سمعت مؤخرا احد جنرالات العم سام وهو يصرح امام الملاء بانه اذا لم يستتب الامن في العراق على الطريقة الامريكية فان من الواجب تقسيمه للتخلص من المشاكل السياسية . ان العراق في نظرهم هو مجرد قطعة ارض يسكنها شيعة وسنة واكرادا ، ،وان هؤلاء يتصارعون فيما بينهم على السلطة والثروة . وقد نسي هذا الجنرال بان تقسيم الهند والباكستان لم ينه الصراع بينهما رغم مضي عشرات السنين . وان تقسيم السودان قد جعل الشعب في الشمال والجنوب اسوأ مما كان عليه قبل التقسيم .وان النزاعات قد اشتدت اكثر واكثر داخل السودان الجنوبي ، ونشات نزاعات فرعية تتفرخ عنها نزاعات اخرى بطريقة لامتناهية . وهناك امثلة كثيرة على خطل راي دعاة التقسيم .واذا كان هذا الجنرال يرى العراق بهذا الشكل من الطوائف المتناحرة ، فان هناك من يرى اكثر من ذلك ، ويدعي بان العراق نشأ من معاهدة سايكس بيكو فقط .
ان العراق بالنسبة لنا نحن العراقيون ، هو عراق الازل ، عراق سومر وبابل واشور بانيبال . عراق دجلة والفرات والذي كان يسمى قبل معاهداتهم لا بل قبل نشوء دولهم ايضا بانه ارض مابين النهرين او موسوبيتاميا . وقد عاش فيه اقوام هم اجدادنا الاولين ، واننا عشنا في العراق هذا موحدين تجمعنا هوية واحدة هي الهوية العراقية وبثقافات متنوعة بتنوع الطيف الشمسي ... وقد جمعنا الجبل والسهل والنخيل كما جمعنا نهري دجلة والفرات وتوحدا في شط العرب كما جمعتنا ثقافاتنا المتنوعة ذات الافق الواحد والفولكلور الواحد كما جمعتنا الحان سيف الدين ولائي وصالح الكويتي ورضا علي وناظم الغزالي وجمعنا شيعة وسنة وكوردا وايزيديين وشبك وصابئة مندائيين وسريان شئ اكبر من الارض واكبر من النزاع على سلطة يفقدها الشعب دوما ، وثروة محروم منها ايضا .
ان العراق ايها السادة وطن فيه روح ونبض وشريان حياة . فيه التمر والنخيل والتراث الشعبي الملون باطياف رائعة ، فيه الدبكة الكردية وجوبي الغربية وردح الجنوب والابوذية والمقام العراقي ، والعراق فيه التشابيه والمولد النبوي وعاشوراء والشمعة التي نوقدها في الكنيسة كواحدة من النذورات . والمربع العراقي ولعبة البات او المحيبس . والمنتخب العراقي عندما يلعب في الملاعب الدولية يكون وحدة واحدة لايمكن ان نميز اي طيف من اطيافه الرائعة ، والباجة والدليمية والدولمة وكباب السليمانية ولبن اربيل . ووحدنا الجواهري ومحمد رضا الشبيبي وعبدالله كوران ومظفر النواب ونازك الملائكة وبدر شاكر السياب وعمو بابا ومنير بشير وكاظم الساهر والهام المدفعي وقصص جداتنا عن السعلاة والخروف العنيد ولعب التوكي . ونورووز وحفلات راس السنة . . . والجبل يعانق السهل والهور . ولو عزف عالناي راعي من الشمال عالربابة يجاوبة راعي الجنوب .... وبعد هذا كله هل هناك من يدعي بان العراق يقبل القسمة او ان العراق نشأ بالصدفة او نتيجة معاهدات استعمارية . انه عراق العراقة والتاريخ والشعب الواحد وانهم شذاذ الافاق ليس لديهم سوى التامر على الشعوب لنهب ثرواتها واضعاف قدراتها . ولذلك فانهم يرون العراق شيعة وسنة وكوردا . . ، ونحن نرى العراق شعبا عريقا طموحا لايفرقه دين ولا مذهب ولا فكرة خرقاء ولا نزوة حمقاء من رجال سياسة مهووسون اضاعوا انفسهم ويريدون ضياعنا نحن شعب العراق الذي يخرج اليوم بكل اطيافه كوحدة واحدة ضد الفساد والظلم والطغيان ضد السياسي الفاشل والقاضي المرتشي والاداري الفاسد . انظروا الى وجوه اولئك الذين ملئوا الشوارع ، هل ترون فيه وجه شيعي او سني او كوردي ، انها وجوه عراقية وحسب . يحيى العراق ويحيى شعب العراق الذي يثور كلما جار عليه الزمان او جار عليه اشباه الرجال . انه يخرج كالعنقاء بحلة جديدة وحياة جديدة ملؤها الامل في تحقيق الحرية والتقدم والسلام .
مقالات اخرى للكاتب