نستذكر هذه الأيام ... قيام الأمم المتحدة بإصدار إعلان حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية وإلى أقليات دينية ولغوية والذي أعتمد بموجب قرار الجمعية العامة رقم (47/135) والمؤرخ في 18/12/1992 ، وبناءً عليه فإن تعزيز وحماية حقوق مكونات الشعب العراقي يؤدي إلى تحقيق الإستقرار السياسي والإقتصادي والإجتماعي والأمني التي لم تراعيها الأنظمة الدكتاتورية في بيئة ليست قانونية ويسودها عدم الإحترام للتنوع القومي والعرقي والإثني والثقافي والديني والمذهبي وأهملتها العملية السياسية ، ولم يتعض أحد مما شهده العراق من مصائب وكوارث وويلات ومظالم وحروب وإنقسامات وفتن عانى فيها أبناء الشعب بأجمعه من مأسي كثيرة أوصلت البلاد إلى التأخر والتخلف والتأزم ، وبالتالي لا بد من قيام الدولة العراقية بتشريع قانون حقوق وحريات مكونات الشعب العراقي وفقاً لأحكام المادة (125) من الدستور بهدف ممارسة هذه المكونات لحقوقها السياسية والمدنية والثقافية والإجتماعية المشروعة والمشاركة الكاملة في الحياة العامة وإتخاذ القرار السياسي والقضاء على التمييز بجميع أشكاله وصوره وتحقيق المساواة التامة أمام القانون من خلال إتباع نهج وطني سليم يرتكز على تمكين المكونات ويكفل إسهامها في نظم العدالة الجنائية وهيئات إقامة العدل عبر توظيف وترقية أبنائها المهمشين في السلطة القضائية والإدعاء العام والأجهزة الأمنية والمهن القانونية ومفوضية حقوق الإنسان والمؤسسات الرقابية وتعزيز التفاهم والتواصل والحوار والثقة والشراكة في إطار التعامل الإنساني والحقوقي العادل مع المكونات وتحسين أوضاعها وتيسير سبل وصولها إلى العدالة وتقديم المساعدة والتسهيلات القانونية في متابعة الشكاوى وإجراءات التحقيق والمحاكمة ووضع الآليات المطلوبة للإصلاح المنهجي الشامل لجميع القوانين والتشريعات والسياسات والممارسات وإعتماد الإستراتيجية الوطنية لحماية المكونات وحظر التمييز وترسيخ السلام والوئام والمصالحة الوطنية والتوافق والتوازن والتسوية التأريخية على أسس دستورية وقانونية صحيحة عبر الإلتزام الفعلي بالصكوك الدولية لحقوق الإنسان والإتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الأقليات ، نظراً لكون الوضع العراقي الحالي يبعث على القلق والمزيد من التدهور بسبب إستمرار نزاعاته الطويلة ، الأمر الذي يهدد السلم الإجتماعي نتيجة الصراع على السلطة والموارد والثروات الوطنية والطبيعية وكثرة المحاور والإستقطابات والتجاذبات داخلياً وإقليمياً ودولياً مما يجعل المكونات في حالة ضعف وضحية مستهدفة بصفة خاصة ويتسبب ذلك في فرار أفرادها إلى خارج الوطن خوفاً من الإضطهاد الممنهج ، فلقد واجه المكون الفيلي عقبات جمة بسبب العنف المرتكب ضده ولم تتم تسوية ومعالجة النتائج المترتبة على جرائم الإبادة الجماعية التي أرتكبت ضد المكون لحد الآن وأحجم أبنائه عن العودة إلى ديارهم بسبب كارثة التهجير القسري التي أدت إلى تغيير ديمغرافيتهم السكانية وصعوبة الإدماج والتوطين في ظل عدم وجود الحماية القانونية المطلوبة والدعم الحكومي الحقيقي وبالتالي يصبح المكون الفيلي ضحية لجرائم جديدة .
مقالات اخرى للكاتب