وأقرأها
اليَوْمَ لِلذِّكرى
تزورُنـي الْحمامَةُ.
وفـي النّوْم تَحْتلّ عيْنيّ
ما زال حُبّي لَها مَطَرا
وبِالقارِ طلَـوْا
نَهْدَا الْمُحْتَشِمَ.
بيْني وبَيْنها آلافُ الْجنازِرِ
آلاف الفَراشاتِ الْمُمزّقةِ
نوافيـرُ دَمٍ وحناجرُ
ملْغومَة بالسّلاسِلِ والأحْجار.
كَعَويل ريحٍ بُـحَّ
صُراخُها الطّفْلُ في غُرْبةٍ.
لِعِطْرِها فـي حَياتـي الأسْبَقِيّةُ.
أنا قانا تَهُزّنـي
أجْراسُ قانـا وهِيَ
فـي الْمَوانئِ.
أنا مَن أنا يا تُرى.فـي
فـي الوُجود وفـي
مُدُنِ الْمِلْحِ مِن
لَحْمِ قاقنـا ! ؟
أنا ضَفائِرُها الْمَحْروقةُ.
كُلّنا مَعْنِيّون..
كان ثَـمةَأطْفالٌ
لَنا فـي الْغارَةِ.
هذِه الْمومِسُ
الْخَفِرَةُ لا تَكِلُ
جَسَدها العَسْكرِيّينَ
فالْحِقدُ كان
أضْرى وإلـَى
الآنَ يفوحُ شواؤُها
الْمَعْجونُ في جِراحي!
هذه قَصيدَتـي الْمُحَطّمةُ.
إلـى اَلآن أرى
فـي حَقْوِها بعـضَ
كِبْرِياءٍ تَحتَ
ضوْءِ القَنابِلِ.
رغْمَ هُزالِ
الجِذْعِ دَمُها سَرْبَلَ
بالأحْمر الْحُقولَ.
حتـّى لا تطيرَ
الْحمامَةُ حدَثَ
هذا بِمُواطَأةِ تِمْثالِ
الْحُرّية وتَحْتَ أعْيُنِ
الْجرْنيكا التـي
كانت هُناكَ مُعلّقةً.
كثيراً ما خذَلْنـا
مرْمَرَها الأعْزلَ.
ولأِنّها الأنقى حتّى
اللّهُ اقْتَرَفَ معَها فـي
الْجَحيم الْخَطيئـةَ.
كمْ هُو حَزينٌ فـي
القصَبِ ..
وطَنُها الْمَنْزوف.
كَم هوَ حارّ
هذا الْمَشْهدُ مِن
(عناقيدِ الغَضبِ)
الْحامِضِ فـي
قانا تَحْت نَحيبِ
الصّوامِع والأجْراس.
مِن هذهِ
الكُوَةِ أُطِلّ
على.قانا..
فيُبْهِرُنـي الكُحل.
مِن هُنا أجوسُ
ألَقها الرّحْبَ.
وَتِلكَ يدُها أسْفـلَ
الْجيدِ تتَلَمّسُ عَقيقَها
الْمَوْصوفَ فـي
أسْواق تونِسَ .
عَزَلوها بالسّنْطِ عنّي
أرْهقَني الوَميضُ ..
تَرتدي شال حَريرٍ
مُخَرّماً مِن سورِيّةَ.
وكأيِّلَةِ الْخَلاءِ
تبْزغُ فـي فَراغٍ..
ها هِي تولَد فـي
بَرِّيَّةِ روحي كَشَمْس.
امْتَدحَتْ كُلُّ الفنونِ
وقْفتَها الشُّجاعةَ.
إنّه لَفَخارٌ لـِي أنْ
أتَقَصّى زُمُرُّدَها
الأصيلَ كَمَغيبٍ.
قانا هذهِ مَرْثاتُنا فـي
العَواصِمِ بِعِدّةِ لُغاتٍ.
لَهـا فـي كُلّ المحَطّاتِ
وجْهُ بِينيلوب.
وبعَيْنَيْ زَرْقاء تُطِلُّ
نَهاراً كَمَنـارَةٍ
ترى ما توعَدون