صار لا بدَّ من المكاشفة في الوضع الراهن، لا بد من فتح الحسابات مع أعضاء مجلس النوّاب، من أخطأ؟ ومن أدعى؟ومن حاول قلب الطاولة على الجميع عبر حيل، والتفاتات لا تفضي إلا إلى خراب العراق، وإفشال الديمقراطية الناشئة فيه، وإشهار السلاح والحقد بدلاً عنها، فضلاً عن إشاعة روح الخوف، وتهديد الأمن الوطني عبر التصريحات التي تطلق هنا وهناك.
لا بد من وقفة جادّة مع هؤلاء النواب الذين تخفّوا خلف أقنعة، وخلف تاريخ مزوَّر، لا بد للمواطن العراقي، أن يعرف الطريق الذي يسلكه عراقه مع هؤلاء، وأين سيؤدون به في آخر الامر.
من هؤلاء النوّاب، أو أكثرهم تزويراً لتاريخهم، وتأجيجاً للنفس الطائفي داخل المجتمع العراقي، وتعقيداً للأزمة السياسية، النائبة عن التيار الصدري مها الدوري، التي دارت حولها شكوك كثيرة، منذ ظهورها الأوَّل على الفضائيات وهي تحشِّد التابعين للتيار الصدري بالثورة على السُّنة في العراق في محاولة لتغط
ية اهدافها واجنداتها، فضلاً عن تخوينها الدائم للمرجعيَّة الشيعية في النجف، وإثارة الفتن بين الأحزاب الشيعية الحاكمة في العراق.
إلا أن كل هذا السم الذي تبثَّه الدوري، تكشفه تقارير جديدة بعضها نشرته المخابرات العراقية بعد تحقيق وتمحيص في تاريخ الدوري ومخططاتها، التي تحاول من خلاله، أن تكون الُحميراء في زمن العراق الجديد التي تؤلب الجميع على الجميع، والشيعة على الشيعة كما قال أحد الكتّاب.
تقول إحدى التقارير المخابراتية إن مها الدوري أصولها أصلاً سنيَّة، لكنها تشيَّعت في محاولة منها لإخفاء تاريخها القديم مع حزب البعث، وتاريخ والدها الذي كان يخدم في الجيش الشعبي، وكان عضو فرقة في حزب البعث المنحل اثناء مقتله.
ولم يستطع كثيرون مقربين من الدوري السكوت عن تاريخها، فبدأو الحديث عنها علانية، ومن هؤلاء من زميل الدوري في دراستها، ومن كان من جيرانها، ويقول أحد هؤلاء، وهو لا يذكر اسمه، خوفاً من أن تتعرَّض الدوري لقتله من خلال عناصر توظَّفهم لهذا الغرض، بأن "مها الدوري كانت أوَّل المحتفلين بعيد ميلاد المقبور صدام حسين في الجامعة"، مذكِّراً أنها كانت من تجمع الزملاء للاحتفال وبعكس وجودهم في الاحتفال كانت تهدِّدهم بالفصل وبالعقاب.
لكن الغريب في الأمر أن القيادات في التيار الصدري يعرفون تاريخ مها الدوري الشخصي وتاريخ والدها، وأفعالها التي كانت تقوم بها، والذي لم تستطع هي نفسها نفيه في تصريحاتها لصحيفة السفير اللبنانية التي أثارت جدلاً واسعاً عندما وصفت والدها بالشهيد الذي كان يحب وطنه وشعبه بالرغم من كونه من قيادات الجيش العراقي إبان حكم الطاغية صدام حسين وعضو شعبه في حزب البعث المنحل وقتل في الحرب العراقية الايرانية في ثمانينيات القرن الماضي.
وقال حينها، الشيخ عبد الكريم المحمداوي، أمام جمعة مسجد الكوفة في رده على تلك التصريحات بأنها "لاتعبر عن مواقف التيار الصدري لامن قريب ولا بعيد"، مؤكداً أن موقف التيار "واضح تجاه حزب البعث الكافر" على حد قوله.
لكن المحمداوي يبرّر تصريحات الدوري بالقول "ربما انطلقت من عاطفتها اتجاه والدها المقتول في الحرب العراقية الايرانية وهو أحد قادة تشكيلات الجيش الشعبي أيام الطاغية المقبور وهذا لاينعكس على مواقفنا المبنية إزاء حزب البعث والجرائم التي ارتكبها".
ونقل المحمداوي عن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وصفه لتصريحات الدوري بأنها "رعناء وغير مسؤولة"، مطالباً "بتشكيل لجنة تحقيقية من الهيئة السياسية للتيار الصدري يرأسها كرار الخفاجي لسؤال الدوري عن ماهية تلك التصريحات ودوافعها"، إلا أن الموضوع انتهى فور بدأه، مما خلق علامات استفهام كبيرة حول نزاهة التيار في تعامله مع مواضيع حساسة بمثل هذا القدر.
لكن أمر الدوري لا ينتهي الى هنا، إذ تنقل تقارير مخابراتية بأنها تعمل على تفتيت الصف الشيعي السياسي، من خلال تأجيجها لرأي الأحزاب الشيعية ضدَّ بعضها البعض. ومن خلال إضعاف التيار الصدري، الذي سلَّم أموره بيد الدوري والمتهم بصفقات فساد هائلة نظيرها النائب جواد الشهيلي.
التقارير المخابراتية تقول إن الدوري تتعامل مع الحكومات الإخوانية والسلفية مثل السعودية وتركيا، وهي تنفِّذ أجنداتها لإسقاط الأحزاب الشيعية في العراق، وهي المسؤولة عن خلق الفجوى الكبيرة التي حصلت بين زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من خلال تأليب رأي الصدريين ضدَّ الخزعلي. وهي المسؤولة عن سحب البساط عن الشيخ عبد الهادي الدراجي وإبعاده عن التيار.
كما تنقل التقارير عن مصادر لها عن قيام الدوري ببثِّ إشاعات لا أخلاقية، خاصَّة تلك التي ظهرت وتقول أن السيد مقتدى الصدر تزوَّج من الدوري وتربطه بها علاقة حميمية، وهي من قامت ببثِّ صورة على مواقع التواصل الاجتماعي تبيَّن وقوفه إلى جانبها وهو بلباسه المنزلي.
وتعدَّى الأمر هذه الحدود، لتظهر الدوري مواقف التيار الصدر تجاه المالكي المتعلَّقة بمصالح خاصة على الفضائيات حين قالت إن التيار كفَّ عن دعم المالكي حينما لم يفِ الأخير بوعوده التي تتلخَّص بإعطاء أكبر من الوزارات له، فضلاً عن الإفراج عن كل معتقليه، والوعد الأخير الذي لم يعلنه المالكي، وحمَّلته مسؤولية قوله الدوري، يكشف عن تفاصيل كثيرة، أوَّلها تلك التي تقول أن الدوري جنَّدت بعثيين من فدائيي صدام وهم من ارتكبوا مجازر ضدّ الأحزاب الشيعية والسنيَّة، وهي المسؤولة عن تأجيج الطائفية.
وقد أثارت تصريحات الدوري حفيظة الأحزاب الشيعية الأخرى، وألبتهم على المالكي.
بعد كل هذه التفاصيل، أصبح لزاماً على الجميع، خصوصاً الكتل السياسية، أن تعي ما يدور في داخلها، ومن يحاول أن يفتّت الصف الشيعي. ومن يحاول أن يسلّم العراق إلى أجندات الدول الإقليمية. ومن يحاول أن يجعل العراق مرتعاً كبيراً للإرهاب.
ولعل الفضيحة التي ستطيح قريبا برؤوس بهلواني التيار الصدري هي فضيحة غسيل الاموال الخاصة بالبنك المركزي وان غدا لناظره قريب .
مقالات اخرى للكاتب