قد يبدو للعامة ان المسرح السياسي العراقي والميول النفسي للانتماء للخطوط البيانية السياسية لدى شخصية الفرد العراقي بدأ متأخرا وهذا من الخطأ الكبير بل ان واقع التاريخ السياسي العراقي متجذر منذ بداية التاريخ لكن ضمن مراحل وتوجهات ولكل مرحلة ميول يختلف عن اتجاه المراحل الاخرى .
لكن لو لاحظنا وبدأنا من انطلاق المسيرة السياسية العراقية الحديثة في بداية القرن العشرين. حيث اعتبر المؤرخون ان التاريخ السياسي الحديث لدولة العراق يبدأ من عام
1921 بتأسيس
المملكة العراقية كم ذلك الحين ونحن نرى ان الخارطة السياسية مرت بمراحل قلقة من انقلابات وحملات وحروب وثورات مصنفة وغير مصنفة .
ولو قلبنا في صفحات تأسيس الاحزاب العراقية الليبرالية منها والدكتاتورية والإسلامية والديمقراطية نرى انها تأسست تحت شعارات رنانه وعريضة تحمل على دفتها ... المواطنة والوحدة واحترام الرؤى المعارضة
ودائما ما يستنكرون الاستبداد في الرأي في بداية الاجتماعات التأسيسية الحزبية او الحركية كأسس رئيسية لانطلاق مشروعهم السياسي الجديد ومع مرور الوقت وتطور المشروع والحصول على مكاسب سياسية او شعبية او تطور العلاقات مع الداعم الخارجي وتوسع الصلاحيات تبدأ مرحلة الاستبداد في الخطى القيادية لتلك الاحزاب .
حينها تهب رياح الدعم الخارجي لتتلاطم الامواج السياسية لتدفع بسفن الاحزاب المدعومة الى تنفيذ مصالحها داخل وخارج الحدود.
حيث ان المتابع للأرشيف السياسي على دراية بأن اغلب المشاريع السياسية اعتمدت حين انطلاقها على مفكرين وضعوا الاسس لسيناريوهات قادمة لتلك الاحزاب بطرق سليمة او شبه سليمة لكن اغلب تلك الاحزاب وضعت المفكر المؤسس على رفوف النسيان وسارت بمناهج مغايرة له لتصبح حسب مواصفات ايدلوجية الداعم
ومن المؤسف ان غياب المفكر هو غياب التيار الفكري . ومن المؤسف ايضا ان الاحزاب العراقية تركت التراشق الفكري والمناظرات والتثقيف لمجلدات واطروحات وتنبؤات مفكريهم والتي كان في زمن من الازمنة من الدوافع الرئيسية لثقافة المجتمع لتذهب نحو تراشقات طائفية ومذهبية تحت دوافع سياسية واتهامات ومشادات قد تفيد البعض بتفكك مجتمعي وانحلال فكري وذلك حسب توصيات الممول.
وقد لا يتناسب العبور المرحلي لاتجاه المشاريع السياسية مع تطلعات الواقع النفسي للشعب بنخبته وعامته لان انعكاس افكار الحزب المشارك في المنظومة المجتمعية الفكرية عامة في مرحلة من المراحل المنصرمة على الواقع الفعلي للمجتمع كان واضحا وملموسا ليترتب عليه ميول ثقافي وادبي وسياسي واقتصادي ايضا وباتجاهات عده منها المدني ومنها الاسلامي ومنها اليساري ومنها الخط الوسطي لكن كل المتغيرات المرحلية لأيدلوجيات الاحزاب لم تأتي بالصدفة بل جاءت من مخطط كبير لا يتسع له العقل البسيط المراد منها ان لا يترجل المجتمع بإرادة القرار بل ليبقى متعفن تحت التغييب والتشرد الفكري وتحت انعدام الرؤيا للبسطاء من المجتمع والنخب ايضا .
ولعل سؤالا يخطر في البال .لماذا ابتعدت المشاريع السياسية الجادة عن المناهج الحقيقية التي انبنى عليها الهرم الفعلي للتشكيلات الاولى للأحزاب العراقية ؟ قد تكون الرؤى في الاجابة على هكذا سؤال مختلفة حسب خلفية صاحب الجواب لكن قد لا يختلف اثنان ان الطمع بالمناصب الحزبية او الحكومية والتي قد يصطادها في الاغلب سراق الفرص هو من يغير دائما السلوك العام للحزب الفلاني او الحركة الفلانية.
وغالبا ما تكون المتغيرات مفروضة من اجندة خارجية وهي الممولة ماديا ومنهجيا
هنا نجد ان الشعب هو الضحية الاولى للفكر السيئ لأنه يتأثر بالانبعاثات الحزبية تأثرا ملحوظا ..حينها ينتحر الفكر
مقالات اخرى للكاتب