Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
جامع وحسينية الشواكة في الكرخ خلف شارع حيفا
الأحد, تشرين الأول 16, 2016
د. مهدي عبد الحسين الكاظمي

 

     منطقة الشواكة من مناطق بغداد المستحدثة والمعقدة وعمرها أقل من قرن من الزمان وقد مرت بمراحل عديدة وادوار مختلفة وقد شهدتُ على تاريخها وعشتُ على ارضها وتربيت في ازقتها وكانت في المراحل الأولى لتشكلها، وكنت قد فتحت عيناي في تلك المنطقة في النصف الأول من القرن الماضي وعايشت معظم تحولاتها ورجالاتها، وكان جامع الشواكة هو من أعطاها عنوانها فكانت بدايتها مع بدايته تقريباً ويقع في قلب ازقتها الضيقة،. وكم فرحت حين وقعت يدي قبل فترة ليست بالبعيدة على مقال حول الشواكة وجامع الشواكة فظهرت امامي سلسلة من الاحداث الممزوجة باحلام الطفولة وهي تتحرك امامي وتتجول في راسي وكأنها تمر في تلك الازقة القديمة والبيوتات الصغيرة ثم كبرت الذكريات لتتجول في باحة هذا الجامع بالسدرة العالية التي تتوسطه، كل هذا يدور في راسي وانا في شوق لتصفح ما كُتب حول هذه المنطقة وهذا الجامع،. الا ان هذا الشوق تحول الى برود صاقع وهذه الفرحة تحولت الى حزن قاتم ما ان تصفحت الاسطر الأولى مما كتب عن هذا التاريخ، فكانت المغالطات تناديني من بين السطور والتاريخ يتوسلني لابراء ذمته من شهادة زور شهدها من لا علم له بتاريخ منطقة الشواكة ولا كان ضمن الاحداث التي مرت بجامع الشواكة ولا عايش شخوص او رجالات المرحلة، وانما مجرد روايات واهية بعيدة عن الواقع او شهادات مغرضة من اناس لهم غاية في نفوسهم بتحريف ومجافاة الحقيقة، كل هذا وغيره دعاني الى كتابة هذه السطور مما عشته وشاهدته، حيث كان والدي (رحمه الله) (الحاج عبد الحسين الكاظمي أبو الجلود) من أوائل التجار الساكنين فيها ومن المساهمين ببناء الجامع، وان شاء الله لي وقفة مع تاريخ الشواكة في وقت آخر....

تأسيس جامع الشواكة (1925م – 1934م)

     كان جامع الشواكة معروفا في بدايته بجامع الزركجي نسبة للشيخ محمد الزركجي، المدفون داخل السفارة البريطانية حيث كانت منطقة الشواكة تسمى بأسمه، وقد أوقِفت نصف ارض الجامع سنة 1925م، من قِبل ورثة احدى عوائل محلة الزركجي من الحياج، بسبب كثرة عدد الورثة وشدة النزاع بينهم فأوقفوا الأرض كمسجد نكاية بعضهم ببعض ولحل النزاع بينهم، اما نصف الأرض الثاني الذي الحق بالمسجد من الجهة التي فيها المكتبة والصحيات فقد أوقفه الحاج كاظم بن سهيل والحقه بالمسجد، وجُعلت التولية على القطعتين بايديهم وبيد الحاج كاظم بن سهيل ومن بعده بيد السيد حسن الصدر الكاظمي والد السيد محمد الصدر رئيس مجلس الاعيان ومن بعده ترجع التولية للمرجع المقلد للشيعة الامامية،. والحاج كاظم بن سهيل هو والد الحاج محمد علي المختار/ مختار محلة الشواكة الذي عاش ومات ولم يدخل جامع الشواكة كون التولية لم تؤول اليه فيما بعد وانما الى السيد جواد الغريفي من قبل السيد حسن الصدر.

     وكان جامع الشواكة قد بنيت اسسه 1347هـ الموافق 1928م، عندما كانت الشواكة بستان وبيوت طينية وصرايف للفلاحين والسماكة والبلامة،.. وكانت هناك بعض البيوت المتناثرة لبعض التجار ووكلائهم لمراقبة تجارتهم واعمالهم عبر النهر في باب السيف ومنهم والدي الحاج عبد الحسين الكاظمي أبو الجلود (رحمه الله)، وكان والدي من أصدقاء السيد جواد الغريفي وقد ساهم بمجيئه الى المسجد حيث كانت له كلمة واحترام عند أهالي الشواكة باعتبار الكثير منهم كانوا يعملون عنده او يمول أعمالهم مع بيت الدرة وبيت الوتار فضلا عن صلته واحترامه عند السيد حسن الصدر (رحمه الله).

     وقد امّ الجماعة اول الامر في المسجد الشيخ (شكر) وكان اول قاضي جعفري بعد الفصل في المحكمة بين المذاهب وكان الشيخ من سكنة محلة باب السيف. ثم ترك المسجد لما وجد من اهله العنت وسوء المعاملة واهمل.

التزام السيد جواد الغريفي لجامع الشواكة (1934م – 1974م)

     لم يكن لجامع الشواكة امام راتب حيث لم يرغب احد في التزامه لكونه مسجد معزول ضمن بيوتات محدودة وكان الناس معدمين ماديا وغير ملتزمين أخلاقيا وغير منسجمين اجتماعياً فلم يرض احد القدوم للمسجد للامامة فيه، علما ان منطقة الشواكة والكريمات وباب السيف كلها منطقة شيعية، وكانت توجد بيوتات لليهود والصابئة وبعض اهل السنة هناك، وكان (السيد حسن الصدر) يجد حرجا شرعيا من فراغ الجامع وعدم وجود من يلتزمه للامامة باعتباره المتولي الشرعي والقانوني عليه.

     وفي بداية الثلاثينيات من القرن الماضي كان السيد جواد السيد محسن الصائغ البحراني الغريفي - كما كان يلقب نفسه وكذلك اخوته ووالده- قد جاء من النجف الى بغداد لعلاج ولده الكبير واسمه (كاظم) وكان عمره 14سنة ولكنه توفي ودفن في صحن الامام الكاظم(ع) وتوفي له فيما بعد ولدان صغيران بعمر السادسة تقريباً بسبب المرض احدهما (خضر) والآخر (نور الدين)، وبعد فترة من الزمن مرض السيد (محي الدين) وكان حدثا واصغر من السابقين، فكان يشتكي من التهابات شديدة في احدى كليتيه ولم يجد السيد بدا من البقاء في بغداد لشدة خوفه عليه فعرضه على كثير من الاطباء ومنهم الأطباء الانكليز، وكان يقيم في مدينة الكاظمية وينزل بضيافة والدي الحاج عبد الحسين ويلازم السيد حسن الصدر الذي كان يجل السيد جواد كثيراً، فالسيد جواد من اتراب السيد محسن الحكيم وكان قد حضر معه الدرس عند اكابر علماء الامامية، فاشار السيد الصدر على السيد جواد بالإقامة في بغداد بعد ان فهم منه سبب قدومه الى بغداد رعاية لولده ولخدمة الناس في مسجد الشواكة (الزركجي)، وبعد اضطرار السيد جواد للبقاء وخصوصا بعد ان أجريت عملية لابنه (السيد محي) استأصلت على اثرها احدى كليتيه فكان مرض ابنه سببا في بقاءه في بغداد، اقام فيها ما يزيد على أربعين سنة، وأمّ الصلاة في مسجد الشواكة وادامه وزاد في تعميره.

     وبقي السيد جواد الغريفي في الجامع بضع سنين الى نهاية الثلاثينيات ولكون الأهالي من ادنى طبقات المجتمع على المستوى المادي والثقافي والاخلاقي فقد كانوا يضايقونه كثيراً ويضمرون له الأذى وكان يشكو ذلك لوالدي (رحمه الله) مما اضطره لتركهم والذهاب الى (منطقة الدوريين/علاوي الحلة) بطلب من اهلها. فاحتضنه أهالي العلاوي ورجالات الكرخ ووجهاءها وبقي هناك عدة سنوات سعى فيها ببناء حسينية الدوريين مع الحاج علي المسير (رحمه الله) -التي تسمى الان جامع وحسينية الكرخ والتي يلتزم امامتها حفيده السيد احمد الغريفي-، وبعد ان اتمها واقام الجماعة فيها اصبحت محط انظار بغداد فعزّ ذلك على بعض رجال الشواكة العقلاء فجاؤوا الى السيد وتوسلوا رجوعه اليهم لان مسجدهم هُجر وتُرك، وهو موطن عزتهم وسمعتهم واصبح الناس يلومونهم ويؤنبوهم وخصوصاً أهالي باب السيف والكريمات حيث لم يقبل أي عالم دين بالقدوم لهم ولم يقم فيه احد الجماعة لكثرة مشاكلهم وانحرافاتهم، وبعد ذلك استجاب السيد جواد لطلبهم وجعل ولده (السيد محي الدين) يأم الجماعة في (حسينية الدوريين) الى حين هجرته الى النجف الاشرف مع أخيه (السيد كمال الدين) (سنة 1952م). لغرض اكمال دراستهم، بعد ان درسوا مقدمات العلوم الدينية على يد والدهم السيد جواد، وكان السيد محي قد أسس مكتبة دينية عامة 1951م في جامع الشواكة تتناسب مع حجم الجامع وحاجات ذلك الزمان وقد بقيت المكتبة مستمرة الى ان عطلت في السبعينات.

     وكان الولد الأوسط للسيد جواد وهو (السيد عز الدين) قد بقي معه يقيم بالشؤون الدينية ويأُم الجماعة في حسينية الدوريين فترة من الزمن، وقد كان للسيد جواد ايضا ثلاثة أولاد افندية يعني لم يلبسوا العمة في حينه وهم (السيد ضياء الغريفي) وكان يعمل في دكان بمحلة الذهب يبيع الأدوات النجارية وكان معي في المدرسة لكنه ترك الدراسة ولم يتم المرحلة المتوسطة في بغداد،. وولده (السيد صفاء الغريفي) اكمل الكلية وتوظف وهو الان يلبس العمة في النجف الاشرف ويطلب العلم،. وأصغرهم (السيد هاشم الغريفي) واكمل الكلية وتوظف وهو الان يرتدي العمة ويمارس الوظيفة في دائرة اتصالات النجف، وقد التقيتهم في النجف الاشرف عدة مرات بعد طول انفصال.

     ومنطقة الشواكة منطقة فقيرة، ولكونها محلة جديدة وحديثة النشأة في ذلك الوقت وكان معظم سكانها بسطاء ومن المعدمين معرفيا وماديا ممن استقدمهم التجار معهم من المناطق التي قدموا منها ليقوموا بأعمال الخدمة والحمل والحراسة مقابل سكنهم واكلهم وشربهم فكانوا خليط هجين غير متجانس يجمعهم هم العيش والحاجة وكذلك محلة الكريمات وباب السيف لذلك كانت اكثر المحلات انفتاحا على الغرباء فسكنها الغرباء والمهاجرون من الأرياف وصارت ملفى لبعض المطلوبين عشائريا والمنبوذين اجتماعيا وحتى تجرأت بعض العوائل المنحرفة بالسكن فيها، وفي نهاية الستينات سكنها الكثير من الفرات الأوسط بعد هجرتهم من المشخاب وغماس وأبو صخير والشامية والكوفة والديوانية وغيرها، وكلهم يدّعون انهم نجفيين وكان كثير منهم ضعاف النفوس والعقيدة لذلك استغلهم نظام البعث للتجسس على الناس،.. وتجد في الشواكة الكثير من المطيرجية، والمنحرفين وأصحاب الكيف من رواد الملاهي ومحتسي الخمر وخصوصا ان الملاهي والمشارب قريبة منهم في الصالحية وكذلك المحلات المجاورة. ولذلك فقد نشط فيها الحزب الشيوعي واصبحت مغلقة ومن اقوى التنظيمات الشيوعية في بغداد، هي والكريمات وباب السيف، حتى سميت موسكو الصغرى ، وكان للسيد جواد وأولاده في هذه الفترة - المد الشيوعي نهاية الخمسينات -، خطاب عقلاني لم يكن فيه استفزاز لأحد وبقي السيد محافظا على الاحترام حتى انزاحت الفتنة، وفيما بعد عندما جاء البعثيين تحول اهل المنطقة الى بعثيين لانهم أصلا متقلبين ومصلحجيين وغير مبدئيين واكثرهم والغالب منهم ارتبطوا بالأجهزة الأمنية والحزبية.

     وفي منتصف الستينات كان السيد جواد الغريفي قد كبر في السن واشتد عليه المرض فاستدعى ولده السيد كمال الدين لأعانته في اقامة الشؤون الدينية ومهامه الاجتماعية في المنطقة وبقي معه حتى وافاه الاجل نهاية(1974م) عن عمر يناهز (84 سنة)، فالتزم السيد عز الدين بعد والده في مسجد الشواكة.

     وككل العوائل والاسر الدينية والعلمية ابتليت عائلة السيد جواد الغريفي واولادهم بالحسد وقطيعة الرحم بينهم وما يجر ذلك من تعدي وبغي وظلم بعضهم على الآخر مع الأسف، وقد توارثوا هذا الامر وقد حاولنا مع بعض المؤمنين تقريب وجهات النظر مع بعضهم حتى ان السيد محي الدين كان في اخر أيام حياته يكثر من الاستغفار وطلب ابراء الذمة ممن حوله حتى توفي في (1992م) بعد فترة علاج زادت على ثلاثة أشهر في دار أخيه السيد كمال الدين وتوفي في مرض سرطان الرئة بعد اجراء عملية جراحية، وقام أخيه السيد كمال الدين بتجهيزه ودفنه واخذ العزاء فيه في تلك الظروف العصيبة.

التزام السيد عز الدين الغريفي لجامع الشواكة (1974م – 1991م)

     التزم جامع الشواكة بعد وفاة السيد جواد الغريفي ولده السيد عز الدين الغريفي -والمعروف اجتماعيا بالسيد عزيز- حيث قام بالامور الشرعية و اشتهر باجراء عقود الزواج والطلاق، وكانت تلك مرحلة اضطرابات وتحولات سياسية وأهالي الشواكة بعد ان كانوا شيوعيين يساريين اقحاح رجالا ونساء تحولوا بعد مجيء نظام البعث الى بعثيين ومتجسسين مخلصين الى عفلق وصدام وهذا ديدن الطبقات الواطئة والمسحوقة، وكانت من لوازم حزب البعث ابراز الولاء من خلال التجسس وكتابة التقارير.

     وكان اكثر رواد المسجد هم من المناطق المحيطة بمنطقة الشواكة وليسوا من أهالي الشواكة مما زاد في حقد وحسد الكثير من أهالي الشواكة، وعُرف السيد عز الدين في تلك الفترة ببعض الخطب الجريئة والمجازفات الغير محسوبة تجاه النظام وهو يعلم ان المحيطين به غير ثقات لكنه وقع في فخهم، وكُتِبت عليه الكثير من التقارير وسُجل صوته حتى قام بعض الجيران بتصوير المصلين من السطح دون حياء وقد تبين من خلال شهادة بعض ممن عرفناهم من الحزبيين ان الأشخاص المساهمين ضده اغلبهم من أهالي الشواكة، وقد اعتقل 1980م هو ورواد المسجد واطلق سراحه بعد فترة وجيزة وظهر السيد بالتلفزيون مضطراً وهو يلقي قصيدة تمجيدا بصدام وحزب البعث ونشرت توبته في اليوم التالي في الجرائد العراقية وبعد فترة عاد الى امامة الصلاة في مسجد الشواكة حتى وافاه الاجل سنة 1991م (رحمه الله).

     ومما تشفع للسيد عز الدين انه كان في 1963م يحارب الشيوعيين الى جانب البعثيين ويوزع منشوراتهم وله علاقات مع بعض رجالاتهم بتنسيق مع السيد محمد رضا الحكيم نجل السيد محسن الحكيم وقد ذكرهم بذلك وهم يعلمون به لكن البعثيين لا وفاء لهم.

      وقد قرات في مقالة عن الشواكة وحزب البعث ذُكر فيها ان ممن تجسس على السيد عزيز أو وشهد ضده، (عليوي أبو سمير) و(فؤاد العجمي) و(سيد فاضل الشريفي) و(عبد الرضا المضمد) و(هادي أبو حسن) و(شهاب ابن ربيعة واخيه علي الاعور) و(حسن ابن ارحيم) و(قصي المعلم ابن مهدي حنفيش)كان شيوعيا هو وعائلته و(سعدي ابن سيد مهدي لافي)كان شيوعيا هو واخوته و(ابن مالو بالكريمات) و(رياض الحلو ابن العجمية) و(عباس الكشي) و(علي الهاشمي الذي لقب أخيرا علي الحداد) وكان سابقا من اقطاب الشيوعيين و(سعدي وصلاح أولاد سيد مهدي النجار) و(أبو ليلى)، وغيرهم لا مجال لذكرهم، وكانت هناك عائلة ارتبط كل افرادها بالامن في الشواكة ويسمون (بيت تكليف) كلهم ارتبطوا بالأمن ابنهم (تأويل) واخوته وكلهم بعثيون صداميون هم واقاربهم يتجسسون على أهالي الشواكة ويكتبون التقارير، ولم يقتصر التجسس على الرجال فكانت هناك عدة نساء يجلسن بأبواب الدور ويراقبن ويتربصن ويسجلن، وازواجهن مع السيد، وهن من البيوت المحيطة بالمسجد .   

التزام السيد احمد الغريفي لجامع الشواكة (1992م - 2010م)

      اصبح مسجد الشواكة في الثمانينيات مهجورا وكان عدد المصلين لا يتجاوز عدد أصابع اليد وان زادوا فلا يتجاوزون الـ(10) حتى توفي السيد عزيز (رحمه الله) في سنة الانتفاضة الشعبانية 1991م، اثر مرض عضال وعدة امراض مزمنة، وقام بتجهيزه وتشييعه ودفنه واخذ العزاء فيه أخيه الأصغر السيد كمال الدين وقام بإقامة مجلس للفاتحة في الشواكة والدوريين، وبقي المسجد فارغاً لعدة اشهر لا تقام فيه الصلاة، حتى اقام الجماعة فيه من بعده ابن اخيه (السيد أحمد الغريفي) بطلب من أهالي الشواكة انفسهم منهم (الحاج حمزة حبيب) و(الحاج علي العامري) و(الحاج حسن شكر) و(الحاج صالح النشمي) و(السيد نعمة كمونة) و(الحاج حسين السقا) و(الحاج أبو صادق الزائر العقيلي) وغيرهم، - ولي صحبة عميقة مع السيد احمد ترجع الى أيام مجالس حسينية الجوادين التي كان يقيمها والده السيد كمال الدين في الشالجية حيث سكني وسكن والدي (رحمه الله)-، وقد كان (السيد احمد) اكثر احفاد السيد جواد الغريفي ملازمة له سواء في الدار او المسجد حتى ان السيد احمد كان يكتب لجده السيد جواد بعض ما يريد كتابته على صغر سنه لأن السيد جواد (رحمه الله) في أواخر سنينه ضعفت يده وضعف بصره، ودائما كان يقول له جده متى تلبس العمامة لأنني لبستها وانا اصغر منك وكان يحبه كثيراً ويضاحكه دائما كونه الحفيد الوحيد من ابويين غريفيين حيث والد امه هو ربيب السيد جواد وابن عمه، وكان والده السيد كمال الدين قد وجهه التوجه الديني، وكان قد حضر على والده بعض الدروس الدينية والعقائدية منذ نعومة اظفاره وجل ما استفاده في حياته الفكرية كان من والده السيد كمال الدين الغريفي كما كان يقول دائماً، وحضر عند عمه السيد عز الدين الغريفي كما حضر دروساً عند بعض الافاضل وفي فترات متفرقة في النجف الاشرف مع اخويه السيد حميد والسيد محمود لكن الوضع الأمني وكثرة ارتباطاته والتزاماته في بغداد مع والده وفي جامع الشواكة لم تسمح له بالاستمرار لفترة طويلة في النجف الاشرف، واكمل دراسته الأكاديمية حتى الدراسات العليا في جامعة بغداد كلية الآداب قسم الفلسفة بامتياز إضافة لدراسته الحوزوية وقراءاته الخاصة.

     وعندما جاء الى المسجد وجد المسجد عبارة عن خربة ومليء بالانقاض والسكراب والتخسفات وتسرح فيه الحشرات والقطط والحيوانات القارضة لقدم بناءه وشدة اهماله حيث انه لم يرمم ترميما حقيقيا منذ تأسيسه من ثلاثينيات القرن الماضي فرممه وأعاد صياغة بناءه من السطح والارضيات والصحيات والكهربائيات والسقوف والاعمدة والابواب ولم يبقي شيئا على حاله حتى تراه الآن اصبح في حلته القشيبة الزاهية والبهية، وكما عُمّر بالبناء عُمّر بالمصلين.

     وكان السيد احمد الغريفي قد التزم المسجد بإذن شرعي من السيد الخوئي(قدس) والسيد السبزواري(قدس) والشهيد الشيخ الغروي(قدس) وباذن شرعي من السيد السيستاني للسيد كمال الدين والسيد احمد بالتصرف بالأوقاف المسؤولين عنها وكان ذلك بعد إتمام اربعينية السيد الخوئي، ولما كانت ظروف العمل الإسلامي محدودة توجه الى العمل الاجتماعي والذي هو لب العمل الإسلامي وكان ذلك في فترة الحصار القاهر وكانت الشواكة من اكثر المناطق المتضررة فكان أهلها يمرون بضائقة مالية خانقة فشعر السيد بواجبه الشرعي والإنساني ليقدم ما يستطيع لهم لرفع الشدة عنهم وكان هذا ديدنه حيث كان يحتقر رجل الدين (المرتزق) الذي لا يشعر بمسؤوليته تجاه الاخرين ويجعل من العمامة عدّة للارتزاق ولا يقوم بواجباته الحقيقية تجاه المجتمع، فكان يعطف عليهم ويحسن اليهم لأنه ولد وعاش بينهم ويعرف مشاكلهم فأكثرهم غير متعلمين ولا تفي مردودات عملهم بأعباء معيشتهم واكثرهم مستأجرين وغير مالكين لدار سكناهم، وكان قد اجرى رواتب شهرية لأهل المنطقة المعدمين من خلال علاقاته الاجتماعية الواسعة في الداخل والخارج كما انه تكفل بأمور العمليات الجراحية لأبناء المنطقة ومحيطها وكان كل من ينتظر منهم مولود وتقرب ولادة زوجته يأتي الى السيد ليطمئن بوجود ضمانة له بمن يتكفل به ويؤدي عنه أعباءه ومصاريفه، وتكفل بعلاج ودواء كل من عنده مرض، ومن كان يموت من الطبقة الفقيرة يقوم بتجهيزه ويشارك بإقامة طعام فواتحهم ويقول هذا الطعام لكل الناس المحتاجين وليس فقط لأهل الميت،. وكنت من الساعين مع السيد في هذا الامر مما تجود به أيدي الخيرين وهذا ما يعرفه القاصي والداني والعدو والصديق،. حتى اصبح جامع الشواكة مؤسسة اجتماعية يقصده الناس لدفع الحاجة عنهم، وكانت مؤونة الصيف والشتاء مشهورة ففي الصيف يوزع ملابس الصيف وفي الشتاء ملابس الشتاء، وكذلك في مواسم المدارس والاعياد، وفي كل شهر رمضان مائدة إفطار عامة تحوي كل صنوف الطعام ولا يمنع منها احد سواء كان صائما او مفطرا لأن الجميع يقصدون سفرة الله، وقد هدى جماعة كثيرة بسلوكه هذا واستقطب كثيرا من الشباب، ومن جراء هذا النشاط اعتقل عدة مرات من قِبل المؤسسات الأمنية لأغراض التحقيق والتخويف والتعذيب كما كان في الثمانينيات، حيث حكم عليه بالاعدام لكن نجاه الله وكنا من الساعين بتخليصه من ذلك وسنذكر الامر في حينه، وكان ممن حقق معه (عجيل العجيل التكريتي) ومقدمه السياسي المدعو (مقدم عبد السلام) (ورائد ناصر) وكذلك بعض ضباط الامن ممن استغلوا هذا الامر منهم العقيد (محمد الرفاعي) والمقدم (محمد الدليمي) والمدعو (أبو درع) وبعدهم الملعون (سامي مرهون الدجيلي)، وكانت من بعض الأسئلة التي تطرح عليه من أين لك هذا؟، وكان جواب السيد بكل صراحة ووضوح هذا من الحقوق الشرعية وتبرعات الناس والذين لا اعرفهم فكانوا يأتون للمسجد ولمسكني الذي بجانب المسجد، وقد اخبرهم بانه ليس كباقي المعممين فكان يستطيع ان يأخذ المال في جيبه دون ان يعلم احد به، الا انه كان يعطي للفقراء ويتقاسم حتى لقمته مع الناس وامام رؤوس الاشهاد ولا يخفي شيئاً وكان يسكن في بيت والده الذي لا يتجاوز ال30 متر،. واخر الامر اعتقلوا السيد سنة 1996م قبل شهر رمضان ب3 أيام وكانت هذه من اشد الأوقات عليه حتى خفنا ان لا يخرج منها، وبعد توسط الناس ومجموعة من الوجهاء والمتنفذين خرج السيد من المعتقل منكسرا وكان قد اوذي بها، ومن جملة ما امُر به ان يترك المسجد وكان بحكمته قد اقنعهم بانه سوف اترك المسجد تدريجيا حتى لا يؤخذ على الدولة بانها منعت الصلاة وبانها ضد المسجد ولوجود ما يسمى الحملة الايمانية لصدام في تلك الفترة، وخاصة ان المسجد قد نُكب واعتقل المصلين منه سنة 1980م، فقد كان السيد يشعر في نفسه انه اذا انقطع مباشرة عن المسجد فسيفزع المصلون ويعود المسجد مهجورا، وكان السيد مريضا فقد آذوه في رجليه وظهره وكان الناس يعودوه في بيت والده وبدا يرتاد المسجد اخوته السيد محمد والسيد حامد وكانوا يتناوبون على المسجد والتزموه الى وقت هجرتهم الى للنجف الاشرف أثر الاحداث الإرهابية، وبين فترة وأخرى يأتي السيد احمد للمسجد ومع ذلك فلم يترك الفقراء.

     وكان اكثر ما المه وبقي في نفسه ان مدير الأمن (عجيل العجيل التكريتي) وعلى مكتبه في مديرية الامن ضرب على ملف من شدة حنقه وقال (هذه 32 تقرير عليك من أهالي الشواكة) ،... والسيد ساكت حتى ان التكريتي اشفق عليه وقال له هل هؤلاء الذين تساعدهم وهؤلاء هم المصلين؟، فرد عليه السيد سيادة المدير هل جزاء الاحسان الا الاحسان فانا لم اسيء الى الدولة وهؤلاء الأشخاص احسنت اليهم وكنت استطيع ان اضع الأموال في جيبي ولكن ساعدتهم ووقفت معهم، فنحن لسنا مرتزقة بالدين او عملاء للخارج فوقف (عجيل العجيل التكريتي) وانتبه لكلامه وقد احس السيد منه باستجابة غريبة فاجلس السيد وضيفه وقال الذين كتبوا عليك هم من أهالي المنطقة وعرض عليه أسمائهم واذا بهذه الأسماء هي من بعض الأشخاص الذين كان السيد يساعدهم ويعالجهم ويساعد عوائلهم واولادهم،. وفي اثناء هذه الفترة لم تكن وزارة الأوقاف بمنأى عن المسجد في محاربة خطب الجمعة والمناسبات فكان اول مسجد في العراق يقيم مجالس عزاء ولطم على الحسين (ع) هو مسجد الشواكة 1992م، في تلك الفترة كان النظام في بداية خروجه من ازمة الكويت وقد حُذر السيد من إقامة ذلك وكان يجيب ويقول متى ما منعونا نمتنع، وكان السيد كمال الدين الغريفي يقيم محاضرات دينية في شهر رمضان ومحرم الحرام وكانت تقام دورات دينية ومسابقات ثقافية،.. والأوقاف دائما ما تلح على السيد لمراجعتها والخضوع وكان السيد يقول لهم نحن متولون شرعا على المسجد ونسير قانونا على شرط الواقف وقد دخل السيد معهم في سجالات طويلة عريضة قانونية وغيرها حتى صارت مواجهة مباشرة مع مدير الأوقاف (ناصر الناصري التكريتي) وكان طائفيا و(علاء الدين القيسي) وكان منافقا طائفياً خبيثا وبسببهما اعتقل السيد عدة مرات لانهم أرادوا تحطيم المسجد وتحديد مهامه وتحديد سلوك السيد، وكل هذه من الأمور التي منعت السيد من المجيء الى المسجد وبقي اخوته السيد محمد والسيد حامد يتناوبون على المسجد وكان السيد احمد يحضر لبعض المناسبات واللقاءات حتى سقوط النظام البائد، وأُقسم بالله العظيم وانا صادق لولا شجاعة السيد احمد وحكمته ومناوراته الذكية معهم لكان جامع الشواكة وقفاً مضبوطاً الى وزارة الأوقاف في حينه ولكانوا استولوا على مكتبته العامرة وعلى بيوت الوقف الملحقة به.

     وبعد 2003م عاد السيد احمد للالتزام بالمسجد حتى الحرب الطائفية فكان قد هُدد تهديدا مباشرا لكن نجاه الله وقد هُدد بعدها ايضا عدة تهديدات فنصحته القوات الأمنية بعدم القدوم للمسجد، وبعد استشهاد والده السيد كمال الدين الغريفي في 2005م التزم هو مكانه في حسينية الدوريين وكان شارع حيفا طائفيا يشهد حرب إرهابية قاسية ومع حراجة الموقف بقي السيد يرفد المسجد بالمساعدات والاعانات بالمناسبات الدينية وقد وظف وعين عدد من الشرطة للمسجد من اهل الشواكة لحماية المسجد كما انه عين وارجع للخدمة والوظيفة عدد كبير من أهالي الشواكة لكن دائماً ما كان يقول بان أهالي الشواكة لا وفاء لهم وعملي قربة لله لا لهم لانهم لايستحقون شيئاً ولا يستاهلون، وقد ارسل ولده السيد محمد حسين الغريفي عدة اشهر لأمامة الجماعة في المسجد ولكن السيد آثر بأن يتفرغ ولده للدراسات العليا ورأى بان توجهه للدراسة اكثر جدوى من بقاءه ملتزما في المسجد ومع مثل هؤلاء الناس، وقد زادت التزاماته في حسينية الكرخ وخصوصا عندما كان داره وحسينية الدوريين يتعرضان في تلك الفترة الى اعمال إرهابية مباشرة أصابته احداها.

     وبسبب كثرة انشغاله كان بعض ضعاف النفوس من المنحرفين يتدخلون في أمور المسجد باحثين عن جاه او تحسين لصورتهم المشوهة، فكان السيد يزجرهم ويطردهم ولا يعطيهم موطيء قدم لانهم مطعونون في شرفهم وكل اهل الشواكة ومحيطها يعلمون ذلك قطعاً،  فآثر ان يتخلى عن التزامه بالمسجد ليفي بالتزاماته الأخرى فارسل أوراق المسجد الى سماحة السيد السيستاني بواسطة ولده السيد محمد حسين الغريفي وعرض الامر على السيد محمد رضا السيستاني وبانه غير متفرغ للالتزام بالمسجد لكن السيد ارجع الأوراق وقال (يبقى الوضع كما هو عليه)، فارسل رسالة مطولة يشرح ظروفه وأعطى أوراق المسجد الى عمه (السيد ضياء الغريفي) وطلب منه بشدة ان يستلم جامع الشواكة باعتبار مكان والده ليقوم هو بأمور المسجد لانشغال السيد احمد بالوضع العام وارتباطه بجامع وحسينية الكرخ ومؤسسة السيد كمال الدين الغريفي،. وكان السيد ضياء قد لبس العمامة بعد سقوط النظام الصدامي وكان قبل ذلك صاحب محل لبيع الأدوات النجارية في محلة الذهب وكان قد امّ الجماعة فترة من الزمن في حسينية الشيخ بشار في منطقة راس الجسر وتلك المنطقة منطقة خاضعة للإرهاب فهي بجوار خلايا إرهابية كثيرة في منطقة الصعدة والسوامرة والتكارتة وهو الان القائم بأمور جامع الشواكة والملتزم فيه هو وولده السيد وميض وفقهم الله لكل خير.

وللحديث بقية....

مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.38315
Total : 101