في الوقت الذي أدارت فيه حكومة حزب الدعوة ظهرها تماما من مشروع ميناء الفاو الكبير، وجعلت المشروع رهين النسيان شأنه شأن باقي الملفات الحيوية التي تتكلم عن مصلحة العراق، فيما اعتبر البعض أن ملف مشروع الفاو يعد ملف فساد يضاف الى اطنان ملفات الفساد التي أرتبطت بها قيادات من حزب الدعوة وشخصيات مقربة من نوري المالكي وحزبه الحاكم، أو أرتبط بها سياسيون موالون لنوري المالكي بصورة مباشرة.
كشفت مصادر سياسية بصرية عالية المستوى ان الجانب الكويتي شارف على افتتاح ميناء مبارك الذي يصادر حق العراق في التجارة البحرية بمختلف أنواعها ولاسيما النفطية فيما لايزال الصمت مخيما ازاء الامر في العراق.
وذكرت ذات المصادر أمس الاثنين في تصريحات صحفية أن مرحلة فتح باب تقديم العطاءات لإنشاء كاسر الامواج في ميناء الفاو الكبير ما هي الا عقبات تأخير جديدة قد تستغرق فترة لا تقل عن عامين ما يؤدي الى تعطيل انجاز هذا المشروع المهم جدا.
واكدت المصادر على أن هناك تواطؤ من قبل الحكومة المركزية والمحلية في محافظة البصرة مع الجانب الكويتي لطمس الحقائق بهذا الجانب في محاولة لضرب اي مشروع طموح للبصرة وللعراق لتحقيق غايات معروفة للجميع تتمثل بسرقة ثروات البلد وتقاسمها بين الفاسدين.
يأتي هذا في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة النقل، أمس الاثنين، عن استقبالها وفتحها عروضاً قدمتها خمس شركات أجنبية ترغب بتنفيذ مشروع يقضي بإنشاء كاسر (حاجز) أمواج ثان لميناء الفاو الكبير.
وقال وزير النقل هادي العامري خلال مؤتمر صحافي عقده في مطار البصرة الدولي عقب فتح العطاءات الفنية للشركات الخمس بحضور ممثلين عنها، إن «العطاءات الفنية التي قدمتها الشركات الكورية الجنوبية والهولندية واليونانية الخمس سوف يتم تحليلها وتقييمها، وبعد فتح العطاءات المالية في الشهر المقبل سوف نعلن عن الشركة صاحبة العطاء الأفضل والسعر الأنسب تمهيداً للتعاقد معها على تنفيذ مشروع إنشاء كاسر الأمواج الغربي»، مبيناً أن «كاسر الأمواج الغربي يبلغ طوله 16كم ومن المؤمل أن يستغرق المشروع 14 شهراً».
ولااشارة فان مشروع ميناء الفاو الكبير يعد من بين الملفات المسكوت عنها في وسائل الاعلم، وهو ما فسره البعض باوامر بريطانية قد أجبرت المالكي على تدمير المشروع وهو لا يزال في مهده أنعاشا وأستجابة لرغبة بريطانيا بدعم مستعمرتها الصغيرة الكويت في أستكمال مشروعها ميناء مبارك الذي يشرف عليه توني بليز شخصيا لاهميته الاستراتيجية.
ويرى مراقبون ومحللون سياسيون أن الأزمة التي اثيرت مؤخرا حول مشروع ميناء مبارك الكويتي المثير للكثير من علامات الإستفهام والخانق للعراق أقتصاديا، دفع المخطط الرئيسي لهذا المشروع وهي بريطانيا في أقناع نوري المالكي بالبدء فورا بإيهام الخصوم السياسيين والشعب العراقي أنه جاد في إيجاد ميناء بحري وأقتصادي مواز لميناء مبارك الكويتي ومنافس له ومحافظ بدرجة رئيسية لمصالح العراق الإقتصادية وبهذا خصصت أموال ضخمة لتنفيذ مشروع الفاو الكبير وتم إحالة المشروع إلى شركات يديرها أشخاص مقربين من نوري المالكي وحزبه الحاكم والتي أتفقت بأشراف وزارة النقل العراقية مع شركات أجنبية وبدأ العمل الظاهري بالمشروع إلا أن المشروع تم إيقافه بعد أستكمال بناء كاسر الأمواج التي كلف الخزينة العراقية أكثر من 200 مليون يورو، من دون أن تتوفر لدى الحكومة العراقية النية لإستكمال المشروع نهائيا.
وكان رئيس لجنة التنمية الاقتصادية في مجلس محافظة البصرة، محمود طعان المكصوصي، قد قال في تصريحات سابقة "نحن كحكومة محلية في مجلس البصرة وكلجنة اقتصادية تحركنا بجدية حيال هذا المشروع، الذي نعده مشروعا إستراتيجيا كبيرا وعملاقا؛ لا يخص العراق فحسب بل جميع دول المنطقة والعالم لدوره المهم في الحركة التجارية بين آسيا واوروبا".
وبين المكصوصي انه "كان هناك حراك ومتابعة من قبل الحكومة المحلية بعد الاتفاق مع وزير النقل العراقي هادي العامري حول اعطاء ميناء الفاو الكبير فرصة استثمارية والاشراف من قبل حكومة البصرة".
واستدرك المكصوصي، أنه "للأسف الشديد ان هذا المشروع اكتفى بكاسر الامواج ولم يحرك ساكنا بالرغم من انه إستراتيجي وفيه مراحل متعددة"، مؤكداً ان من تلك المراحل "انشاء المنطقة الحرة والمناطق الصناعية وسكك القطار والمشيدات المدنية وانشاء الارصفة والاتصالات".
ولفت المكصوصي إلى اننا "لاحظنا ان المعنيين، وبعد ان قامت الحكومة في البصرة بالتفاوض مع شركات عالمية للقيام بتنفيذ هذا المشروع في مراحله المتعددة، إلا ان هناك سكوتا وغموضا حوله وسواء كان من قبل وزارة النقل ام من قبل المعنيين"، مطالبا "الجهات المعنية في هذا المشروع التعجيل في تنفيذه ليأخذ دوره الحقيقي في تسيير العملية الاقتصادية في العراق والعالم".
وكان بناء الكويت لميناء مبارك باوامر ودعم بريطاني، أثار أزمة كبيرة في الشارع السياسي والبرلماني والشعبي العراقي وتبادل العراق والكويت تصريحات إعلامية أتهامية دون أن تفضي الى نتائج ملموسة بين البلدين، فقررت الكويت المضي قدما في بناء الميناء والذي وصل مؤخرا لمراحل متقدمة جدا من أنجازه، فيما رد العراق بنيته بناء ميناء الفاو الكبير والذي خصصت له مبالغ ضخمة من دون أن يحقق أنجازا مهما حتى اللحظة.
فيما يعد الشيخ إسماعيل مصبح الوائلي رئيس اللجنة الدولية للصحافة والاعلام، واحد أبناء محافظة البصرة أول الشخصيات التي تمكنت في آب عام 2011 من أنتزاع أعتراف كويتي واضح ومباشر بوجود أياد بريطانية تدير وتخطط لمشروع ميناء مبارك الكبير في لقاء مع تلفزيون البغدادية من الناطق الاعلامي لمشروع ميناء مبارك الكويتي بعد أن وضعت المخططات اللازمة له منذ فترة طويلة تمتد لبدايات إقامة هذه الدويلة الصغيرة الموالية بالكامل لبريطانيا.
وكان الوائلي قد اكد على أن لرئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير دور كبير في مشروع مبارك وأنه تم تعيينه لدى الكويت كمنسق ومستشار لإدارة الإقتصاد الكويتي مبينا أن بريطانيا كانت تفكر منذ سنوات طويلة بدعم بناء ميناء الفاو الكبير العراقي ولكن توقف العمل به بعد الإحتلال الأمريكي البريطاني للعراق عام 2003، بعام واحد بعد أن اصطدم البريطانيون بحاجز الرفض الشعبي العارم لهم في العراق، وفشل محمد رضا السيستاني نجل المرجع علي السيستاني الحليف الرئيسي البريطاني في العراق لاستيعاب جماهير جنوب العراق الرافضة للاحتلال واذنابه، فتم أتخاذ قرار بتجميد المشروع وإيقاف أنجازه في العراق. وبقي المشروع أسير الأدراج منذ سنوات عديد حتى تم أخراجه مؤخرا بالتزامن مع بداية عقد عمل توني بلير وأعيد طرحه على الكويت الذي وافق عليه امير الكويت مجبرا ومكرها وبدأت بتنفيذ المشروع.