بغداد: حثّ سماحة الشيخ حسن الصفار شعوب وحكومات المنطقة على انتهاج العقلانية في حل النزاعات القائمة والنأي عن عقلية المغالبة التي دمرت بلاد المسلمين.
جاء ذلك خلال كلمة الجمعة 3 محرم 1437ﻫ الموافق 16 اكتوبر 2015م في مسجد الرسالة بمدينة القطيف شرق السعودية.
وقال الشيخ الصفار أن الأوان قد آن لحكومات وشعوب هذه الأمة أن تتجه لحل مشاكلها السياسية بالتعقل والنأي عن مسلك المغالبة والمكابرة.
وأسف سماحته إلى رواج حالة الانفعال والرغبة في الاستئصال عند نشوب الصراعات، على حساب حالة التعقل والدعوة إلى الحلول الوسط.
وقال ان المزاج العام المسيطر في ساحتنا العربية هو عقلية المغالبة والمغالبة التي لا تعرف طريقا للحلول الوسط والتي يريد كل طرف من خلالها الغاء واستئصال الطرف الآخر.
ومضى يقول ان أصحاب المزاج المكابر لا تحكمهم الرغبة في إيجاد الحلول بقدر ما تستولي عليهم الرغبة في كسر الطرف الآخر حتى لو كان على حساب خراب الأوطان وقتل وتهجير الناس واستدعاء التدخل الأجنبي.
وأضاف أمام حشد من المصلين بأن عقلية المغالبة هي المسئولة عن تدمير الأوطان وتقسيم الشعوب وسفك الدماء في بلاد المسلمين طوال السنين الماضية.
وأسف إلى تكريس التراث العربي لعقلية «لنا الصدر دون العالمين أو القبر» في مقابل المنهج القرآني الذي يقول «والصلح خير».
وقال سماحته ان الأمة تقف أمام طريقين لحل النزاعات أحدهما عقلاني ينحو باتجاه البحث عن المخارج والحلول، والآخر مكابر تتلبسه الرغبة في الانتقام وكسر الطرف المنافس.
ويشيد بالرباعية التونسية الفائزة ب «نوبل»
إلى ذلك أشاد سماحة الشيخ الصفار بالرباعي التونسي الفائز بجائزة نوبل للسلام. عازيا إليهم الفضل في تجنيب تونس خطر الانزلاق نحو الفوضى والاحتراب الداخلي على غرار دول الربيع العربي الأخرى.
ومضى يقول ان الرباعية التونسية أثبتت أنه متى ما وجدت الارادة للبحث عن الحلول عبر تنازل مختلف الأطراف فستتوفر الامكانية للعبور بالبلاد إلى بر الأمان.
وتابع بأن منح هذا الرباعي جائزة نوبل للسلام جاء تقديرا إلى منهجيتهم العقلانية في ادارة الصراع التونسي في أعقاب ثورة الياسمين.
وقال الشيخ الصفار ان جميع ساحاتنا السياسية والاجتماعية أحوج ما تكون إلى المنحى الذي سارت عليه الرباعية التونسية في حل النزاعات المدمرة في بلداننا.
وتسائل سماحته؛ لماذا ندمر أنفسنا وأوطاننا ويسعى كل طرف نحو كسر الطرف الآخر سواء على مستوى الدول أو الأحزاب أو الفئات الاجتماعية.
وقال ان المجتمعات الأخرى لديها خلافات أعقد وأعمق من الخلافات الموجودة بيننا لكنهم يعتمدون دائما منحى التعقل والبحث عن الحلول لمعالجة مشاكلهم.
وتابع بأن المنهج القرآني يدفع باتجاه السلم متى ما وجدت لدى الطرف المقابل الرغبة في الحوار واحلال السلام.
فاجعة كربلاء مثالا
وقال الشيخ الصفار ان الأمة في حاجة إلى جهود هائلة على صعيد التربية والتثقيف والتوعية والخطاب الديني لتجنب المغالبة الذي عانت منها الأمة عبر تاريخها والتي قادت إلى فاجعة كربلاء.
وقال سماحته أن الامام الحسين لم يخرج سعيا وراء السلطة ولا بحثا عن الحرب والقتال.
وتابع بأن خطابات الإمام 
في كربلاء كانت في مجملها تجنح إلى السلم وتعرض النأي عن الحرب.
ومضى يقول ان الفريق الآخر استولى عليه حب الغلبة وفرض الهيمنة على الحسين «وهذه العقلية هي من أسباب حدوث فاجعة كربلاء».
