العراق تايمز:
ما كانوا يعلمون أن الحال سينتهي ببعضهم إلى اتخاذ المساجد ملاجئ مؤقتة بعدما تخلى عنهم المسؤولون في بلدهم، وتقطعت بهم سبل الغربة.
إنهم الطلاب العراقيون المبتعثون إلى الولايات المتحدة ضمن برنامج اللجنة العليا لتطوير التعليم في العراق (HCED) التابعة لمكتب رئيس الوزراء العراقي.
بدأ هؤلاء الطلاب يواجهون صعوبات في تأمين سبل العيش ومواصلة الدراسة في الولايات المتحدة. أما الأسباب فكثيرة: التدهور الاقتصادي، وبدرجة أكبر المناكفات السياسية والمؤسساتية في الوطن الأم.
وعلى كل حال، عدم القدرة على توفير أجور السكن، وانقطاع التأمين الصحي والطرد من الجامعة، مخاطر تهدد هؤلاء الطلاب بعد أن توقفت اللجنة الحكومية عن إرسال مخصصات الطلاب وأقساط دراستهم الجامعية منذ بداية العالم الحالي.
يقول أحد هؤلاء الطلاب لموقع "الحرة" إن زملاء له يقيمون حاليا في مساجد بانتظار وصول رواتبهم كي يتمكنوا من استئجار مكان للسكن.
طلاب البرنامج مقابل طلاب الوزارة
يصل الطلاب العراقيون للدراسة في أميركا عبر ثلاثة برامج: الزمالات والبعثات الأميركية، وبعثات وزارة التعليم العالي العراقية، وأخيرا بعثات لجنة HCED التي "يتميز" طلابها بأن المسؤولين عن شؤونهم لا يعرفون عن شؤونهم شيئا: أولئك في بغداد وهؤلاء في واشنطن. وعلى عكس طلاب "التعليم العالي" المرتبطين بالملحقية الثقافية في واشنطن، لا يجد طلاب بعثة "مجلس الوزراء" من يلجأون إليه في حالات الطوارئ.
"لستم من مسؤوليتنا وأنما أنتم تابعون لجهة ثانية"، يقول لهم مسؤولو الملحقية الثقافية العراقية في واشنطن، وعندما التقوا بوزير التعليم العالي حسين الشهرستاني خلال زيارته الولايات المتحدة في وقت سابق، قال لهم الشيء نفسه، حسب ما ينقل الطالب قيس.
انطلق العمل بالبرنامج عام 2009 في عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وتخرج كثيرون منهم وعادوا إلى العراق للمساهمة بإعادة بنائه، وبقي منهم نحو 2000 طالب، معظمهم من طلبة الدراسات العليا في مجالات الهندسة والعلوم.
وعلق البرنامج منذ خريف عام 2015 تقريبا إرسال طلاب للدراسة خارج العراق، بسبب سياسة التقشف التي انتهجتها حكومة حيدر العبادي لمواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة بعد انخفاض أسعار النفط، وخفض مخصصات المبتعثين 25 في المئة.
"المحسوبية" على الوزراء
يرجح الطالب أحمد كاظم فهد أن يكون التغيير الوزاري الذي حدث في العراق قبل نحو عامين، برحيل المالكي ومجيء العبادي، قد أثر سلبا على وضاعهم، مع أن إجراءات قبول الطلاب في البرنامج كانت "شفافة ... والطلاب ليسوا محسوبين على الوزراء"، لكن هذا لا يمنع من أن مشكلتهم الأساسية "مشكلة سياسية"، يؤكد الطالب آزاد داوود.
ولا يستبعد طلاب آخرون وجود فساد في عمل اللجنة التي تتهم العبادي بإهمال أوضاع المبتعثين.
"طرد من الجامعات والمنازل"
يقول أحمد إن الطلاب حاولوا التواصل مع لجنة HCED، وتعذرت بأن هناك مشكلة في تحويل المخصصات وبأنها تعمل على حلها "إن شاء الله،" و"نريدكم أن تصبروا قليلا، والقضية ليست من جانبا".
ويضيف أن بعض الطلاب تركوا مساكنهم التي كانوا يعيشون فيها إلى مساكن أقل كلفة، والبعض الآخر حصل على إنذار بالخروج، "يعيشون بالمساجد موقتا ريثما تحلّ القضية".
وينتمي أغلب طلاب بعثة لجنة مجلس الوزراء إلى الطبقة دون الوسطى في العراق، ولا دخل لديهم غير المبلغ المتفق عليه في عقد البعثة مع اللجنة.
بعض الجامعات لم تستلم مستحقاتها لفصلين متتاليين، في حين تفهمت جامعات أمريكية أخرى، يقول أحمد، وضع الطلاب العراقيين، ومنحتهم قروضا لتسيير أمورهم، ولكن بشرط أن يدفعوا ضرائب عليها في نهاية العام. وفي الوقت ذاته، جمدت جامعات إجراءات تسجيل الدارسين لديها من طلاب هذه البعثة بانتظار أن تدفع الحكومة العراقية أقساط دراستهم.
لماذا لا تعملون نصف دوام "بارت تايم" من أكمال الدارسة؟ سألهم موقع "الحرة".
- اللجنة ترفض تحويل تأشيرتنا من الـ J1 إلى F1 لكي نتمكن من العمل مثل طلاب وزارة التعليم العالي، رد الطالب قيس.
ويضيف آزاد "طلاب التعليم العالي طلبوا من الوزير الشهرستاني في لقاء سابق معه بعدما حصلت مشاكل انخفاض الرواتب نقل الفيزا، ووافق الأخير".
"الطلاب ضحية التجاذب السياسي"
وفي بغداد، يجري صراع بشأن ضم لجنة تطوير التعليم العالي في العراق إلى وزارة التعليم العالي. الصراع لم يحسم وهؤلاء الطلاب وقعوا بين مطرقة السياسة وسندان الغربة، وفق تعبير أحدهم.
المصدر: قناة الحرة .