الحضارة تتكون من جانبين مادي ومعنوي, والتوازن بين هذين الجانبين هو من أهم الاهداف الانسانية لتوخي السعادة والنجاح المطلق الذي يشمل جميع نواحي حياة الانسان الفردية والإجتماعية......
ومن المعلوم ان التوازن الحضاري يمثل الرقم الاصعب الذي يمثل تحديا مزمنا من الماضي البعيد مرورا بالحاضر وصولا الى ابعد نقطة في المستقبل.. فإن هذا التحدي سوف يستمر الى ان يصل لهدفه المنشود المتمثل بالتوازن الحضاري...
إن حالة الافراط في أحد جانبي الحضارة على حساب الاخر هو السبب الرئيسي في إختلال التوازن الحضاري وبالتالي الفشل والشقاء من خلال تدهور علاقة الانسان باخيه الانسان الى مستوى الصراعات والحروب الدموية واساليب الاضطهاد والتعسف والوان الاستغلال...الخ
وغالبا ما يكون الافراط في الجانب المادي على حساب الجانب المعنوي وهذا الامر واضح من خلال سيطرة الانسان على الطبيعة مما ادى الى تطور الخبرة البشرية عن الكون والطبيعة..
ان انحسار الجانب المعنوي للحضارة له اسبابه الذاتية والموضوعية والشيء الاهم هو كيفية تحقيق التوازن الحضاري من خلال تحرير الجانب المعنوي للحضارة والارتفاع به الى المستوى الطبيعي كي يسير جنباً الى جنب مع الجانب المادي..
وليست عملية التحرير والارتفاع بالجانب المعنوي امراً هيناً.. بل إن القلائل من عظماء الانسانية على مر التاريخ قد نجح في المساهمة الفعّالة في ايجاد التوازن الحضاري..
وفي وقتنا المعاصر كان الشهيد محمد محمد صادق الصدر(قدس) يمثل المصداق الاوضح الذي قلما يتكرر نظيره..
ان الباحث الموضوعي عندما يقف على حياة هذا الرجل العظيم يكتشف اسرار الشخصية الانسانية الناجحة وهذه الاسرار هي الاسباب الحقيقية وراء كل قول وفعل وتصرف وتفكير وشعور واحساس صدر من هذا الانسان العظيم.....
ان الحضارة -اي حضارة – اذا لم تمتلك مقومات واسباب التوازن بين جانبيها المادي والمعنوي فلا شك ان هذه الحضارة سوف لا تخلو من نقائص ومظالم..
ان الشهيد محمد محمد صادق الصدر(قدس) لم يقتصر على اشباع الجانب المعنوي من الحضارة والانسانية من خلال مؤلفاته القيمة ودروسه وخطبه ومواعظه وحسب بل زاد على ذلك من خلال الجانب التربوي التطبيقي وقد نجح فيه نجاحا باهرا قل نظيره على مدى تاريخ الانسانية..
فقد مارس الشهيد السعيد محمد الصدر(قدس) الدور التربوي للمجتمع العراقي في منتصف التسعينيات في ظروف صعبة وقاسية من ظروف التسلط والظلم والاستبداد والاضطهاد التي كان يمارسها الدكتاتور صدام بحق الشعب العراقي.. وكان المجتمع العراقي وقتئذ وبسبب الدكتاتور الظالم قد انحدر ماديا ومعنويا الى ما دون الصفر بكثير فالمجتمع كان ميتا وبائسا وخائفا ومرعوبا ومشلولا..
ان الشهيد محمد الصدر(قدس) بدأ بعملية التغيير الحضاري في ظل هذه الظروف الصعبة وفي ظل هذا المجتمع المغلوب على امره وبالرغم من ذلك كله فقد نجح في محاولته التربوية واستطاع ان يعيد الحياة الى المجتمع وتحرير ارادته ونزع الخوف من قلبه..
وهذا هو الجانب المعنوي من الحضارة ولا بد لهذا الجانب من امرين:-
اولا:- تحديد اسسه النظرية.
ثانيا:- تطبيق هذه الاسس على حياة الفرد والمجتمع والدولة.
ان من اهم شئ في حياة الشهيد محمد الصدر(قدس) هو ضرورة الاستفادة من تجربته العظيمة لكل من يريد بناء الانسان وحضارة الانسان ومن هنا تكتسب مؤلفات وكلمات الشهيد محمد الصدر(قدس) الاهمية لانها تمثل الضوء الذي يبدد الظلام.
مقالات اخرى للكاتب