العراق يغرق بالدم والماء والصراعات السياسية والفساد والطائفية ،هذا هو العراق (الجديد) الذي إرادته أمريكا للعراق، وحينما خرجت منه مثقلة بعارها وجراحاتها، قالت (إن خروجنا من العراق كان خطأ مميتا )،هكذا هو الاحتلال دائما حين يرحل ،يجر وراءه الخيبة والخذلان والخزي ،ويترك وراءه حكومات عميلة ذليلة خانعة له ،(تماما كما شاهدتم ماذا فعلت بالمالكي حين زار البيت الأبيض قبل أسبوعين كيف شرشحته و عاملته وكأنه احد رعاياها في العراق وليس رئيس وزراء )،فاشلة في قيادة شعب عظيم مثل شعب العراق ،لذلك غرقت كل الحكومات المتعاقبة بوحل خيانتها وعمالتها وفشلها وفسادها ،ولا عجب فهذا شعب العراق لا يقوده إلا الرجال الرجال وليس أشباه الرجال ،ممن جاء بذيل الدبابة الأمريكية ويريد أن يقود العراقيين ،اليوم العراق يعيش وضعا مأساويا وكارثيا لم يشهد له التاريخ مثال أبدا ،من حيث الخراب والدمار في البنية التحية ،وحجم الفساد المالي الذي وصل (لابو موزه كما يقال بالعراقي )، بمعنى أن الفساد وصل إلى رئيس الجمهورية، الرأس الأعلى في الهرم الإداري الرئاسي، حيث مضى على غيابه وغيبوبته ،أكثر من سنة دون أن يعلم احد بمصيره ،ابتداء من رئيس الوزراء إلى نائب رئيس الجمهورية إلى رئيس مجلس النواب ،ووصلت صرفيات مرض الرئيس إلى مليارات الدنانير العراقية تهدر من ميزانية الشعب ،وقس على ذلك رئيس الوزراء والوزراء ومجلس النواب0 (قضية بواسير النائب خالد العطية وغيره من النواب الفاسدين والمزورين) ،نزولا إلى الفساد الأكبر في وزارات الحكومة، من وزراء ووكلاء ومدراء عامين ،مما حول ظاهرة الفساد إلى سرطان، استشرى في كل مفاصل الحكومة كإرهاب حقيقي يرعب المجتمع العراقي،وينخر بجسده ،أما الصراعات السياسية الدموية بين الكتل والاحزاب المتنفذة في الحكومة ،حول النفوذ السياسي والمناصب والمكاسب ،فقد حولت الوضع الأمني إلى ساحة حرب طائفية وسياسية ،يذهب ضحيتها الآلاف من الشعب العراقي بين قتيل وجريح ، فالتفجيرات والاغتيالات والفيضانات والاعتقالات وغلق الطرق والشوارع بخطط أمنية فاشلة ،جعلت من العراق سجنا كبيرا ومحرقة وقبورا للميتين الأحياء والأموات ،هذه هي صورة العراق الآن ،فكيف الخروج من هذا القبو الدموي يا ترى ،هل بالهروب من العراق وتركه للجهلة والسفلة والقتلة ،والمأجورين والمابونين ،أم مواجهة المصير برباطة جأش وصبر يهد الجبال ، ويطرد الشياطين ،والطائفيين والظلاميين وسراق المال الحرام ،يقينا الخيار الواحد الأوحد هو المواجهة والثبات على المبادئ والقيم التي ربانا العراق عليها كعراقيين،طوال آلاف السنين ،من تاريخه المشرق بكل معاني البطولة والفخر والأمجاد ،وتحضرني هنا أهزوجة لأهلنا تقول ( شلك بالروح أتداريها ....الموت أولها وتاليها )،حال العراق الآن ينتظر احتمالات أسوءها الحرب الأهلية عدا انهيار السلطة ،نتيجة سوء استخدام السلطة والتفرد الدكتاتوري في الحكم الطائفي، وسوء الخدمات وانهيار منظومة القيم السياسية بين الخصوم، ووصولها إلى مرحلة الصراع الدموي السياسي والتسقيط السياسي ،وتدخل الميليشيات الطائفية المسلحة الموالية لإيران ،وسطوتها على الشارع العراقي تفجيرا وتقتيلا وتهجيرا وتهديدا ،كل هذا الخراب لتأتي الفيضانات المدمرة وسط خراب كامل في منظومة المجاري بسبب الفساد المروع لأمانة بغداد ووزارة البلديات في المحافظات ليغرق العراق وشوارعه وبيوتاته وأسواقه وأحيائه بمياه الأمطار وتتحول بغداد إلى بركة ومستنقع سياسي آسن ،بسبب الفيضان السياسي التسقيطي بين الفرقاء والفيضان المطري التي اغرق كل شيء في العراق ، إضافة إلى حفلة التفجيرات اليومية وفيضان الدم العراقي الذي اختلط مع فيضان المياه جراء الأمطار الغزيرة ،هكذا يختلط الموت العراقي بين فيضان الدم وفيضان الماء في شوارعه المكتظة بالموت المجاني ،جراء فشل حكومات صنعها الاحتلال وجعلها تتسلط على رقاب الشعب العراقي .....
مقالات اخرى للكاتب