قابلْتُ صديقي هذا اليوم ، وكان مُحبَطاً ، و غاضِباً ، و مهموم الخاطر ، ومشغول البال .
قال لي : أتدري يا فُلان ؟ .
قلتُ لهُ : لا والله .. لا أدري يا فُلان .
قال لي : لقد بلغتُ السنّ القانونيّ للتقاعد ، و ليست لديّ خدمةً تقاعديّةً كافيةً .. يا فُلان .
قلتُ لهُ : كيف حصل هذا يا فُلان ؟ . أليسَ صديقكَ فُلانٌ ، كان قد هاجر إلى مملكة السويد السعيدة ، في ذات اليوم الذي هاجرتَ فيهِ إلى جمهورية ليبيا الأشتراكية العظمى .. وهو قد عاد مثلك الى العراق بعد9-4-2003 ، وحصلَ على مستحقّاته التقاعدية كاملةً غير منقوصةٍ .. يا فُلان .
قال لي : نعم . هذا صحيح . لأنّ فُلان كان كلّما عَلِمَ بأنّ " ذاكَ الرجّال " يزورُ السويد ، ويتمشّى في شوارعها الفسيحة التي يكسوها الثلج ، قام بسحبِ بندقيته الآليّة عيار 7.62 ملم .. و بدأ باطلاق النار عليه . وفي أحدى المرّات كاد أن يُصيب " ذاك الرجّال " في رقبته إصابةً قاتلة ، لولا أنّ " ذاك الرجّال " ( حفظه الله ورعاه ) قد قام بالأنبطاح على العُشب في الوقت المناسب !!!! .
قلتُ لهُ : لا يمعوّدْ .هذا صديقكَ فُلان إنسانٌ مُسالِم . وطيلة عمره لم يقم بإشعال عود ثقاب لـ " يجوي " به نملة . فكيف جعلتَ منهُ مقاتلاً شَرِساً في شوارع السويد وساحاتها .. يا فُلان ؟ .
قال لي : ولكنّهُ عاد الى بغداد بعد 9 – 4- 2003 ، وقصّ على الحكومة تفاصيل تاريخه " القتاليّ " . و قد صدّقتهُ الحكومة . وأوعزت الى هيئة التقاعد " الوطنية " بأحتساب " معاركه " في السويد خدمةً تقاعدية . و بعد ان نال حقوقه التقاعدية كاملةً غير منقوصة .. عاد الى السويد هاديء البال ، ليشرب " الجنّ " مع " المُقاتلين " القُدامى ، في ليالي الشتاء الطويلة .. يا فُلان .
قلتُ لهُ : ولماذا لم تقُم أنتَ بأخبارهم ، بأنّكَ فعلتَ الشيء ذاته في جمهورية ليبيا الأشتراكية العظمى ، وكدتَ أن تقتلَ " ذاك الرجّال " .. عندما كان جالساً مع " الأخ القائد " حفظه الله و رعاه ، في خيمته الصحراويّة الشاسعة ؟ .
قال لي : لقد أخبرتهُم بذلك .. فسخروا منّي . وقالوا لي انّ روايتك للأحداث لا تُصدّق . فمن كان يستطيعُ الأقتراب من ضيوف " الأخ القائد " في الصحراء الليبية العظمى .. يا فُلان ؟ .
قلتُ لهُ : و ماذا أنتَ فاعِلٌ الآنَ ، و ما الذي ستفعلهُ غداً .. يا فُلان ؟ .
قال لي : سأهاجرُ هذه المرّة إلى السويد . و عندما أرى " ذاك الرجّال " يتمشّى هُناكَ ، على الثلج ، سأقومُ بإطلاق النار عليهِ فوراً ، ودون تردّد . و لن أمنحهُ الفرصة لينبطِحَ أرضاً في الوقت المناسب . و سأصيبهُ في رقبتهِ في مقتل من أولّ رصاصة . ولن يعود بعدها حيّاً أبداً. عندها سأعودُ الى العراق لإنجاز معاملتي التقاعدية ، وسأحصلُ على تقاعدي ، و حصّة عائلتي من الضيم .. يا فُلان .
قلتُ لهُ : و نِعمَ الرأي يا فُلان . إذهبْ وقاتِل في السويد من جديد .. ونحنُ هنا في إنتظار نصركَ المؤزّر على الأعداءِ . وسنحتفل بالراتب التقاعديّ معاً .. يا فُلان .
قال لي : هذا اذا لم تُصدِرْ حكومتنا الرشيدة " حزمة " الأصلاحات " الرابعة ، و تلغي من خلالها رواتبنا التقاعدية ، بعد 45 عاماً من خدمتنا الوظيفيّة " غير النضاليّة "،في دوائر دولة العراق العجيبة .. يا فُلان.
مقالات اخرى للكاتب