العراق تايمز: كتب الاستاذ بهاء النجار..
ان العلمانيين باعتبارهم مؤيدون لفصل الدين عن الدولة يسعون بكل ما يمتلكون من قوة ودعم يتمثل بالقوى الغربية - التي لاقت الامرّين من تصرف الكنيسة الظالم والمانع لاي تقدم وتطور يمكن ان يحيدهم عن مكانتهم - وما تمتلكه من قوى سياسية ومالية واعلامية واقتصادية لاقناع المسلمين وبالتالي كل المؤسسة الدينية بأن على الدين أن لا يتدخل في السياسة كي يتركوا للسياسيين حرية التحرك وفق اهوائهم وافكارهم حتى وإن كانت منحرفة ، طبعاً هذه القناعة لا تتولد بالاجبار وانما بوضع عناوين براقة مثل (الدين اسمى من أن يلوث نفسه بالسياسة ) وغيرها من العناوين التي تكشف تلوثهم وفسادهم ونواياهم التي يجب ان نحاربها ونجتثها لا اننا - مع الأسف - نقتنع بهذا العنوان الخداع .
وخير مثال واضح وقريب على ما حققه العلمانيون هو معارضة المؤسسة الدينية لقانون الاحوال الشخصية الجعفري ، فالقانون وضع وفق مذهب اهل البيت عليهم السلام ووفق فتاوى المراجع الشيعة المعروفين ، وحتى لو اعتبرنا ان هناك اشكالات فهي لا تمثل سوى 5% او 10% من القانون .
فاستغل العلمانيون هذا الرفض الذي فهم كإنشقاق للفكر الديني - والاسلامي خصوصاً - فبعض القيادات تدعو لتدخل الدين والقيادات الدينية في السياسة كي يحافظوا عليه وعلى احكامه من ان تنسخ وتدرس ، والبعض يرى ان دوره ارشادي ان أخذ بها الناس فبها وان لم يأخذ فهو حر .
فعند معارضة المراجع الاربعة المعروفين في العراق للقانون الجعفري قام العلمانيون وبمستويات مختلفة من الهجوم على القانون ، وهذا الهجوم بطبيعة الحال ليس على الجهة التي قدمته ودعمته ودافعت ولا زالت تدافع عنه ، وانما هو هجوم على الفكر الاسلامي وما يحمله من فكر معارض لهم ومنها الاحوال الشخصية .
تمثلت هذه الهجمة بخروج نساء لا يعرف عنها اي صلاح او خير بل بعضهن عرفن بافكار منحرفة تصم آذان الشرفاء لسماعها او حتى التفكير بها ، تبعها موقف منحاز لممثل الامم المتحدة نيكولاي ملادينوف ضارباً عرض الحائط خصوصيات الشعب العراقي ومعتقداته والشأن الداخلي للعراق الذي لا يجوز لاي دولة ان تتدخل فيه فكيف بمؤسسة هي حيادية حسب الفرض ، وهي موظفة لخدمة الدول الاعضاء ، وأخيراً - ويبدو أنه ليس آخراً - موقف الخارجية الأمريكية راعية العلمانية في عصرنا الحاضر والمنادية بحقوق المرأة المزيفة .
الا ان ما سمح لهؤلاء المعترضين الغرباء على ثقافة الشعب العراقي الاصيلة هو عدم إعلان المرجعيات الدينية لمواقف تنافي الشرع والدين الذي أؤتمن عليه العلماء ، وقد اعتبرت اعتراض المرجعيات الدينية للقانون الجعفري بمثابة الضوء الاخضر للتصريح لمعارضة هذا القانون من قبل اولئك المنبوذين ، مع إن ما اعترض عليه المعترضون هو ما يفتي به (المراجع الأربعة والسيد الخوئي) من تحديد سن البلوغ للفتاة بالتاسعة من عمرها ، فهم أولى من غيرهم بالاعتراض ، لذا نجدد مطالبة المرجعيات الدينية وخصوصاً (المراجع الأربعة) ومن يعنيهم أمر دينهم ببيان موقف معارض وحازم كي لا يتجرأوا على أحكام الدين وعلى معتقداتنا في المستقبل .
وإذا تصوّر البعض أن المعترضين ( من نساء شارع المتنبي وميلادينوف والخارجية الأمريكية وغيرهم ) اعترضوا على القانون الجعفري بما هو قانون أو اعتراضهم على الجهة المقترحة للقانون والداعمة له ( سواء الدينية متمثلة بالمرجع اليعقوبي أو السياسية متمثلة بحزب الفضيلة ) فهو واهم ، فهم اعترضوا على أصل القانون وهو الفقه الجعفري ، وإذا أصرّ هذا الواهم على تصوره فهذا يعني أن العدو الرئيسي للمعترضين هو الشيخ اليعقوبي بالدرجة الأساس وذراعه السياسي حزب الفضيلة الإسلامي وهو شرف لهم .
وينتج عن هذا أن هناك تناغماً واتحاداً في بعض الأهداف بين المعترضين ( من نساء شارع المتنبي وميلادينوف والخارجية الأمريكية وغيرهم ) من جهة وبين الجهات الدينية والسياسية التي لم تبدي موقفاً رافضاً لأولئك المعترضين من جهة أخرى ، وأبرز مشترك بينهما هو ( فصل الدين عن السياسية ) .
لذا على كل غيور على دينه أن يسجل موقفاً له يوم القيامة في الدفاع عن دينه وأحكامه وثوابته ضد أولئك المعروفين بعدائهم القديم والذي له شواهد تاريخية ، ولا داعي لنثبت هذا الشيء فهو واضح أوضح من وضوح الشمس ، وأن لا يتكل على غيره في ذلك لأن الموقف مطلوب يوم القيامة ، وأن لا يرمي الكرة في ساحة غيره لأن الموقف مطلوب يوم القيامة ، وأن لا تكون بعض الخلافات مهما كبرت أن تكون حاجزاً من نصرة الدين لأن الموقف مطلوب يوم القيامة ، فهل من ناصر ينصر دينه ؟