العراق تايمز: كتب مجموعة من منتسبي القطاع النفطي ــ شهد القطاع النفطي في العراق،تدهورا كبيرا نتيجة الحظر الاقتصادي الذي كان مفروضا على العراق بسبب السياسات الرعناء للنظام البائد , وكان الجميع يتوقع قفزة نوعية في هذا القطاع بعد سقوط الصنم في 2003 , لكن الامر كان كما يبدو قد دُبر بليل للاساءة لهذا القطاع , من اجل مآرب اخرى كشفتها جولات التراخيص المتتالية .
على الرغم من ذلك فقد حرص منتسبو هذا القطاع – وحرصا منهم على خبز الشعب – على استمرار العمل في المنشآت النفطية وتحت كل الضغوط . ولان العراق قد تربى على اساس النفس العسكري فقد كان للمنتسبين الفنيين الجهد الاكبر في استمرارية الانتاج , فيما كان الاغلب من المسؤولين يعيشون كانهم ضباط الفترة الصدامية , متخلين عن مباشرة اي عمل تقني واداري مباشر , وتجمع بين الصنفين طبقة ثالثة يمكن تسيمتها فرقة (نواب الضباط) , مع احترامنا للمخلصين من الضباط ونواب الضباط , فاننا هنا نستعير توصيفا لا نقصد منه الاساءة , بل المقارنة .
وجميع منتسبي القطاع النفطي يدركون ان جميع الوحدات لا تعمل الا بتضحيات كبيرة جدا واستثنائية وخارج التكليف الوظيفي من قبل الفنيين وجمهور المنتسبين , حتمها عليهم الواجبان الوطني والديني .
لكن للاسف الشديد , رغم ان السواد الاعظم من مسؤولي القطاع النفطي يجهلون آلية عمل وحداتهم الانتاجية , ويخضعون لتدريب المنتسبين الفنيين عند بداية استلام مهامهم الادارية , وقد تم اختبار الكثير منهم عن جوهر عمل وحداتهم , لكنهم اثبتوا فشلا معرفيا , كما انهم تسببوا بالكثير من المشاكل الفنية المباشرة , واهدار المال العام , بسبب مجازفتهم وتهور الكثير منهم , وهم لا يحيطون علما بالوحدات الانتاجية بصورة واضحة , رغم كل ذلك الا انهم تعودوا ان يكون لهم نصيب الربح من كل المكافئات , فيما يلقون بتبعة كل مشكلة على من هم دونهم من المنتسبين , عبر خطط ( المافيات ) الادارية .
وفيما يمارس المنتسبون الفنيون عدة اعمال خارج تكليفهم في آن واحد , ويقعون تحت ضغوط ادارية (ابتزازية) , لكنهم لا ينالون سوى الاجر المعتاد , الذي يتهكم عليه اقرانهم في دول الجوار , والذين تتكفل حكوماتهم لهم بامتيازات جبارة .
بينما راح الكثير من مسؤولي القطاع النفطي العراقي يبحثون عن مسمى اعمال يمارسونها , ترفع الاحراج عن القسم المالي الذي يكتب لهم مكافئات ضخمة غير مستحقة , فمنهم راح يأتي يوم الجمعة من الساعة الثامنة الى التاسعة , وآخر يحضر خفارة الدفاع المدني ليمارس الشخير في غرفته .
وهم كذلك من لهم الحق الحصري في الايفادات الى خارج القطر , رغم ان البلد لن يستفاد من خدماتهم , لانهم لا يمارسون ما تعلموه على الارض , بسبب استنكافهم من الاعمال المباشرة والفنية .
وبعد كل ذلك تفاجئنا حكومة الوزارة النفطية بقرار اعطاء ( التعظيمية ) للمسؤولين , دون شمول صغار المنتسبين , الذين يشكلون اكثر من 90 % من كادر الوزارة .
ولو كانت هذه التعظيمية تمثل مبالغ صغيرة لهان الامر , لكن مبالغها تتراوح بين 3000000 ثلاثة ملايين الى 9000000 تسعة ملايين دينار عراقي , وقد تصل الى 150000000 مائة وخمسين مليون دينار عراقي داخل الوزارة نفسها .
هذا كله ينظم الى الظلامة الاخرى , والتي هي رفض صرف المستحقات المالية للموظفين من ارباح السنوات الاربع الاخيرة , رغم ان عدم صرفها مخالفة صريحة لقوانين الوزارة , فيما تلقي كل جهة مسؤولية المخالفات القانونية على الاخرى , لكن المشهد الذي اتضح اخيرا ان جميع هذه الجهات تابعة لكيان سياسي واحد , يخشى التصريح بحقيقة مصير هذه المستحقات لاسباب سياسية .
وبعد الضجة التي اثارها العاملون في القطاع ضد هذه الظلم , قررت ادارة المافيات اسكات طبقة ( نواب الضباط ) من صغار المهندسين ومسؤولي الوجبات الفنية , عبر ادراج اسمائهم ضمن لائحة الظلم هذه .
ورغم وجود القليل من الشرفاء الذين رفضوا استلام هذه المبالغ لاجحافها بالسواد الاعظم من العاملين الحقيقيين , الا ان الوزارة لم تلقِ اذنا صاغية , لانها مرتهنة لمشروع غريب .
هذا المشروع هو ذاته من الغى النقابات التي كانت تحمل صوت المنتسب العامل , وقتلت النظام العمالي الديمقراطي , لتسلم القطاع لاستبدادية المافيات , التي يتم تسميتها بالادارات .
وبعد التظاهرات التي قام بها المنتسبون , هددهم المسؤولون الاداريون المباشرون بالقاء القبض على جميع المنتسبين الذين يقومون بالتظاهر والاحتجاج , تحت بند الفقرة 4 إرهاب , بحجة تسببهم بايقاف الانتاج وهدر المال العام !!!! . وهي لا شك حكمة تعلموها من فرعون القطاع النفطي السابق , الذي استخدم هذه التهمة الارهابية فعلا .
ونداءا هنا للسادة اعضاء البرلمان العراقي , باعتبارهم ممثلي الشعب العراقي – افتراضيا – وعلى عاتقهم مسؤولية حماية حقوق الموظفين العراقيين , هذا اذا كان هؤلاء الاعضاء يعيشون الاستقلالية ويملكون قرارهم , بعيدا عن سياسات الاستبداد الجديد .
كما هو نداء لمنظمات المجتمع المدني وجميع المنظمات الحقوقية , لرفع الظلامة عن ابناء هذا القطاع , الذي يُحسد على اسمه , فيما تنهش الامراض جسمه .
فيما ليس هذا النداء موجها لمؤسسة دينية معينة , كان ممثلها هو السبب بكل هذه الظلامات , منذ قام بالغاء النقابات , وباع نفط العراق بالجملة , فصار الجميع يبحث عن العمل مع الشركات الاجنبية الصورية الماصة للثروة العراقية , لان العمل في شركات القطاع العام صار وبالا على العراقيين , بسبب النظام الاستبدادي الجديد .
او ربما يكون من الافضل نقل مطالب الموظفين المظلومين الى ساحات الرمادي , ليتم ايصالها للحكومة عن طريق حزب البعث , والذي اخذ انصاره ومريديه مستحقات مالية باثر رجعي منذ 2003 , كمكافأة على جهودهم الاجرامية المخلصة , وهذه المستحقات البعثية سوف تستقطعها الحكومة المنتخبة من اموال النفط , التي تتحصل بجهود منتسبين لم ينالوا ابسط حقوقهم القانونية المشروعة !!! .
اخيرا , الا تستحق هذه المافيات ان يتم استجوابها تحت فقرة 4 إرهاب ؟!
او يمكن تقسيم هذه المبالغ على المنتسبين جميعا بصورة مقبولة , ولا اقول عادلة , لان التقسيم العادل سوف لا يسمح بشمول المسؤولين وكبار الاداريين.