بغداد – وقف نوري المالكي اليوم السبت امام البرلمان في جلسة شهدت حضورا كثيفا للنواب، ليناقش بأستعراض واضح قانون البنى التحتية بناء على طلبه، وطلب من رئيس البرلمان أسامة النجيفي بـ "الحنية" على المالكي وعدم "إرهاقة" أو "إحراجه"، وسط مطالبات برلمانية واسعة بحضور القادة الامنيون برفقة المالكي لمناقشة الوضع الامني والخروقات التي حدثت في الاسبوع الماضي، وماقشة الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد منذ عدة أشهر.
ووصل المالكي، صباح اليوم السبت، برفقة وزيري التخطيط علي شكري والمالية رافع العيساوي ورئيس هيئة الاستثمار العراقي سامي الاعرجي وعدد من مستشاريه القانونيين الى مجلس النواب، لمناقشة قانون البنى التحتية خلال الجلسة الـ22 التي ستعقد اليوم، فيما أكد مصدر برلماني أن المالكي عقد فور وصوله اجتماعا مع رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي. وقال المصدر إن "المالكي وصل، صباح اليوم، إلى مبنى مجلس النواب لمناقشة قانون البنى التحتية خلال الجلسة الـ22 من الفصل التشريعي الأول للسنة التشريعية الثالثة التي ستعقد اليوم". وأضاف أن "رئيس الحكومة عقد فور وصوله اجتماعا مع رئيس البرلمان اسامة النجيفي لمناقشة بعض القضايا المهمة".
وكانت رئاسة مجلس النواب العراقي قررت، في الـ11 من أيلول الحالي، استضافة نوري المالكي خلال جلسة البرلمان التي ستعقد اليوم السبت، بطلب منه، لمناقشة قانون البنى التحتية.
وقال نوري المالكي في السادس عشر من تموز الماضي، عن تقديمه طلبا لاستضافته في مجلس النواب بجلسة استثنائية، لمناقشة الخروق بحق النظام السياسي. وكان المالكي طالب في الرابع من تموز الماضي، في وثيقة رسمية، رئيس مجلس النواب بالإسراع في حسم مسألة التصويت على تعيين وكلاء الوزارات ورؤساء الهيئات المستقلة والمستشارين ومرشحي الوزارات الأمنية وقادة الفرق، كما طالب المالكي بالإسراع في تشريع قوانين الأحزاب السياسية وحظر حزب البعث والموافقة على تخصيصات البنية التحتية ورفع الحصانة عن النواب المطلوبين للقضاء، فيما رد النجيفي متهما مجلس الوزراء بعدم تنفيذ الاستحقاقات الدستورية التي تمكن البرلمان من أداء واجباته، فيما أكد أن 15 مشروع قانون جرى سحبها والتريث بتشريعها.
ويرى مراقبون أن الأزمة السياسية والمطالبات بسحب الثقة عن المالكي بدأت بالحلحلة وخاصة بعد تراجع التيار الصدري عن موقفه، وتشكيل التحالف الوطني لجنة الإصلاح التي قدمت ورقة من 70 مادة أبرزها حسم ولاية الرئاسات الثلاث والوزارات الأمنية والتوازن في القوات المسلحة والهيئات المستقلة وأجهزة الدولة المختلفة.
الى ذلك قالت مصادر مطلعة من داخل البرلمان ان الاستضافة كانت محددة للنقاش حول قانون البنى التحتية، وان النجيفي حذر النواب من إثارة اي سؤال خارج الموضوع.
وكانت لجنة الاستثمار والاقتصاد النيابية كشفت في بداية الشهر الجاري، عن أن سبب عدم تصويت الكتل السياسية على قانون اعمار البنى التحتية والقطاعات الخدمية، هو خوفها من أن يستغل الأمر لصالح نوري المالكي انتخابيا، مؤكدة على ان القانون ضروري للقضاء على أزمة السكن وتنفيذ المشاريع المتأخرة.
وطالبت النائب عن التحالف الوطني سوزان السعد، نوري المالكي بإحضار القادة الأمنيين خلال جلسة استضافته في البرلمان لمناقشة الوضع الامني المتردي والوقوف على اهم المعوقات التي تحول دون استتبابه.
وقالت السعد في بيان صحفي مكتوب ان "الخروقات الامنية الكبيرة التي حدثت مؤخرا فضلا عن الفساد المالي والاداري في المؤسسات الامنية وكذلك انتشار ظاهرة بيع السلاح في المحافظات الوسطى والجنوبية، يوجب على القائمين على الملف الامني مناقشة ذلك مع اعضاء مجلس النواب". واضافت ان "حضور المالكي الى البرلمان يشكل فرصة لاطلاع المجلس على اهم المعوقات التي تحول دون استتباب الامن والبحث في امكانية تسخير كافة القدرات والامكانات لاجل ذلك".
واشارت الى انه "على الرغم من اهمية قانون البنى التحتية في اعمار البلاد، لكن الملف الامني بات ضرورة ملحة لا بد من مناقشته وتجاوز كافة العقبات التي تعترضه"، مشيرة الى انه "من غير الممكن ان يتم اعمار وتطوير البلد من دون ان تكون هناك بيئة امنية مستقرة تدعم عملية الاعمار والبناء".
ورجح النائب عن دولة القانون حسين الاسدي ان تحاول بعض الكتل داخل البرلمان احراج المالكي بأسئلة خارج جدول أعمال الجلسة، واكد ان "المالكي هو من طلب من البرلمان الحضور لمناقشة ومعالجة البنى التحتية"، وقال "ان الحكومة لاتستطيع ان تنجز اعمالها وتقدم خدماتها و70 بالمائة من الميزانية العامة تشغيلية وتصرف باتجاه الرواتب والمستلزمات الاخرى".
وقال الأسدي "الحكومة تسعى الى ان تنفذ مشاريع بطريقة الدفع بالآجل، حيث تقوم الشركات المنفذة بتسليم المشروع وبعد خمس سنوات تبدأ عملية الدفع". وأوضح الأسدي "ان رئيس الوزراء حريص على عدم تشتيت البرلمان بالحديث عن الملف الأمني والوزارت الامنية والحراك السياسي ويفضل ان يبقى الحديث في موضوع البنى التحتية"، مرجحاً قيام بعض النواب من كتل سياسية بتوجيه أسئلة لنوري المالكي عن الخروقات الامنية "يقصدون من ورائها احراجه او ارسال رسائل الى جمهورهم"، متوقعاً ان تتم اثارة موضوع العفو العام وقضايا المعتقلين في السجون".
واعتبر الاسدي ان استضافة المالكي جاءت متأخرة بعد ان طلب الاخير من مجلس النواب عدة مرات قبول استضافته للحديث عن الملف الامني والجانب الخدمي، ولكن وحسب وصفه "كانت العقبات تأتي من قبل رئيس مجلس النواب، ولكن بعد ترطيب الاجواء بين الطرفين وجدنا قبولا للاستضافة".
بالمقابل لم ير النائب المستقل جواد البزوني ضيرا من تخصيص جلسة اخرى لرئيس الوزراء للبحث عن موضوع الخروقات الامنية، وقال ان "الجلسة ستكون مخصصة لبحث مشروع قانون البنى التحتية". مضيفا "يمكن لرئيس مجلس النواب اسامة النجيفي ان يطلب بالاتفاق مع المالكي ان يفتح باب النقاش حول الخروقات الامنية". واوضح البزوني بان "المالكي ربما سيتحدث عن جوانب اخرى ولاسيما الامنية بعد ان ينتهي بحث موضوع البنى التحتية"، متابعا "ولا ارى ضيرا في تخصيص جلسة اخرى لرئيس الوزراء للحديث عن الجانب الامني، مثلما تفعل حكومات الدول الاخرى بان ياتي رئيس الوزراء ووزراؤه الى البرلمان كل اسبوع لمناقشة المعوقات وعرض الانجازات".
وانتقدت القائمة العراقية بزعامة اياد علاوي، حضور نوري المالكي لمجلس النواب لمناقشة قانون البنى التحتية، مؤكدة وجود قوانين أخرى أكثر أهمية لم تشرع حتى الآن، فيما دعت المالكي إلى توضيح رؤيته حول التحديات الأمنية في البلاد.
وقالت النائبة عن القائمة العراقية وحدة الجميلي خلال مؤتمر صحافي عقدته، اليوم، في مبنى البرلمان إن "حضور نوري المالكي الى قبة البرلمان لشرح قانون البنى التحتية لا داعي له"، مبينة أن "هناك لجان معنية تشرح لمجلس النواب هذا القانون".
وأضافت الجميلي أن "هناك الكثير من القوانين اكثر اهمية من قانون البنى التحتية مثل قانوني العفو العام والمحكمة الاتحادية"، مشيرة إلى أن "هناك اهتمام كبير بقانون البنى التحتية والاجدر بالقائد العام للقوات المسلحة نوري ان يقدم للبرلمان شرحا عن اسباب الخروق الامنية المتكررة". ودعت النائبة عن القائمة العراقية المالكي إلى "توضيح رؤية حكومته حول التحديات التي تعصف في البلاد والازمة السورية مواضيع أخرى أكثر أهمية".
وأعلن النائب عن التحالف الكردستاني برهان محمد فرج، اليوم السبت، أن رئيس الحكومة نوري المالكي طالب مجلس النواب بتخصيص 37 مليار دولار للنهوض بالبنى التحتية للبلاد.
ويعد مشروع قانون البنى التحتية "باباً من ابواب" الفساد المالي، حيث يعاني البلد من بنية تحتية متهالكة في مجمل القطاعات نتيجة سنوات طويلة من الحصار والحروب خلال العقدين الأخيرين من القرن الماضي. ورغم مرور تسع سنوات على الإطاحة بالنظام السابق، لم تستطع الحكومات المتعاقبة توفير الخدمات الأساسية العامة للمواطنين، والتي غالبا ما يحتجون على نقصها.