقات!!