الازمة العراقية مازالت مستمرة، في الوقت الذي شهدت الساحة حراكا سياسيا من لقاءات جماعية او ثنائية واستبشر معها الشارع بحذر كبير، خوفا من عدم الوصول الى مايلبي طموحاته بوضع نهاية لهذه الازمة، ولكن رغم مرور فترة ليست بالقصيرة على الحراك، لم يتم ترجمة الحراك على ارض الواقع ولعدم وجود مايمكن الركون اليه باعتباره حلا للخلافات. المتابع للملف السياسي يدرك عمق الخلافات بين الكتل والكيانات في عدم التوافق على تمرير مشاريع القوانين في مجلس النواب، والذي يمكن ملاحظته خلال هذه الفترة ان بعض التصريحات التي كانت متشنجة هدأت الان في الساحة، ولكن هذا لايعني بعدم وجودها بشكل اخر، الخلافات اخذت اشكالا مختلفة، هناك خلافات بخصوص تشكيل الحكومات المحلية، خلافات بعدم التوافق داخل مجلس النواب لتمرير القوانين المهمة وايجاد اي طريقة لعرقلة تمريرها، خلافات بشأن التدهور الامني وتزايد اعداد ضحايا العنف التي بلغت ارقاما مخيفة دفعت بالمراقبين والمنظمات والدول بالخشية من اندلاع حرب اهلية بين مكونات المجتمع العراقي، لان اعمال العنف الحالية تحمل عناوين طائفية في صفحاتها، ولكن تصريحات البعض تحاول التخفيف من حدتها. في خضم الاوضاع السائدة هناك نتائج يمكن المتابع الوصول اليها، ولكن البعض من النتائج هذه مخيبة للآمال، هناك من يقول ان ماجرى من الحراك واللقاءات وتوزيع الابتسامات على شاشات التلفزة ماهي الا دعاية انتخابية بغية كسب الشارع بوسيلة او باخرى وتحاول بعد ذلك كل جهة اسقاط الطرف الاخر سياسيا، وهناك من يقول ان الكيانات والكتل وصلت الى قناعة بان الفترة القادمة غير كافية للوصول الى توافقات بشان القوانين المختلف عليها، وما السبيل الا استغلال الوقت او الفترة المتبقية من عمر الحكومة ومجلس النواب بغية ترحيل القوانين الى الدورة التشريعية القادمة في غفلة من الراي العام، ما يحدث اليوم حصل في الدورة السابقة ايضا حيث تم ترحيل مشاريع القوانين الى الدورة الحالية والتي بدورها فشلت في تمريرها في مجلس النواب، هناك اراء في الشارع العراقي تقول في حال تكرار انتخاب الوجوه الحالية فان التوافق سيكون عقبة ايضا لمعالجة الازمة، ومجلس النواب القادم بوجودهم سوف لايتمكن من تمرير مشاريع القوانين المؤجلة، الاحباط الحالي الذي يشعر به المواطن نتيجة عدم الاهتمام من قبل الكتل والكيانات بما يلبي طموحاته سيكون له قول اخر عند توجهه الى صناديق الاقتراع قد تكون هناك مفاجات اكبر من تلك التي حصلت في انتخابات مجالس المحافظات، وعند تشكيل الحكومات المحلية. زعزعة الثقة بين المواطن والنخبة السياسية التي جاءت الى الحكم باصوات المواطنين ليس بالسهولة عودتها كما يظن البعض، المواطن العراقي اليوم الذي كان ضحيه الوعود في الانتخابات السابقة لايمكن ان يتقبل تلك السيناريوهات السابقة لان الحقيقة بانت في اكثر من مفصل، الامن والكهرباء مثالا لذلك، ومن اولى سلم النجاح في عالم السياسة هو مصارحة ومكاشفة المواطن بالامور التي يجب ان يطلع عليها من الذين وضع ثقتهم فيه في الانتخابات، ومايحصل اليوم ان المواطن غائب عما يجري وعليه سماع التصريحات واناقة اللقاءات من دون معرفة مايجري خلف الكواليس، وهذا اصبح من الحواجز التي لايمكن تجاوزها.
التساؤل الان ماذا بعد الهدنة السياسية؟ وماهي الخطوات التي تمت ترجمتها على ارض الواقع؟ ام ان اللجان الكثيرة التي تشكلت والتي لها بداية وليس لها نهاية هي التي ستحسم الخلافات؟
مقالات اخرى للكاتب