Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
العلاقات الاقتصادية التركية العراقية بعد عام 2003
الجمعة, أيلول 16, 2016
محمد غسان الشبوط

تمهيد:
تكتسب العلاقات العراقية التركية أهمية قصوى منذ مئات السنين، لأن كلاً من العراق وتركيا دولتان جارتان يتمتعان بخصائص جيوستراتيجية مهمة ، تتأتى من موقع جغرافي استراتيجي لكل منهما ، فضلاً عن هناك مشتركات جيبولتكية وثقافية بينهما لذلك فإن اي متغيرات وتحولات تشهدها المنطقة، لا بد وأن يؤثر في العلاقات بين البلدين ،ولا سيما في ظل ما تشهده المنطقة من احداث عامة ،لقد كان لزيارة رئيس الجمهورية العراقية جلال الطالباني حينذاك ثم زيارة رئيس الوزراء العراقي المالكي الى تركيا،و زيارة السيد أوردغان رئيس وزراء تركيا الى بغداد أثرها البالغ في تطوير العلاقات بين البلدين ووضع حلول للعديد من القضايا العالقة بينهما، وقد توجت زيارة اوردغان بتشكيل مجلس أعلى عراقي تركي وتوقيع اتفاقية بين البلدين تضمن قيام علاقتهما على أسس واضحة ومستمرة في جوانب مهمة منها (امنية ، اقتصادية ، سياسية). المفارقة أنَّه في الوقت الذي كانت فيه العلاقات السياسية بين البلدين تتدهور؛ فإن العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين البلدين بلغت أوْجَها؛ علمًا بأن الجانب الأكبر منها كان يتمُّ بين تركيا وإقليم شمال العراق.

المحور الاول: المصالح الاقتصادية:
تؤدي العوامل الاقتصادية دورًا مهمًّا متعدد الأبعاد في العلاقات العراقية التركية، وتمثل حاجةً متبادلة بين الدولتين، فبالنسبة للعراق تشكل تركيا مدخلا حيويًّا لوارداته التجارية، ودخول مختلف أنواع البضائع والسلع إلى أسواقه من جهة، ومنفذًا مهمًّا لتصدير نفطه عبر أنابيب النفط التي تمر من خلال الأراضي التركية إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط، ومن ثمّ إلى أسواق النفط العالمية من جهة أخرى.( )
وفي ظل انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية، والعجز الكبير الذي تُعانيه الموازنة المالية في العراق، وتوقف الحقول النفطية في المناطق الشمالية والغربية من البلاد فقد دُفعت الحكومة العراقية إلى الاهتمام بتصدير أكبر قدر ممكن من النفط عبر المنافذ التركية لتعويض تناقص إنتاج وتصدير النفط إلى الخارج.
كما أن هنالك حاجة عراقية إلى رفع مستوى التبادل التجاري والاستثمارات مع تركيا، كون الشركات التركية لها القدرة على الاستثمار والمساهمة في بناء الاقتصاد العراقي، وفاعلة أكثر من الشركات العراقية في مجال إعادة البنى التحتية العراقية، واكتسبت الثقة في الساحة العراقية.( ) 
أما بالنسبة لتركيا فإنها تُدرك ضرورة تواجدها في الساحة العراقية التي تتطلب المزيد من الشركات للعمل في مجالي الإعمار والاستثمار، لا سيما أن انتهاء الأزمة الأمنية والاقتتال الدائر في الساحة العراقية يعني توفير فرص كبيرة للشركات التركية في مجال إعادة الإعمار، والحاجة الكبيرة أيضًا لمختلف أنواع السلع والبضائع والخدمات التي تتطلبها المناطق محل الصراع.
على الصعيد الاقتصادي، تعمل مئات الشركات التركية في العراق، ففي إقليم كردستان وحده تُحال أكثر من 90% من عطاءات المقاولات إلى شركات تركية، وتتوزع عقودُ هذه الشركات في المجالات التجارية والصناعية والتصنيع والإنشاءات والإعمار والزراعة؛ وبلغ حجمُ التبادل التجاري لإقليم كردستان مع تركيا 8 مليارات دولارامريكي، مقارنة بخمسة مليارات مع إيران، إضافةً إلى شراء الغاز المنتج، وتصدير النفط من حقول كردستان، هذا بالإضافة إلى افتتاح قنصليات تجارية ودبلوماسية في إقليم كردستان، وهو ما أكده وزير الخارجية التركي السابق أحمد داود أوغلو في زيارته الأخيرة إلى بغداد حين ذكر أن "العلاقات الاقتصادية بين البلدين بلغت 12 مليار دولار امريكي، منها ثمانية في كردستان"، وأن هنالك "500 شركة تركية للاستثمار، و1800 تركي يعملون في الإقليم ،وهذا التعاون مهم بالنسبة لتركيا التي ترغب في تعويض ما خسرته في مجال التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري مع العديد من الدول العربية التي تراجعت علاقاتها معها بسبب مواقفها من التطورات السياسية في هذه الدول.
المحور الثاني :العلاقات الاقتصادية التركية العراقية بعد عام 2003.
ارتفع حجم التبادل التجاري بين تركيا والعراق من سنة 2003 وحتى سنة 2012 بشكل هائل، وبقفزات متتالية من مجرد 900 مليون دولار امريكي إلى حوالي 11 مليار دولار امريكي، وقد عوَّضت هذه القفزة معظم التراجعات التي قد تكون تركيا شهدتها في علاقاتها التجارية مع البلدان العربية الأخرى نتيجة اندلاع الثورات العربية، أو التوتر السياسي، أو حالة عدم الاستقرار التي تسود المنطقة، انظر لشكل رقم (1) .( )



التبادل التجاري بين تركيا والعراق بعد عام 2003.
2003 2004 2005 2009 2010 2011 2012
الصادرات 830 1,821 2,750 5,100 6,000 8,300 10,800
الواردات 42 146 67 121 154 87 149
المجموع 900 2.000 3.000 5.200 6.200 8.400 11.000
المصدر:علي حسين باكير،العراق في حسابات تركيا الاستراتيجية والتوجهات المستقبلية،مركز الجزيرة للدراسات،2015،الدوحة،ص1.
ويُعتبر العراق منذ سنة 2011 ثاني أكبر مستوعب للصادرات التركيَّة بعد ألمانيا حيث بلغت قيمة الصادرات التركية إليه حوالي 12 مليار دولار امريكي سنة 2013، استوعبت الجزء الأكبر منها منطقة شمال العراق؛ التي تديرها حكومة إقليم كردستان العراق (حوالي 75%)( )، وأتت مواد مثل: الحديد، والمعدات الإلكترونية، والمعادن، والفواكه على رأس قائمة السلع المصدَّرة؛ علمًا بأن الأرقام العائدة للسنوات من 2009 وحتى 2013 تُشير إلى امتلاك العراق ما يُؤَهِّله لأن يحتلَّ المركز الأول كأكبر مستوعب للصادرات التركيَّة بدلاً من ألمانيا؛ التي بلغ حجم الصادرات التركية إليها سنة 2013 حوالي 13.7 مليار دولار امريكي .انظر لشكل رقم (2). 



الصادرات التركية الى كل من العراق والمانيا مابين عام (2009-2013)
2009 2010 2011 2012 2013
المانيا 9.8 11.5 14 13.1 13.7
العراق 5.1 6 8.3 10.8 11.9
المصدر:علي حسين باكير، العراق في حسابات تركيا الاستراتيجية والتوجهات المستقبلية،مصدر سبق ذكره.ص2.
وتحقق التجارة التركيَّة مع العراق فائضًا يتجاوز الـ10 مليارات دولار امريكي لصالح أنقرة، وهو ما يُعَدُّ مكسبا مهمًّا لها، وذلك في ظلِّ تراجع حجم الفائض الذي تحققه أنقرة مع عدد من الدول الإقليمية جراء حالة عدم الاستقرار التي تعيشها المنطقة مؤخَّرًا.( )
2.الاستثمارات: 
على الصعيد الاستثماري نمت العلاقات الاقتصادية بين الطرفين شيئًا فشيئًا بعد سنة 2003، لاسيما مع مرحلة إعادة بناء العراق، التي أعقبت الغزو الأميركي، وتحوَّل العراق بعدها إلى واحد من الأسواق المفضَّلة لدى المستثمرين الأتراك، وقد استفادت الشركات التركية بمختلف اختصاصاتها القطاعية من هذا الانفتاح ففتحت أفرعًا لها في العراق، أو ارتبطت بشركات عراقية بعقود طويلة الأجل، أو نفَّذت مشاريع ضخمة، أو أضافت الأسواق العراقية إلى قائمة أسواقها المستهدفة بالصادرات؛ ونتيجة لذلك وصل عدد الشركات التركية العاملة أو المرتبطة بالسوق العراقية إلى حوالي 1500 شركة( )
غالبيتها شركات مرتبطة بقاطع الإنشاءات والمقاولات،التي قامت حتى نهاية سنة 2013 بتنفيذ حوالي (824) مشروعًا في العراق بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 19.5 مليار دولار امريكي( ).
3.الطاقة:
إذ يرتبط البلدان بعلاقات تجارية واسعة النطاق تأخذ شكل استيراد العراق للبضائع التركية بكميات كبيرة، بما جعل نقطة العبور بين البلدين من أهم المناطق التجارية التي تشهد حركة دخول الشاحنات التركية الى العراق بشكل يومي وكبير، وبالمقابل فأن العراق يصدر نفطه المستخرج من كركوك عبر أنبوب النفط الذي يمر بالاراضي التركية وصولاً الى ميناء جيهان حيث يصدر الى انحاء العالم، ومع زيادة قدرة العراق على التصدير وضرورة فتح منافذ جديدة ،فقد تقرر فتح خط أنبوب نفطي آخر وأنبوب نقل الغاز عبر تركيا ليكون عاملاً من عوامل توثيق الروابط الاقتصادية بين البلدين الجارين وبما يعود بالمنفعة المشتركة عليهما( )، وعلى مستوى الطاقة تستورد تركيا أكثر من (70%) من حاجاتها من الطاقة من الخارج (99%) من الغاز،وأكثر من (90%) من النفط الخام، وهي تعتمد في جزء كبير منها على بلدين فقط، هما( إيران، وروسيا، بنسبة 74% من الغاز، و45% من النفط وفقًا لأرقام سنة 2012( )، وهو ما يترك تأثيره على سياسة أمن الطاقة في البلاد، ويُقَيِّد كذلك من مروحة الخيارات في سياسات تركيا سياسية.
ومن هذا المنطلق تنظر تركيا إلى العراق كرافد مهمٍّ من روافد سياسة تنويع واردات الطاقة التركيَّة؛ وذلك على اعتبار أنَّه يمتلك أكبر خامس احتياطي مؤكد من النفط في العالم، ويحتلُّ منذ سنة 2012 موقع ثاني أكبر منتج للنفط في أوبك، ناهيك عن أهميته في تفعيل دور أنقرة مستقبلاً كمحطة لنقل الطاقة إلى أوروبا على اعتبار أنَّ تركيا تعتبر المنفذ الأقرب لتصدير النفط العراقي إلى الأسواق العالمية.
لقد استثمرت شركة النفط الحكومية التركية (تباو) حوالي 6 مليارات دولار في بئرين للنفط وبئرين للغاز في العراق، وهناك طلبات لأعمال في 24 حقلاً للنفط من قبل شركة أخرى( )، وقد دخل إقليم كردستان العراق إلى هذه المعادلة التركية بشكل فعال العام الماضي مع إنشائه خط أنابيب لتصدير نفط شمال العراق بشكل مستقل عن خط النفط العراقي الفيدرالي( ).
المحور الثالث: انعكاسات صعود "داعش" على المصالح التركية في العراق
1. على العلاقات التجارية التركية-العراقية 
مع انهيار سيطرة الحكومة العراقيَّة على الموصل ثاني أكبر المدن العراقية بعد العاصمة بغداد وعلى مناطق واسعة أيضًا خلال ساعات قليلة في يونيو/حزيران سنة 2014( )، توقفت تجارة نقل البضائع التركية إلى ما بعد المنطقة الشمالية، ويُقَدَّر عدد شاحنات الترانزيت التركية التي تذهب يوميًّا إلى العراق بحوالي 70 ألف شاحنة شهريًّا (2300 تقريبًا يوميًّا)( ).
وبسبب سيطرة الدولة الإسلامية على مناطق واسعة، فإن الشاحنات التي تتعدَّى شمال العراق لم يَعُدْ باستطاعتها الذهاب إلى الجنوب، وقد انخفض عدد الشاحنات التركية نتيجة لذلك إلى حوالي 1550 شاحنة، ومن المتوقَّع أن ينخفض أكثر مع ارتفاع التكاليف على الشركات والمخاطر الأمنية على السائقين؛ هذه التعقيدات في النقل البري دفعت الجانب التركي إلى التفكير بخيارات أخرى قد يكون من بينها خط تركيا/إيران ومنه إلى جنوب العراق، أو خط أربيل/إيران ومنه إلى جنوب العراق مرة أخرى لكن تبَّين أن التكاليف مرتفعة للغاية، وغير مجدية في الغالب( ).
ووفقًا لجمعية المصدِّرين الأتراك فإن حجم الصادرات التركية إلى العراق انخفض بنسبة 21% في شهر يونيو/حزيران سنة 2014 مقارنة بالعام الذي سبقه،الأمر الذي دفع ترتيب العراق إلى التراجع إلى المرتبة الثالثة في قائمة أكبر مستوعبي الصادرات التركية، ثم تراجعت الصادرات التركية إليه مرة أخرى بنسبة 46% في يوليو/تموز لتتراجع مرتبة العراق أيضًا إلى الخامسة، وفي أغسطس/آب تراجعت الصادرات التركية على أساس سنوي بنسبة 21%( )، وقدَّر وزير الاقتصاد التركي حجم الخسائر التركية الناجمة عن انخفاض الصادرات إلى العراق بحوالي 3 مليارات دولار امريكي(24). ، وذلك في حين قدَّر مجلس الأعمال التركي العراقي في مجلس إدارة العلاقات الاقتصادية الخارجية (DEIK) أن استمرار الوضع على ما هو عليه قد يؤدي إلى خسائر تركيَّة بقيمة 9 مليارات دولار امريكي( ).


2. على الاستثمارات التركيَّة في العراق : أدَّت سيطرة "داعش" السريعة والواسعة على مساحة كبيرة من الأراضي في العراق، إضافة إلى ارتفاع منسوب التهديد الأمني، إلى خسائر مباشرة في الاستثمارات التركية في العراق؛ حيث يعمل حوالي 1500 شركة تركية في إقليم شمال العراق وحده، وتُشَكِّل ما نسبته حوالي 65% من حجم الأعمال العادية للشركات الأجنبية في الإقليم. وبسبب الأوضاع السائدة وحالة عدد الاستقرار، فقد تمَّ إيقاف أو تأجيل العديد من مشاريع البنى التحتيَّة؛ التي كان قد تمَّ البدء فيها، أو التي يتمُّ الشروع فيها الآن، ولاشكَّ أن ذلك قد ترتبت عليه خسائر ماليَّة لم يتم احتساب إجماليُّها حتى الآن، كما تأثَّر العديد من الشركات التركيَّة العاملة في العراق، أو التي تُصَدِّر إلى السوق العراقي بتدهور الأوضاع الأمنيَّة هناك؛ خاصة الشركات التي تعمل في قطاعات الطاقة والأغذية والمشروبات والإلكترونيات.
المحور الرابع: مشكلة المياه 
شهد ملف الموارد المائية بين العراق وتركيا تقلبات وأزمات تمثلت في بناء تركيا لسدود ومشاريع على منابع نهري دجلة والفرات في داخل أراضيها، ما أدى الى نقص شديد في كميات المياه الداخلة الى العراق وانعكاس ذلك سلبياً على الزراعة والري والسقي، وزيادة مساحات التصحر والملوحة وانعدام الزراعة في مناطق كبيرة ما جعل القطاع الزراعي يعاني من نقص كبير في الانتاج والاضطرار الى استيراد أكثر احتياجات العراق الزراعية من الخارج، ولاشك أن هذا الوضع لايمكن القبول به لما يمثله من مخاطر حقيقية على الواقع الزراعي والمعيشي في العراق، وأضحت المياه مشكلة قائمة بين العراق وتركيا ، كانت تزداد بتقادم الزمن تأزماً وتعقيداً، ان شحة المياه في العراق لها أسباب عديدة ويعد الموقع الجغرافي السبب الرئيسي لها حيث يعود بالدرجة الأساسية على الاعتماد على مياه نهري دجلة والفرات وما يقابل ذلك من قلة وجود المناطق الرطبة الأمر الذي يزيد من عملية تبخر كميات كبيرة من المياه وزيادة المفقود منها،والسبب الأخر ما تلعبه الدول المتشاطئة للعراق من دور للتأثير المباشر على نهر الفرات بشكل خاص ، حيث يقع الحوض المغذي للنهر داخل الحدود التركية والتي تشكل نسبة 90% من المياه ، وأما نسبة 8% للنهر تأتي من الحدود السورية ، فهذه الدول عملت على بناء السدود العديدة والتي تقوم من خلالها بحجب وصول المياه الى الأراضي العراقية لأخذ ما تحتاجه من المياه ، وبالنتيجة تكون النسبة التي تصل الى نهر الفرات نسبة قليلة إذا ما قورنت بالحاجة للمياه والزيادة في الطلب نتيجة للأعداد السكانية العالية والتغيرات المناخية في العراق، ففي المجال الزراعي أثر شحة المياه بشكل كبير على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية تحت ظل هذه الأزمة ،حيث كانت تزرع سابقاً مساحات كبيرة منها وتم تقليصها بسب قلة المياه المتدفقة من نهري دجلة والفرات مما يؤدي الى الاعتماد على المحاصيل الزراعية المستوردة من الخارج( )، وخلاصة هذه المشكلة تتمثل في مشروع جنوب شرق الاناضول المسمى (GAP) الذي أقامته تركيا على منابع ومجاري نهري دجلة والفرات، في هضبة الاناضول، وأنشأت (21) سداً وعدداً من محطات توليد الطاقة الكهربائية إن جوهر المشكلة يكمن في مسعى تركيا فرض سيطرتها على مياه النهرين بدعوى مبدأ السيادة المطلقة لها، أي سيادة دول المنبع على مجاريها المائية ونزع صفة الدولية عن الانهار المشتركة. إذ ترى تركيا أن نهري دجلة والفرات ليس نهران دوليين بل هما نهران عابران للحدود بلغت مشكلة المياه ذروتها، عندما قررت تركيا سنة 1990 من القرن الماضي حجز مياه نهر الفرات لملئ خزان سد أتاتورك الضخم، وأدى ذلك إلى خلق أزمة سياسية بين تركيا والعراق إذ ازدادت مخاوفهما من خطر المشاريع التركية على منسوب المياه ونوعيتها في نهر الفرات، مما زاد في رغبتهما في التوصل إلى إتفاق مع تركيا لحل مشكلة المياه على أساس إعتبار أن مياه نهري دجلة والفرات هي مياه دولية مشتركة يجب أن تتقاسمها ضمن إتفاقيات ثنائية وأن تحترم الاتفاقيات وتنفذ، وزادت تصريحات المسؤولين الأتراك مشكلة المياه تعقيداً وجعلتها محوراً للتجاذب السياسي بين تلك الدول فقد صرح رئيس الوزراء التركي السابق سليمان دميريل قائلاً: ((لا يمكن لأي من سوريا والعراق أن تدعي حقاً في الأنهار التركية أكثر مما تستطيع أنقرة أن تدعي حقاً في نفطهما إنها مسألة سيادة، نحن نملك الحق في أن نفعل ما نشاء، منابع الماء تركية، منابع النفط عائدة إليهما نحن لا نزعم أن لنا حصة في ثرواتهما النفطية، وهما لا تستطيعان المطالبة بحصة من الموارد المائية)) ( )،وانه مثل هذة المشاريع التي قامت تركيا في انشاءها على النهران تؤثر بشكل ، كبير على حصة العراق وتهدد امنها الغذائي ،وقد اثارات هذا الموضوع في مجلس الامن وفي مناسبات دولية عدة منها مؤتمر الدول المتشاطئة ومؤتمرات الوكالات المتخصصة في الامم المتحدة الخاص بالامن الغذائي،وارفقت ادعاءاتها تلك بصور وافلام خاصة ،تظهر حجم الهدر في المياة الصالحة للشرب التي يقوم بة العراق ،مما اكسبها دعما وتعاطفا دوليا وذلك يستدعي اتفاقاً منصفاً مع الجانب التركي يؤمن حصة مناسبة للعراق من مياه النهرين ويجنبه مواجهة مواقف مماثلة في المستقبل صحيح ان على الحكومة العراقية اتخاذ اجراءات عملية من جانبها لأقامة السدود الصغيرة واستثمار المياه في موسم الوفرة ، ولكن أي أتفاق مع تركيا سيضع الامور في نصابها ويرتب التزامات تدخل ضمن المصالح المتبادلة ومباديء حسن الجوار إننا نريد للعلاقات العراقية التركية ان تكون مثلاً جيداً للروابط التي تجمع دول الجوار، خصوصاً وأن العراق بظروفه الحالية يحتاج الى التعايش بشكل سليم وفعال مع جيرانه وإقامة افضل الروابط السياسية والاقتصادية والثقافية معها، وفق مبادئ المصالح المتبادلة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ومنع كل مايسيء الى البلد الآخر من داخل حدود الدولة،ان مستوى العلاقات بين العراق وتركيا يصلح ان يكون، اذا ماجرى الالتزام بالاتفاقيات، مثلاً للعلاقات الايجابية مع جميع دول الجوار وتطويرها بأستمرار بما يحقق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة برمتها.( )
الخلاصة :
ان العلاقات التركية العراقية تضم في جنباتها قضايا معقدة جعلتها تصطبغ بالتقلب والتغير في التقدم والتراجع لعقود طويلة، وبالرغم مما تمر به هذهِ العلاقات من انتكاسات إلا أنه من الضروري بالنسبة للدولتين تجاوز خلافاتهما لتحسين العلاقات الثنائية لما يحققه التوافق والتلاؤم من مصالح مهمة لكلا الطرفين، كما أن لهذه العلاقات انعكاسات وتأثيرات ما تمثلة العلاقات العراقية التركية من اهمية كبيرة بين البلدين ،ولاسيما انه هناك مشتركات ثقافية وقومية وجيوبولتكية بينهما لذلك ،من المهم تطوير العلاقات بين البلدين ، وخصوصاً العلاقات الاقتصادية بين البلدين ،ولاسيما تنظر تركيا إلى العراق كرافد مهمّ من روافد سياسة تنويع واردات الطاقة التركيَّة؛ التي تعاني تركيا من نقص الطاقة ، كما انه تركيا في حاجة إلى العراق الذي يعد ثاني أكبر سوق للصادرات التركية.ولاسيما بعد الزيارات الرسمية الاخيرة بين البلدين،وقد تشهد العلاقات التركية العراقية تحولات عديدة مستقبلاً في ظل تسارع الأحداث والتطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط ربما تزيد من توترها أو تكون دوافع إيجابية لتطورها بشكل فاعل.


الهوامش والمصادر :
1.د.مثنى العبيدي،بين الاقتصاد والارهاب(ابعاد ودوافع والانفراج في العلاقات التركية العراقية)،المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية في القاهرة،2014،ص1.
2. د.مثنى العبيدي،مصدر سبق ذكره.
3. علي حسين باكير،العراق في حسابات تركيا الاستراتيجية والتوجهات المستقبلية،مركز الجزيرة للدراسات،2015،الدوحة،ص1.
4. iraq Crisis Weighs on Turkey s Economy, voa, 7-7-2014:http://www.voanews.com/content/iraq-crisis-weighs-on-turkeyeconomy/1952408.html.
5. انظر:
Erdinç Çelikkan, Unrest in Iraq stirs worries over Turkish business links, Hurriyet Daily news, 12-6-2014:
http://www.hurriyetdailynews.com/unrest-in-iraq-stirs-worries-over-turkish-business-links.aspx?pageID=238&nID=67723&NewsCatID=34.
6. انظر:
MUSTAFA SÖNMEZ, Cost of Iraq on Turkey’s economy raises concerns, Hurriyet Daily news, 23-6-2013:
http://www.hurriyetdailynews.com/cost-of-iraq-on-turkeys-economy-raises-concerns-.aspx?pageID=238&nID=68116&NewsCatID=34
7. TURKEY S ENERGY IMPORT COSTS -$-50 BILLION PER YEAR, ON AVERAGE, Daily Sabah, 2-10-2014:
http://www.dailysabah.com/energy/2014/10/02/turkeys-energy-import-costs-50-billion-per-year-on-average.
8. Turkey Energy Profile in EIA:
http://www.eia.gov/countries/cab.cfm?fips=tu.
9.انظر:
Turkish Petroleum Corporation invests -$-6 billion in Iraq, Hurriyet Daily News, 11-11-2014:
http://www.hurriyetdailynews.com/turkish-petroleum-corporation-invests-6-billion-in-iraq.aspx?pageID=238&nID=74182&NewsCatID=348 .

10.انظر:
http://www.al-monitor.com/pulse/en/originals/2013/11/iraqi-kurdish-pipeline-turkey-oil-policy-export.html 
https://ca.finance.yahoo.com/news/exclusive-capacity-double-iraqi-kurdistan-oil-pipeline-sources-122550107--finance.htm.
11. نظر: داعش تسيطر على الموصل، العربي الجديد، 10 من يونيو/حزيران 2014:
http://www.alaraby.co.uk/politics/3dab7aa7-5d06-4275-847f-7dae55338d5.
12. انظر:
Taylan Bilgic,Turkey Exporters to Iraq Hit as Roads Remain Shut for Trucks, Bloomberg, 18-6-2014:
http://www.bloomberg.com/news/2014-06-18/turkey-exporters-to-iraq-hit-as-roads-remain-shut-for-trucks-1-.htm.
13. انظر:
Fehim Ta?tekin, Turkish truckers try to get on the road again, al-monitor, 7-7-2014:
http://www.al-monitor.com/pulse/en/originals/2014/07/tastekin-iraq-syria-turkish-transportation-isis-und.htm.
14. انظر:
IRAQI CRISIS AFFECTS BUSINESS IN ISTANBUl, Daily Sabah, 9-9-2014:
http://www.dailysabah.com/economy/2014/09/09/iraqi-crisis-affects-business-in-istanbul.
15. انظر:
Turkey fears -$-3 bln loss in exports as Iraq crisis deepens, Today s Zaman, 3-8-2014:
http://www.todayszaman.com/mobile_detailHeadline.action?newsId=35450.
16. انظر:
www.hurriyetdailynews.com/unrest-in-iraq-stirs-worries-over-turkish-business-links.aspx?pageID=238&nID=67723&NewsCatID=345 .
17. د.قيس العزاوي، نمو وتطوير قائم في العلاقات العراقية التركية،صحيفة الجريدة، بغداد،2006،ص1.
18. اسمهان عيدان، ازمة المياه في العراق الى اين، مركز كلاديا للدراسات ، 2012 ، لمزيد من التفاصيل انظر لـ:http://www.kaldaya.net/2012/Articles/07/12_July06_AsmahanEdan.htmlا
19. قاسم حسن الربيعي، العلاقات العراقفية التركية...وافاقها المستقبلية،مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية،بغداد،2015،ص1.



مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.4714
Total : 101