منذ فترة ليست بقصيرة يفور تنور ( الحسد ) كما يقول احد أعضاء برلماننا العجب في بغداد، من موضوع رواتب وامتيازات برلمانيي الغفلة وصناديق العشائر والمذاهب، ودلالية بيع وشراء الترشيحات التي وصلت في آخر انتخابات جرت عام 2009 إلى ما يقرب من خمسين ألف دولار للرأس الواحد، عفوا للمرشح الواحد لكي يتم ترشيحه من حزب متنفذ أو شيخ ذي عشيرة كبيرة؟
ويقول آخر ممن دفعته عجلة الغفلة والزمن السيئ إلى منبر تمثيل الأهالي أن العراقيين شعب بائس ودايح وانه هناك أي في البرلمان، ليمنع سرقة المليارات ولذلك فيجب أن يكون معاشه أعلى معاش منهم لكي لا تدني نفسه وينزلق إلى الفاحشة لا سامح الله!؟
هذا المنطق الرهيب واحد من آلاف المزايدات والبيع والشراء بهذا الشعب الذي اتهم بالعظمة كثيرا وهو غير ذلك أبدا، فقد صدق صاحبنا النائب الهمام في قوله بأن العراقيين بائسين ودايحين، ومن قال لك غير ذلك فهو مختلف أو مختل عقليا، فقد أثبتت الأيام الصعاب منذ هوسات ثورة العشرين العشائرية وحتى هوسات الحواسم، التي أباحت نهب وسلب كل شيء، بأن هذا الشعب فعلا كما قال النائب لسبب بسيط، وهو إن هؤلاء النواب لم يتم استيرادهم أو استدعائهم من كوكب المريخ، ولم يفرضهم الحزب القائد أيام زمان، بل جاءت بهم صناديق الاقتراع ودواوين الشيوخ وربعاتهم ومقرات الأحزاب المتنفذة، التي تاجرت بكثير من المرشحين حتى وصل سعر الرأس فيهم إلى ما يقرب الخمسين ألف دولار، كما سُرب في آخر دورة انتخابية والتي أنتجت سوق بغداد للمناصب التي بيعت خارج التسعيرة الدولية وبسعر صرف الدولار الأمريكي، حيث وصل سعر كرسي الوزارة العادية إلى خمسة ملايين دولار، بينما تجاوز كرسي الوزارة السيادية العشرة ملايين دولار، واحسب على هذا المستوى من التسعيرات قيمة وكيل الوزارة والمدير العام والمستشارين وملاكات الخارجية والتجارة والنفط والدفاع، وخاصة الخارجية والدفاع التي قيمت أسعار مناصبها بتسعيرة اعتمدت في الخارجية العواصم ذات النجوم الخمس، وفي الدفاع نجوم الرتبة والذي منه!؟
والسؤال المرير من البائسين والدايحين هل أنهم كانوا ينتظرون العمر كله لكي يأتي هؤلاء ( الجوعية ) خلفا لسلف سيئ ومخزي، أخشى أن نترحمه ونمجده ذات يوم ليس ببعيد مع بقاء هؤلاء وأمثالهم يتلاعبون بمصير البلاد وأموالها ومستقبلها؟
حقا أنها دولة المعاشات الفاسدة ونظام السحت الحرام الذي أنتج هكذا برلمان وهكذا حكومة، لا هم لهم إلا الرواتب والامتيازات والعمولات القذرة والأموال الوسخة التي يتقاضونها باسم الشعب ( البائس الدايح )، وصدق من قال عنهم برلمان وحكومة الجوعية، ورحم الله وزارات وبرلمان العهد الملكي قبل أكثر من نصف قرن واقل من 1% من موازنة الجوعية ورواتبهم ومخصصاتهم، وألف بالمية من نزاهتهم وعزة نفسهم وطهارة أيديهم وقلوبهم!