ولد احمد حسن البكر عام 1914 في تكريت، عمل معلما ريفيا لستة أعوام ليلتحق بواسطة مولود مخلص باشا بالكلية العسكرية، ولم يفلح في الحصول على الشهادة الثانوية رغم محاولاته المتكررة، وبقي محدود التعليم والثقافة والمعرفة.
لم يشارك في حرب فلسطين التي أعطت للضباط الذين برزوا فيها نوعا من "الشرعية" للعمل في السياسة، كما لم يحصل على "شرعية" أخرى كشهادة الأركان أو قيادة وحدات كبيرة أو قتالية، فقد بقي ضابطا خاملا دون أي تاريخ عسكري.
خدم في المسيب أواسط الخمسينيات، وكان يتملص من التدريبات الليلية، ثم قضى في بغداد معظم خدمته بمناصب ليست ذي أهمية لكنه ترك انطباعا بعدم نظافة هندامه فأطلقوا عليه كنية "أبو ياخة الوسخة".
وينفي عبد الوهاب الأمين انتماء البكر لحركة الضباط الأحرار وهو ما سمعه أيضا علاء الدين الظاهر من والده (عبد الجبار عبد الكريم) الذي أخبره ان البكر كان ينقل التعليمات لهم عن طريق صديقه عبد السلام عارف لان البكر كانت تحوم حوله الشبهات، ويؤيد هذا جاسم كاظم العزاوي في مذكراته إذ يعدّ البكر من المؤيدين للحركة وليس من أعضائها.
بعد ثورة 14 تموز، عين البكر آمرا لأحد أفواج اللواء العشرين بعد إلحاح عبد السلام عارف على قاسم، وبعد عزل عارف اعتقل البكر وأثناء اعتقاله تعرف على البعث الذي بدوره كان يبحث عن ضباط برتب كبيرة فوجد فيه ضالته.
بعد انقلاب 8 شباط، أصبح البكر رئيسا لوزراء العراق الذي غرق بالدم، وبعد حركة 18 تشرين الثاني أيّد عبد السلام عارف في ضربه الحرس القومي ليصبح نائبا له، كما ألحق قريبه صدام حسين للعمل في دار الإذاعة مؤيدا للحركة.
في خريف 1964 اعتقل وأفرج عنه بوساطة من عارف عبد الرزاق شخصيا، فأعلن البكر اعتزاله السياسة وأعلن براءته من حزب البعث، ولكن بعد انقلاب 17 تموز 1968 أصبح رئيسا للجمهورية، ولم يمض سوى اسبوعين على الانقلاب حتى غدر بالمنفذين الرئيسيين (النايف) و(الداود) ومن ثم بـ (حردان) ليتمكن من السيطرة التامة على السلطة، ويذكر أنه منح نفسه رتبة المشير بعد تسميتها بالمهيب، بسبب نكات أطلقت على عبد السلام مثل (المشير الفطير).
وكان البكر كعارف الأول يستخدم أساليب الإثارة الإعلامية والمزايدات الفارغة، ففي مؤتمر لنقابة المعلمين عام 1969 خطب قائلا: (اقسم بشرفي العسكري والشخصي: سأحرر فلسطين في العام القادم)، وفي عهده سُرقت أسئلة البكالوريا الثانوية حتى يحصل ابنه "محمد" على معدل عال يؤهله للطب، والحق يقال فقد كان محمد هذا شابا مؤدبا خلوقا دمثا، وقد رثاه الجواهري بلاميته اللطيفة جدا:
تعجل بشرَ طلعتك الأفولُ
وغالَ شبابك الموعود غُولُ
وطافَ بِربعك المأنوس ليل
تزول الداجيات ولا يزولُ
نعود للبكر، فقد توفي عام 1982 مسموما بيد صنيعته صدام، ولم يثن عليه أحد من الباحثين سوى السيد حسن العلوي، وأرى أن السيد العلوي إنما كان يريد تزكية نفسه، لان البكر مع فاشيته المندفعة على معارضيه فقد كان كطلفاح يلفلف الأراضي لاسيما الزراعية من السواد، وكان ـ رغم تدينه ـ مشجعا لانتشار بيوت الدعارة كي تصبح أوكارا للتجسس على ضباط النظام.
وبعد تنازله المهين عن شط العرب للشاه، علق أحد أصدقائه المغدورين:
البكر يضحي بأي شيء كي يبقى رئيسا للجمهورية حتى لو صلاحيته لم تتعد حديقة القصر الجمهوري، أي (المنطقة الخضراء).
مقالات اخرى للكاتب