ابلغ مسؤولون امريكان بعض من دول المنطقه بان القناعه الامريكيه استقرت على ان هناك عجزا غير قابل للمعالجة في استمرار الحكم في العراق على الوضع الحالي . وهذا يمهد الطريق امام التقسيم الناعم وفق العرق او الطائفه ، وبذلك يكون المجال مفتوحا امام تطبيق خطة بايدن ، وان عودة التحالف الدولي لطرد داعش ليحكم سيطرته ويجدد مشروع العوده الى العراق باستحقاقات لوجستيه وسياسيه اقليميه جديده ، من الصعوبة عودة البلاد الى ماقبل داعش ، والاقرار بخيار تقسيم العراق هو الأرجح والحدود الجديده ترسم بالدم ، وهذا يعني بداية طريق معقد يبدأ عند الحدود الفاصله بين الدول الجديده ولا ينتهي عند التنافس والصراع داخل كل واحد من المكونات.
الخلاص من داعش ليس هو النهايه ووضع العراق يواجه هذه المره عوامل الاقتصاد والأمن والسياسه ، فلا يتوقع احدا اياما سهله ، فقد كشفت الأحداث فشلا عراقيا مريعا لم يعد ممكنا تعليقه على مشجب احد ، بلد مفكك يدفع به سياسيوه نحو الهاويه ، القوى السياسيه القابضة على السلطه بعد الاحتلال همشت الاخرين ومزقت الوطن وتقوده سريعا نحو الانهيار ، فلا تدري هل هناك شعب عراقي واحد ام شعوب عراقيه حشرتها خرائط سايكس - بيكو على بقعة ارض واحده ، مصير العراق يتقرر خارج مؤسساته المرتبكه والمتداعيه ومفاتيح القرار لا توجد في مكاتب الرئاسات الثلاث .القيادات الحاليّه تصرف النظر عن المشكلات الكبرى بمعالجة المشكلات الأصغر بطريقه عشائرية وطائفية . فشلت الطبقه السياسيه العراقيه وفشلت القوى الخارجيه التي تدير العراق وفي مقدمتها ايران . اصبحت مفاتيح المصير العراقي موجوده في أيدي رجال متعصبين وموتورين بعضهم لايعرف العالم ولا علاقه له بفكرة الدوله ولا المؤسسات لا يقبلون بالاخر ولا يحتكمون الى الدستور ، المشكله ليست في فشل عراقيين بل في فشل العراق نفسه الذي اصبح اشد خطرا من السابق على نفسه وجيرانه ، اصبحت الدوله مجرد غطاء تستكمل تحته الحروب الأهليه وعمليات الفرز الطائفي ، واصبح العراقيون ابناء قبائلهم ومناطقهم وطوائفهم لا علاقه فعليه تربطهم بمفهوم المواطنه فأصبحت العوده الى العراق الذي كنّا نعرف مستحيله . لم يتعلم احد من مغبة شرور الاقصاء الذي تم على فترات من تاريخ العراق .
في غياب خيال وفكر سياسي حديث وشجاعه وتخل عن الغنائم يستمر الصراع في العراق ، ولو ان الحلول السياسيه والعقلانية لم تقترب بعد في العراق . الحل ليس في حشد الناس وتسليحهم وإطلاق العنان للغرائز بل في اطعامهم وإيجاد فرص عمل لهم ، الصراع مرير وطويل ليس بوجود داعش والمليشيات فقط بل بخروج تنظيمات الى السطح من أحزمة المهمشين حول المدن ، فحكم رجال الدين ليس له مستقبل حقيقي وعدم قدرته على تقديم حلول معيشية للناس عدا تجنيدهم وزجهم في معارك عبثيه ، المشهد العراقي قاتم لن تنقذه المداراه ولا النفاق السياسي ، كل فريق يريد دولته لا الدوله التي تتسع للجميع ، شراهه فضيعه وسياسات متعصبة من كل الاتجاهات ، تسطو المجموعات المسلحه على الدوله كأنها تسطو على قافله غريبه ، ومن الطبيعي ان يقودنا المشهد الحالي الى مزيد من الدماء ومزيد من التشرذم ، حيث ان العراق في ظل التركيبه الحاليّه لا تنميه مرتجاة ولا سياده محققه ولا قياده تخرجه من مأزقه ، وشلال الدم مستمر بالتدفق والفساد يضرب اطنابه والبلد يتشظى ينتظرنا مستقبلا قاتما وبلاءا اشد ...!!
مقالات اخرى للكاتب