نعم ثلاثة وثمانون عاماً بحلوها ومرها بقضها وقضيضها مرت على الحزب الشيوعي العراقي منذ تأسيسه على أيدي الرفيق الخالد فهد في ٣١ / ٣ / ١٩٣١. ومنذ ذلك الحين وخلال سني كفاحه الطويلة المعمدة بالدم والتضحيات شق الحزب طريقه نحو الفضاءات الواسعة وتربية رفاقه على حب الشعب والوطن والمثل العليا .
لم يألو جهداً في تقريب وجهات نظر القوى الوطنية من أجل الإستقلال الناجز وضد المشاريع الإستعمارية التي تكبل بها العراق منذ تأسيسة عام ١٩٢١ إنطلاقا من توصية فهد التي سطرها لهم بمداد من نور ( قووا تنظيم حزبكم قووا تنظيم الحركة الوطنية ) .
وتتوج هذا العمل المضني بإنبثاق ( الجبهة الوطنية ) في أيار ١٩٥٤ عن تأليف جبهة وطنية للإنتخابات التي جرت زمن حكومة أرشد العمري وتم نشر ميثاقها الوطني الديمقراطي والتي كانت موقعة بإسم الحزب الوطني الديمقراطي وحزب الإستقلال وممثلين من العمال والفلاحين والمحامين والأطباء والطلاب والشباب الذين كانوا يمثلون في حقيقة الأمر الحزب الشيوعي العراقي .
وتضمن ميثاق الجبهة العديد من المطالب وكان في مقدمتها المطالبة بإطلاق الحريات الديمقراطية ، حرية الإنتخابات ،إلغاء معاهدة ١٩٣٠ والقواعد العسكرية الأجنبية ورفض الأحلاف العسكرية الإستعمارية وفي المقدمة منها الحلف التركي الباكستاني الذي تحول فيما بعد إلى ( حلف بغداد ) ، ورفع شعار التضامن العربي ودعم القضية الفلسطينية وغيرها من المطالب الوطنية بإنهاء دور الإقطاع وحل المشاكل الإقتصادية القائمة مثل البطالة وغلاء المعيشة ورفع المستوى المعيشي للشعب .
إن النهج الجبهوي الذي إختطه الحزب الشيوعي العراقي جاء أكثر وضوحاً عندما إستلم الرفيق الخالد سلام عادل قيادة الحزب وفي إجتماع تموز عام ١٩٥٥ أصدر الحزب بياناً سياسياً مهماً تحت عنوان ( في سبيل الحريات الديمقراطية وفي سبيل المصالح الحيوية لجماهير الشعب ) وعمل بشكل مثابر على التواصل مع القوى الوطنية الأخرى بضرورة العمل الموحد والتقارب معها وتبديد المخاوف من التطرف اليساري الذي لازمه في بعض الفترات السابقة .
ففي 22 تموز/ يوليو 1956 صدرت جريدة الحزب المركزية باسم "اتحاد الشعب" بدلا من "القاعدة"، رافعة شعاراً رئيسياً في صفحتها الأولى يدعو: ( ناضلي يا جماهير شعبنا في جبهة وطنية موحدة واسعة، في سبيل الإنسحاب من ميثاق بغداد - وإشاعة الحريات الديمقراطية وضمان حقوق الشعب الدستورية وحماية اقتصادنا وثروتنا الوطنية، في سبيل التحرر من نفوذ الإستعمار وسيطرة شركاته وعملائه، من أجل التضامن القومي مع الحركة التحررية العربية )
لقد كانت المحصله لهذا النهج الجديد هو إنبثاق ( جبهة الإتحاد الوطني ) وتكوين لجنة عليا لها في شباط ١٩٥٧ وكانت متكونة من الأحزاب الوطنية والقومية ، الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاستقلال وحزب البعث العربي الاشتراكي وعدد من الديمقراطيين المستقلين . ولمعارضة الأطراف القومية على دخول الحزب الديمقراطي الكردستاني إليها عقد الحزب الشيوعي العراقي معه إتفاقاً ثنائياً على أهداف جبهة الإتحاد الوطني والاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكردي ، ومن ضمنها الحكم الذاتي لكردستان - العراق.
لقد كان حدثاً تأريخياً بحق حيث كان لإعلان قيام الجبهة وميثاقها صدى إيجابي واسع بين صفوف الجماهير التي كانت القاعدة الرئيسية التي إلتفت حول ثورة ١٤ تموز عام ١٩٥٨ وأدى إلى نجاحها الباهر .
لكن للأسف إنتكست الثورة رغم حرص الحزب الشيوعي العراقي على مواصلة سيرها في نهج ( جبهة الإتحاد الوطني ) ، وإنفك عقدها لأسباب عديدة ومنها التناحر بين الأحزاب المتكونة منها .
وعلى مدى التأريخ الوطني في العراق والبلدان العربية فإن أنجح الجبهات كانت تتصدرها الأحزاب الشيوعية لما تملكه من مشروع وطني ورؤية ثاقبة في ضرورات هذه الجبهات على المدى القريب والبعيد ، وكانت الوعاء الذي يحتضن ويجمع أطرافها المتعددة ويقرب وجهات نظرها المختلفة .
وفي حُقب مختلفة حدثت إنتكاسات ( جبهوية ) لم تكن الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية هي سببها بل كانت الأحزاب القومية ونظرتها المصلحية الضيقة هي سبب إنفراطها كما حدث في العراق في زمن حكم البعث وعقده للجبهة الوطنية والقومية التقدمية في تموز ١٩٧٣مع الحزب الشيوعي العراقي التي أراد منها للحزب الشيوعي العراقي أن يكون ذيلاً طيعاً ( لحزب البعث القائد ) ، ولم يهضم مطالبة الحزب الشيوعي بإنهاء فترة الإنتقال وإجراء إنتخابات لجمعية تأسيسية تضع دستوراً دائماً للبلاد ، كما أكد حزب البعث في مؤتمره القطري الثامن في كانون الثاني عام ١٩٧٤ على تعزيز قيادته للجيش وأجهزة الدولة الأخرى . إضافة لذلك إلى أن مجلس قيادة الثورة الذي ينفرد به البعثيون هو من يقرر سياسة الدولة ويتمتع بكافة الصلاحيات التشريعية والتنفيذية وحتى القضائية .
ووجه حزب البعث الحاكم ضربات موجعة لقيادات وكوادر وأصدقاء الحزب الشيوعي العراقي الذي فتح لهم ذراعيه مجدداً رغم ما إرتكبه البعثيون بحقهم منذ إنقلاب ٨ / شباط الأسود / ١٩٦٣ . وهذه بلا شك كانت إحدى المحطات التي تناولها الحزب الشيوعي العراقي بالدراسة والإستنتاج وسلط فيها الأضواء على مدى الضرر الذي لحق به من جراء هذا التعاون .
المؤتمرات العشرة للحزب الشيوعي العراقي
المؤتمر الوطني الأول - عام ١٩٣٤
المؤتمر الوطني الثاني - عام ١٩٧٠
المؤتمر الوطني الثالث - عام ١٩٧٥
المؤتمر الوطني الرابع - عام ١٩٨٥
المؤتمر الوطني الخامس - عام ١٩٩٣ مؤتمر ( الديمقراطية والتجديد ) .
المؤتمر الوطني السادس - عام ١٩٩٧
المؤتمر الوطني السابع - عام ٢٠٠١
المؤتمر الوطني الثامن - عام ٢٠٠٧
المؤتمر الوطني التاسع - عام ٢٠١٢
المؤتمر الوطني العاشر - عام ٢٠١٦
ويُلاحظ أن الفترة الزمنية بين مؤتمر وآخر كانت لا تتعدى ( ٤ - ١٠ ) سنوات عدى الفترة بين المؤتمر ( الأول والثاني ) وصلت إلى ٣٦ عاماً وأسبابها معروفة وذلك نتيجة للبطش والقسوة التي جابهها الحزب في العهد الملكي وإعدام قادته الأشاوس ( فهد ، حازم ، صارم ) . لكنه كان يلجأ إلى الكونفرنسات الحزبية تماشياً مع العمل السري الذي فُرض عليه في مختلف العهود .
وفي المؤتمر الوطني الخامس عام ١٩٩٣ الذي أُطلق عليه مؤتمر ( الديمقراطية والتجديد ) والذي أتيحت للمندوبين الأجواء التي ( تساعد على المكاشفة وحرية النقد جدد الحزب آيدلوجيته وتصحيح هويته ومرجعيته الفكرية ، تحول الحزب من حزب شديد المركزية وضبط حديدي إلى حزب ديمقراطي من حيث جوهره وأهدافه وبنيته التنظيمية ونشاطه ، من حيث علاقاته بالقوى الإجتماعية والسياسية الأخرى ، فضلاً عن تجديد قيادته ، بما فيها الشخصية الأولى في الحزب ومصادقته على تكوين الحزب الشيوعي الكردستاني - العراق ) .
إن النقلة النوعية الأخرى جرت في المؤتمر الوطني العاشر للحزب حيث إنعقد المؤتمر تحت شعار ( التغيير .. دولة مدنية ديمقراطية إتحادية .. عدالة إجتماعية ) .إنه شعار شامل يغطي المرحلة الراهنة ويتجاوزها إلى حدود أبعد وصولاً إلى مجتمع العدالة الذي يتساوى فيه الناس بعيداً عن القومية والدينية والمذهبية ، مجتمع يتوفر فيه كل شيئ للفرد وعلى حسب إحتياجه .
لقد أكد الرفيق ( رائد فهمي ) السكرتير الجديد للحزب ( حزبنا قاطرة للتغيير وغايتنا بناء الدولة المدنية الديمقراطية وقال أيضاً : أن "المؤتمر الجديد جاء بعملية تغيير، لاسيما عبر تمثيل الشباب بنسبة 42 في المائة من القيادة، وحصول أول امرأة على عضوية المكتب السياسي"، لافتا إلى أن "عمليتي التغيير والتجديد هي محصلة نهج وعمل دؤوب للقيادة السابقة وعلى رأسها الرفيق حميد مجيد موسى الذي لعب دوراً أساسياً في خلق هذه الأجواء ومن ثم تنحى فيما بعد عن موقعه بملء إراداته، ونحن نتوجه إليه بالتحية والإشادة”.
لقد توج الحزب مسيرة عمل مضني لكل رفاقة ورفيقاته وكوادره ومنظماته وهيئاته الحزبية وحتى أصدقائه أياماً وشهوراً بلياليها ليصيغ أخيراً درره ويشير إلى مواقع الخلل والصواب في مسيرة عمله التي إمتدت بين المؤتمرين التاسع والعاشر الذي تمخض عن ( انتخاب اللجنة المركزية للحزب التي تضم 31 عضواً بينهم أربع نساء، و12 عضواً شاباً ) .
لقد وجه المؤتمر الوطني العاشر نداءات عديدة ومنها :
نداء إلى المثقفين والكتاب العراقيين
http://www.iraqicp.com/index.html/party/from-p/51947-2016-12-13-20-42-04
نداء إلى القوى والأحزاب والشخصيات المدنية والديمقراطية
http://www.iraqicp.com/index.html/party/from-p/51887-2016-12-12-19-12-20
نداء إلى الرفاق الذين يقفون خارج تنطيم حزبهم الشيوعي
http://www.iraqicp.com/index.html/party/from-p/51833-2016-12-11-20-35-06
مقالات اخرى للكاتب