بعدما انقذ الله قوم موسى من بطش فرعون وجنوده, اتخذوا من حليهم عجلا يعبدون وقالوا له خوار! وقد فعل العراقيون الشئ ذاته, مرارا وتكرار. فبعدما اقام لهم الاستعمار الانكليزي النبيل دولتهم الرصينه على أنقاض قرون من الجهل السحيق والمرار, لتنموا وتزدهر صعودا كما امارات ومشايخ الخليج الان التي أصبحت حلما لهم وملاذا ومنار. لكن لم يشأ العراقيون وقتها الا أن يعودوا لجذورهم وما جبلوا عليه, ومايجري في عروقهم ومااختلط في جيناتهم, فحطموا دولتهم الناميه بأيديهم بانقلاب1958, فقتلوا من قتلوا, وسحلوا ونهبوا ..واستباحوا وسلبوا. واتخذوا لهم من أنفسهم عجلا يعبدون وكان له كل يوم جمعة خوار! وسط حماس الجماهير وهتافاتهم وأهازيجهم وهم لايسمعون! ثم عاد بعضهم ليغدر بعجله ومعبوده المحبوب ويجعل منه أضحية لانقلاب دموي أسود عام1963 أسموه(عروس الثورات!) ثم أتخذوا من بعده عجولا متنوعه كما يشاؤون ليعبدون. ثم اصطفوا منهم عجلا غليضا كان جبارا صارما فقدسوه, ومنحوه الاسماء الحسنى! وهو يسومهم سوء العذاب ويذيقهم الذل والهوان,ويرسلهم الى حتوفهم فرقا وجماعات. وبرغم الردى أمسى مقدسا ليس عندهم فحسب, بل عند شعوب الامه العربيه جمعاء.. يزورونه حاجين وزائرين ليجيبهم بما كانوا يشتهون ويطلبون, فهو يحيي ويميت..يهب ويمنع. فهو المطاع والمستجاب. وبعد اليأس والهوان والسنين العجاف أنقذ الامريكي الشهم العراق وشعبه من جباره الارعن الرعديد. ولكن العراقيين, بدلا من الشكر والعرفان, لاصدقائهم الامريكان, ليصنعوا سوية حاضرهم الزاهر الالوان, ويخططوا معا لمستقبلهم المعبق باريج الورد والريحان, ويطووا صفحة ماضيهم المر لينبذوها في غياهب النسيان, الا أنهم سرعان ما عادوا لعاداتهم القديمه, كما فعلت حليمه. فأتخذوا لانفسهم عجولا مختلفة الاطيان.. يقدسونها ويبجلونها بالرغم من انها مغبرة.. وجوهها مكفهره.. كالحة مصفره,ريحها نتنة..فاسدة عفنه..فمتى يدرك العراقيون بمختلف منابتهم وعروقهم أن هذه الرموز (السياسيه؟!...) التي يعبدون.. لن تغنيهم من بعد جوع ,ولن تأمنهم من خوف ؟!!
مقالات اخرى للكاتب