يشكل العراقيون نسبة كبيرة من افراد الجاليات العربية والاجنبية في دول المهجر واوربا بالتحديد، فتعدد موجات الهجرة التي اجبربتهم على ترك البلاد خلال ثمانينات وتسعينات القرن الماضي واعوام الاحداث الطائفية، جعلت منهم جالية يقدر اعدادها بالالاف موزعين على الدول والقارات. في ممكلة السويد على سبيل المثال تقدر الاحصائيات الرسمية واحصائيات المنظمات المدنية بوجود اكثر من مئة الف عراقي منتشرين في اغلب المدن السويدية، وعمل قسم كبير من هؤلاء على السعي لخلق بيئة ثقافية واجتماعية عراقية من خلال انشاء جميعات ومؤسسات معنية باقامة الفعاليات والانشطة المختلفة. وحين خرج هؤلاء من ظلم واضطهاد الحكومات المتعاقبة اعتقد الجميع بأن العراق سيكون حاضرا ومدويا في دولهم الجديدة الان، لكن السؤال الاهم الذي يطرح هنا، هل أسس هؤلاء لهوية وطنية في الخارج؟ وهل نملك الان هوية وطنية في المهجر؟ الجواب على هذا التساؤل المهم بالتأكيد يحتاج الى ايام عديدة من البحث والمتابعة والحضور والتقرب من كافة افراد الجالية لمعرفة كيف يفكرون وماذا يعملون وبماذا يتحدثون، لكن الواضح هو ان ملامح هذه الهوية غير واضحة المعالم او تكاد تكون معدومة احيانا لأسباب عديدة. ويمكن هنا ان اذكر مثالا بسيطا على ما شاهدته في السويد خلال فترة وجودي فيها، بعد التفجيرات الاخيرة التي ضربت العاصمة بغداد حشد بعض الناشطين والاعلاميين الى تنظيم وقفة احتجاجية لاستنكار هذه التفجيرات، واعلن عن مكان وزمان الوقفة قبل ايام من اقامتها في مدينة مالمو التي يعيش فيها الالاف من العراقيين، غير ان الغريب والمحزن هو عدد الحضور الذي لم يتجاوز الخمسين شخصا. قد تبدو هذه حالة عرضية ولا تمثل ما يحصل دائماً لكنها حالة تؤشر عدم اهتمام البعض من عراقيي الخارج بقضايا البلد التي تهم شعبا كاملا وليست جهةمعينة منهم، سيما اؤلئك الذين صدعوا رؤوسنا بشعارات الوطن والوطنية في الفيسبوك! ان غياب الهوية الوطنية عن عراقيي الخارج لا يتحمله بالدرجة الاساس المواطنون الاعتياديون الذين ربما لم يسمعوا عن هذه الوقفة او الفعاليات الاخرى ليتوصلوا ويحضروا لها، لكن هو امر يتحمله بشكل اكبر مسؤولو المنظمات الجميعات والمؤسسات في السويد كونهم على صراع دائم بسبب الايدلوجيات والافكار والرؤى المختلفة والتي وان كانت تحمل صبغة وطنية لكنها لايجب ان تنتقل الى ابناء الجالية لأن هذا الصراع من شأنه ان يخلق فجوات بين ابناء الجالية ويقلل من حضورهم للانشـــــطة التي تنقل صورة حضارية ومهمة عن معاناة الوطن والشعب.
مقالات اخرى للكاتب