شعور غريب انتابني بعد إن رمتني الأقدار في أقاصي الكرة الأرضية، لم أكن اعرف ما هية هذا الشعور ولكنه كان كصخرة عملاقة جاثمة على صدري، كنت اعلم أن بعدي عن عائلتي لم يكن السبب فرغم حبي الشديد لهم وخوفي عليهم ولكني استودعتهم الله الذي لا تضيع ودائعه، ولم يكُ السبب كذلك غربتي عن وطني الذي اعشق ترابه رغم سوء الأوضاع والتردي الأمني، وسوء الخدمات، وفساد بعض المسؤوليين ومتاجرتهم بأرواح المواطنين، وتهالك وقدم النظم التعليمية، كل هذا أثر علي ولكنه لم يكن السبب الرئيسي لأني اعلم يقينا إني سأعود وسأشارك بإذن الله بالتغيير، ظللت هكذا حتى محرم وسمعت صوتا يهمس في أذني "تزوروني" لصاحب الحنجرة الذهبية الملا باسم الكربلائي فعرفت السبب، فأنا في احد بلدان معاوية وقد اشتقت لآل البيت عليهم السلام اشتقت لرؤية القباب الذهبية، اشتقت أن أكون بحضرتهم الشريفة واصلي وأدعو الله واترك الدنيا وهمومها وراء ظهري، اشتقت أن أبث همي إلى قاضي الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)، اشتقت أن أسير على درب الأحرار واصرخ (يا حسين) من غير خوف من تكفيري أو بعثي جبان، اشتقت للبيارق المرفوعة على البيوت هذه البيارق التي ظل يحاربها الطغاة وينظرون لها بقلق شديد كونها تشير إلى نصرة الحق على الباطل، اشتقت إلى حضور المجالس الحسينية وذكر إبطال الطف ومن سار على طريق الحق والشهادة ولعن يزيد ومن سار على نهجه إلى يومنا هذا، كل هذا وأكثر فقد اشتقت حتى لرائحة الدم والبارود الذي أصبح ملازما لبلدي والذي هو إشارة لاستمرار معركة الطف معركة الحق على الباطل لحين نهاية الزمان و ظهور الإمام المهدي (عجل الله فرجه).
مقالات اخرى للكاتب