عندما يقترب هلال محرم من كل عام تبدأ معه الآراء والنقاش والسجال حول الشعائر الحسينية ، وتبدأ الحملات التشكيكية بأغلب الشعائر الحسينية وإن يتمحور النقاش على بعضها بشكل خاص كالتطبير مثلاً ، والدافع المعلن لهذه الحملات هو الإصلاح و تنقية هذه الشعائر من الممارسات الدخيلة والهدف من كل هذا مصلحة المذهب ومن ثم الوحدة الإسلامية من خلال استمالت الأخر والتقرب منه ؟؟؟؟ ، والشعائر الحسينية من المواضيع المهمة عند كل موالي لأنه يعيشها أغلب ايام سنته وأن تتركز في شهريّ محرم وصفر ولكن المجالس الحسينية وما تحتويه من بكاء ولبس سواد ولطم وغيرها من الشعائر تتواجد في الكثير من ايام سنتنا ، فموضوع بهذه الخطورة لا يمكن غض النظر عنه أو إهماله بل علينا التأكد من كل حركة ونشاط فيه ، فعندما يطرأ علينا موضوع بهذه الخطورة كيف نواجهه وممن نحصل على الجواب الشافي الذي به رضا الله سبحانه وتعالى ، هل هو رأينا واجتهادنا وثقافتنا أم وجهنا الشارع المقدس الى جهات متخصصة في هذا المجال نستخلص منها حقيقة كل حادث يطرأ على حياتنا ونعيش جزئياته وله تأثيرات علينا ، إذ يقول الإمام الحجة بن الحسن (عج) ( وأما الحوادث الواقعة فأرجعوا بها الى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله ) ، وقد حدد الإمام الحسن العسكري عليه السلام ومن ثم الإمام الحجة روحي وأرواح العالمين لمقدم ترابه الفداء صفات هذه الشخصية التي تنقي الدين من الشوائب وتبين لنا الحلال من الحرام والمستحب من المكروه والمباح ومصلحة المذهب اين تكون إذ يقول الإمام الحسن العسكري عليه السلام (فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا على هواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه ....) ، فأصبح للمتحير والشاك والخائف على دينه و مصلحة المذهب طريق معبد واضح عبَّده أئمة أهل البيت عليهم السلام لنا وهم حجج الله على خلقه علينا بإتباعه عند مثل هذه الحالات وهو التوجه بالسؤال لمراجعنا الأعلام الذين بهم يحفظ الدين من كل دخيل وشائبة وهم وكلاء الحجة (عج) ، وهم الذين يعرفون مصلحة المذهب أين تكون وكيف تكون وبمن يقوى أو تضعف ، فالشاك والخائف على مصلحة المذهب عليه بطرح أسئلته وتشكيكاته على مرجعه فهو سيعطيه الجواب الشافي الذي يهديه الى الصراط المستقيم ، فكل مؤمن يتبع مرجعه للوصول الى حقيقة هذه الشعائر من الناحية الشرعية ، ورأي مرجعي لا يكون حجة على الآخرين والعكس صحيح ، فالنقاش والتشكيك بدون عودة كل مقلد الى مرجعه مع احترامه لأراء المراجع الآخرين يعتبر تضعيف للمذهب وضربه من الداخل وعدم احترام مبدأ الاجتهاد الذي يرتكز عليه مذهب أهل البيت عليهم السلام ، فالمصلحة الحقيقية للمذهب هي احترام مبدأ الاجتهاد وتعدد المرجعيات الذي نؤمن به لا الطعن بآراء المراجع والدعم الكامل لأراء وفتاوى مرجعي ، فالمؤمن الحقيقي يجب عليه الإقتداء بأوامر ائمتنا عليهم السلام وأحاديثهم لا الاقتداء بهوى النفس والأنا والذات ، فهذا النقاش المتكرر في كل عام والمشوش على أجواء محرم الحزينة والمؤلمة نستخلص منه ثلاث أشياء لا رابع معهما أما المشكك جاهل بآراء المذهب ومبادئه فهذا يدفعنا الى هديه وإرشاده الى النبع الصافي الذي يرتوي منه وهم المراجع حفظهم الله ليعرف أمور دينه ودنياه وأما غير جاهل ولكنه مبتلي بهوى النفس والأنا ويريد من الجميع أن يسلكوا طريقه وما يفتي مرجعه وهذا يخالف مبادئ مذهبنا الحنيف وأما أن يكون عنده نية سيئة لضرب المذهب من الداخل وإضعافه من خلال إشغال الساحة في كل عام بهذه التشكيكات والسجال حتى تجعلهم ابعد ما يمكن للتوحد ومن ثم القوة لمواجهة التحديات ، فالنقاش في مسالة الشعائر الحسينية في كل عام مضيعة للوقت وإضعاف للمذهب لأن في كثير من الأحيان تكون منشأ ومصدر للضغينة والمشاحنات ما بين المؤمنين مما يؤدي الى تشتت البيت الشيعي وتفرقه ونحن في اشد الحاجة الى التوحد ورص الصفوف ، وأفضل سبيل لكل مؤمن يريد رضا الله سبحانه وتعالى من خلاله عليه بطرح كل الشبهات والتشكيكات على مرجعه والتقييد بفتواه ورأيه مع احترامه لفتاوى بقية المراجع وهذا هو سبيل النجاح والتقدم والتوحد
مقالات اخرى للكاتب