أرجع سماحة الشيخ حسن الصفار نشوء حالة التزمت الديني في الأمة الإسلامية إلى وجود فئات متطرفة ربطت مصالحها المادية والاجتماعية بانتشار الطقوس الدينية المغالية فذهبت بعيدا في هذا المنحى.
جاء ذلك خلال حديث الجمعة 17 ربيع الأول 1438ﻫ الموافق 16 ديسمبر 2016م، في مسجد الرسالة بمدينة القطيف شرق السعودية.
وبمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف دعا الشيخ الصفار إلى اليسر في الدين والنهي عن الغلو، في سبيل الحد من تصاعد حالات التطرف والتزمت والإعراض عن إعمار الحياة في العصر الراهن.
واضاف القول "ان هذه الفئات المتزمتة تعتاش على الروايات المختلقة فإن أعيتهم لجأوا إلى الاستعانة بالأحلام والأطياف والقصص".
واضاف سماحته ان من أبرز اسباب نشوء حالة التزمت الديني غياب الإهتمامات الكبرى في حياة الناس لتحل محلها الجزئيات التفصيلية.
وأوضح أن من أعظم الأهداف والإهتمامات الكبرى للدين؛ تحقيق العدل وعمارة الأرض والبحث في أسرار الكون وسيادة شرعة حقوق الإنسان.
ومضى يقول أن التيارات المتزمتة ركنت جميع هذه الإهتمامات الكبرى جانبا لتستعيض عنها بالإستغراق في المظاهر الدينية على نحو مبالغ فيه.
وقال سماحته ان التيارات المتزمتة ذهبت بعيدا في المبالغة في الشعائر والعبادات على نحو جعل منها قيدا واستهلاكا لحياة الإنسان على خلاف نهي النبي عن التشدد في العبادة.
وأضاف بأن النبي كان حريصا على أن يجنب الإسلام ما واجه الأديان الأخرى "من تحول الدين إلى حالة من التزمت والتشدد والمبالغة والعنت في حياة الإنسان".
وقال سماحته أن النبي محمد إنما جاء ليحرر الإنسان ويطلق العنان للعقل وحرية التفكير والعمل "من أجل أن يحقق انسانيته".
وأضاف بأن الدين جاء للتوجيه والترشيد لا ليكون أسرا ولا تقييدا لحرية الإنسان ومنع حركته وانطلاقته كما في الآية الكريمة "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر".
وتابع بأن الدين "ما جاء ليكتم أنفاس الإنسان ويضيق عليه حياته".
ومضى سماحته في القول انه على النقيض من ذلك برز في أوساط المسلمين تيار متزمت يدعو للتشدد الديني والغلو والمبالغة.
وأوضح بأن هذا التيار "هو ما أقعد بالمسلمين عن تحقيق أهداف دينهم وتطلعاتهم الحضارية".
وقال سماحته ان السبب الثالث لبروز التيارات المتزمتة هي المزايدة في الدين بزعم الحفاظ على الهوية خاصة في أجواء الصراعات.
وقال ان أبرز ما يميز هذه التيارات هو الاستغراق في الجزئيات العقدية والمسائل النظرية ويرتب على ذلك مواقف تشتت صفوف الأمة.
وأضاف بأن هذه التيارات توسعت كثيرا في رقعة التحريم أخذا بقاعدة سد باب الذرائع على اطلاقاتها "حتى بات الناس محاصرين بالمحرمات من كل جانب".
وتناول في السياق قول أحد الباحثين الذي رصد الذنوب التي عدتها الشريعة من الكبائر وقدّرها بثلاثة عشر كبيرة فقط في سنة 301 هجرية في حين بلغ عددها في القرن الثامن 171 كبيرة ليتصاعد العدد في القرن العاشر إلى 466 كبيرة.
مقالات اخرى للكاتب