أخرج الإتفاق النووي إيران من أخطر نفق لنظامها السياسي ودولتها عاشته منذ عشر سنوات أو اكثر ، بل أن بعض الأنظمة السياسية سرعان ماتسقط جراء هذا الحصار ، وليس ماحدث لنا في العراق بعيدا ً عن الذاكرة السياسية .
حصارات متنوعة ومتشددة عاشتها إيران من قبل امريكا وأوربا والأمم المتحدة ، إقتصادية ، تسليحية ، تقنية ، مالية مصرفية ، تجارية ، وفي شؤون الإتصالات والنقل مايجعله حصارا شاملا ً.
قال الرئيس الإيراني حسن روحاني ؛ " كان علينا القبول بهذا الإتفاق لأن العقوبات الإقتصادية أنهكتنا تماما ، نحن جزء من هذا العالم وعلينا إحترام المجتمع الدولي في النهاية .."
بهذه اللغة الواقعية خاطب الرئيس الإيراني شعبه دون ضجيج أو إدعاءات فارغة بالنصر والبطولة ، كما يلجأ الرؤساء العرب في كل هزيمة ...!
نجحت إيران في الخروج بمكتسبات سياسية وإقتصادية وتقنية بعد 22شهرا ً من مفاوضات صعبة ومعقدة مع دهاقنة السياسة الغربيين ومحترفي التفاوض ، نجحت بروح إنتماء الوفد الإيراني لوطنه، فريق متكامل في إيقاع العمل من أجل النجاح ، ولاغرابة ان يتحقق هذا لوفد علمي كل افراده حملة دكتوراه من أرفع جامعات اوربا وامريكا ، وليس من جيل الدمج أو التزوير أو العتاكة والقفاصة من لاجئي " السيدة زينب " كما الذين أضاعوا العراق وأدخلوه في أنفاق لاتنتهي ...!؟
أحرزت إيران أكثر من نصف النجاح ، تحقق لها رفع الحصار الإقتصادي والخروج من البند السابع وتحرير اموالها وحرية التجارة مع احتفاظها ب 6000جهاز طرد مركزي ، لأغراض سلمية وإنتاج الطاقة ، لقاء توقف برنامجها النووي بإنتاج السلاح النووي والصواريخ الحاملة رؤوس نووية ، ومنع تسليحها أو انتاجها للصواريخ حاملة الرؤوس النووية ، إضافة الى زيارة مواقعها العسكرية بعد إجراءات أخذ الموافقات الأصولية من الطرف الإيراني .
اعتقد ان الذكاء السياسي الإيراني أستحضر التاريخ القريب ومشروع التفوق التاريخي الهائل لليابان الذي تجلى في تفاوضها مع امريكا عقب هزيمتها في الحرب العالمية الثانية ،واصرارها على الحرية الإقتصادية والتجارية ، وهو مافعلته إيران ، وليس بغريب أيضا ان تصبح ايران قطبا اقتصاديا ً يحاكي اليابان ، سيما وان اموالها المتحررة الآن وكذلك نفطها سيمنحها تأهيلا نوعيا ً في خضم الأزمة الإقتصادية السائدة في العالم .
نجحت امريكا أيضا بعدم السماح لنمو مخالب نووية لهذا النمر الآسيوي الجديد الذي صار يجتاج بتاثيره العقائدي والسياسي دول الجوار الكارتونية ، ويهدد بالهيمنة على دول الخليج أغنى مركز للنفط والغاز بالعالم ، فكيف إذا أمتلك النووي وصار يهدد اسرائيل ..؟
العلاقة بين امريكا وايران ستشهد تطورا ً نوعيا ً ، وترابط مصالح بين البلدين يتفوق على كل انواع علاقات امريكا بالمنطقة ، لأن من ثوابت امريكا، توطيد العلاقة مع الأصدقاء الأقوياء .
درس آخر تعطيه ايران للسياسين والحكام العرب ، عليهم التعلم منه وليس الإكتفاء بإرسال برقيات التهنئة .
مقالات اخرى للكاتب