يثار اليوم جدلاً واسعاً بين الأوساط التي تعنى بالطفولة وحقوق الطفل حول ظاهرة رمي الأطفال حديثي الولادة على قارعات الطريق أو في أماكن النفايات بالقرب من مشافي الأطفال وهي ظاهرة مأساوية دخيلة على المجتمع العراقي المعروف بالوفاء والطيبة . وفي هذا الجدل هنالك من يقول انهم أطفال جائوا بطرق غير شرعية مبرراً لتك الجريمة مع أن الأمر فيه شكوك كثيرة لأن من تسلك الطرق غير الشرعية في العلاقات بالضرورة هي تبحث عن المال ومادامت تجني هذا المال فليس من الصعوبة أن تقوم بالأجهاض في بدايات حملها لذلك علينا أن نعترف على الفقر والجوع والفاقة تعَد أسباب معقولة لتلك الأفعال رغم عدم شرعيتها وعلينا ان نعترف ان أعداد كبيرة من العوائل اليوم لاتجد لقمة خبز تسد رمقها . وأمام هذه الظاهرة المأساة علينا مراجعة الذات لنصل الى قناعة وثقافة تدد الأنجاب بسبب الظروف المفروظة علينا قسرياً .
نصيحة اطلقها لمن يسمعها لاأقصد فيها أو منها السخرية انما واقع البلد يحتم علينا ان نعالج أوضاعنا والتعايش مع الظرف الكارثي المفروض علينا أن نعيشه والذي سيكون اكثر قساوة في قادم الأيام . !
ليست فتوى أو توجه لأصدارها كفتوى ولكن هي محاولة للنصح من اجل انقاذ الأجنة من مرحلة عذابات قد تبدأ منذ بث الروح فيها وهي تحتاج الى من يعينها على النمو بشكل سليم بينما نحن في بدايات مرحلة من الفاقة والعوز الكارثي بعد أن بددت الحكومات كل ثروات البلد ولم يتبقى فيه سوى الفتات التي تستنفذه يوماً بعد آخر … ثقافات اجتماعية نعرفها مذ كنا صغارا تشير الى أن الله سبحانه وتعالى يساعد في أكمال عملية دفن الميت كما يسَّهل عملية الزواج لمن ينوي الزواج وتلك ثقافات كانت موجودة عندما كانت الطيبة والنوايا الصادقة والتعامل الأنساني سمة من سمات قادة المجتمع بعيداً عن المصالح الضيقة ولذلك كان مجتمعنا ينعم بالخير الوفير على قلته كما ينعم بالخدمات والأهتمام الصحي والتعليمي حتى وصل المجتمع في وقت ما الى مجتمع خالي من الأمية وبعيداً عن أزمات السكن والبطالة فضلاً عن توفير التأمين الصحي الذي جعل البلد ليكون في مقدمة البلدان التي تقل فيه نسبة الوفيات . . !
اليوم الأوضاع في المجتمع تختلف تماماً وتكاد تكون اوضاع كارثية نتيجة لتسلط مجموعات من المتسولين على رقاب الناس ليسلبوا كل شيء من الوطن والمواطن وليجردوه من أبسط حقوقه من اجل العيش بسلام ليصبح المواطن بعد اكثر من 13 سنة على مايسمى بالنظام الديمقراطي مهدد بحياته وقوت يومه وعياله حيث انتشار الفقر والعوز والفاقة بعد ان انتشرت الأحياء العشوائية والتي زادتها الأحزاب الحاكمة للأفادة منها في كل عملية انتخابية تجري في البلاد .فضيحة قطع الأراضي التي وزعها المالكي وأعوانه للسذج من الناس لازالت تتفاعل حيث تبين على انها عملية نصب وأحتيال لاينفذها حتى أولاد الشوارع لكن ساستنا طبقوها على البسطاء وهم يتراقصون على الفقر الذي اصاب الناس نتيجة لسياساتهم المقرفة .المليارات من الدولارات نهبت من الشعب وبشكل منظم وتم تحويلها لأشخاص بعينهم كانوا ولازالوا يمثلون ذراع العمالة لأيران وغيرها حتى استحال البلد الى خراب . لذلك نقول والى ان ينتفض فينا الهاجس الوطني ونتخلص من الطغمة الفاسدة والظالمة ينبغي لنا ان ان نحمي انفسنا وابنائنا ونوقف الأنجاب ولو بشكل مؤقت فالفقر ينتشر في البلاد دون معالجات أو حلول ذلك أن الذي جاء ليكون مخَرِّب لايمكن له ان يبني او يساعد في البناء وقد قيل أن فاقد الشيء لايعطيه .
الحياة حتى تستمر بشكل طبيعي تتطلب مستلزمات ضرورية أهمها الرعاية الصحية والجميع يعرف ان الواقع الصحي في العراق هو في أسوأ حالاته بل هو الأسوأ في العالم . فأحذروا من أيام سود ستأتي لامحالة بعد ان اصبحت خزينة البلد مفلسة بالكامل وأن مرتبات الموظفين في خطر داهم
والغريب أن البعض من أولياء أمور الأطفال الذين يجولون الشوارع يبيعون المناديل وعلب الماء بحثاً عن لقمة خبز تجدهم يستمرون في زيادة الأنجاب وكان الأولى بهم أن يوفروا حماية لأولادهم على ألأقل وهم في سن الطفولة … وحسبنا الله ونعم الوكيل .
مقالات اخرى للكاتب