من المفارقات المضحكة في هذا الزمن العجيب، أن الدويلات النفطية الراعية للإرهاب هي التي تتظاهر اليوم بالقضاء على الإرهاب، وهي التي تعقد المؤتمرات المحلية والإقليمية والدولية بذريعة تجفيف منابعه، وهي التي تذرف الدموع على ضحايا الإرهاب، وتمشي في جنائزهم، في الوقت الذي تحرص فيه أشد الحرص على رعاية الخلايا الإرهابية، وتوفير مستلزمات ديمومتها وبقائها، فتمدها بالمال والعتاد والانتحاريين، من أجل تحقيق أهدافها التخريبية، التي تتلخص: بتشويه صورة الإسلام والمسلمين، وتمييع القضية الفلسطينية، والسماح للشركات الغربية بنهب ثرواتنا الطبيعية، وتمرير المخططات الإسرائيلية، وتعزيز قوة القواعد الأمريكية في حوض الخليج العربي، وتدمير بقايا معالم حضارتنا البابلية والفرعونية والسومرية والكلدانية والأكدية والآشورية والفينيقية القديمة، ونشر الخوف والرعب في مدننا وأريافنا، تمهيدا لتمزيقنا وتقسيمنا إلى فصائل متخاصمة، وطوائف متناحرة.
لا أمل في النجاة من مكر هؤلاء وخبثهم إلا بمعجزات كونية، وصواعق ساحقة ماحقة تقصف أعمارهم، وتقضي عليهم. تخلصنا منهم وتبعد عنا شرورهم، فالأموال الطائلة التي أنفقوها وينفقونها لإذكاء نيران الفتنة لا حدود لها، والدسائس التي يحيكونها في السر والعلن لم يرتكبها قبلهم قوم نوح، ولا أصحاب الرس وثمود، ولا عاد وفرعونَ وأخون لوطٍ، ولا أصحابُ الأيكةِ، ولا قومُ تُبَّع.
تآمروا على (جمال عبد الناصر). تآمروا على (هواري بومدين). تآمروا على (عبد الكريم قاسم). خاصموا أشراف العرب. خذلوا المنظمات الفلسطينية. طعنوا (حماس) في ظهرها. غدروا الشعب العراقي. تحالفوا مع المتحالفين ضده. ساروا في أذيال الغزاة الذين صبوا حممهم فوق رؤوسنا. دمروا مدننا. نهبوا ثرواتنا. أرسلوا منظماتهم الإجرامية لتقتل الناس على الهوية. ساروا ثانية خلف عصابات الناتو التي مزقت ليبيا في (فجر الأوديسا)، حتى أعادوها إلى عصور الجهل والتخلف، وزرعوها بالعصابات الإرهابية المتنافرة.
كانوا أول من أبتكر برامج (صناعة الموت) في أرجاء المعمورة، وأول من وضع التصنيفات المخزية لبعض القبائل العربية، التي اطلقوا عليها صفة (البدون)، فحرموهم من أبسط استحقاقاتهم البشرية، وأول من شيد محطات البث الفضائي المتخصص بتضليل الناس، وأول من احتكر زراعة الأفيون في أفغانستان، وأول من نشر الجرائم الطائفية المنظمة عبر خلايا القاعدة، وخلايا (بوكو حرام)، ثم وقفوا وقفتهم الخسيسة مع الدواعش، ففتحوا لهم مكاتب التطوع، ومنحوهم جوازات العبور إلى الجحيم.
هذه هي الحقيقة التي ينبغي أن نعترف بها، فلا تأخذكم العزة بالإثم قبل أن تتعرفوا على حجم الحقد، الذي يحمله هؤلاء ضد العرب والمسلمين، فقد بات واضحا للقاصي والداني مدى تورط زعماؤهم. أو بالأحرى - (أصحاب الدكاكين البترولية) - في مسلسلات التآمر، وحلقاتها المعادية للجنس البشري.
مقالات اخرى للكاتب