يطلق مصطلح السلطة الرابعة على وسائل الأعلام عموماً وعلى الصحافة بشكلٍ خاص ، ويستخدم المصطلح اليوم في وسائل أبراز الدور المؤثر ( لوسائل الأعلام ) ليس في تعميم التوعية والمعرفة فحسب ، بل في تشكيل الرأي وتوجيه الرأي العام ، والأفصاح عن المعلومات ، وخلق القضايا ، وتمثيل الحكومة لدى الشعب ، وتمثيل الشعب لدى الحكومة ، وتمثيل الأمم لدى بعضها البعض ، ومنذُ أول منتصف القرن التاسع عشر ، أستخدم المصطلح بكثافة أنسجاماً مع الطفرة التي رافقت الصحافة العالمية ، منذُ ذاك الحين ليستقر على معناه الذي يشير بالذات على الصحافة وبالعموم على وسائل ( الأتصال الجماهيري) كالأذاعة والتلفاز .
وتعرض المفهوم ألى خطأ لغوي أنهُ يأتي تسلسلهُ بعد السلطات الثلاثة ، ليس هذا بل أنها تعني السلطة التي تحمل قوّة تؤثر في الشعب تعادل أو تفوق قوّة الحكومة ، وأنّ وسائل الأعلام تأخذ على عاتقها مسؤولية تقويم عمل الحكومة ومؤسسات الدولة في مكافحة الفساد وخرق القانون ولأنها تخاطب عقول الجماهير وعواطفهم بشرط أنْ يكون الأعلام فيها هادفاً وملتزماً ، ذو نزعةٍ ديمقراطيةٍ ، يتوفر فيها الموضوعية والحرفية والمهنية .
المسار "التراجيدي" للكلمة الحرّة بعد 2003
كان يوم 9-4-2003 بلا شك حداً فاصلاً في وضعية حرية التعبير في العراق بالأنتقال المفاجيء من بلدٍ ليس فيهِ سوى خمس صحف مرتبطة بالدولة ، وخمس محطات راديو وتلفزيون ألى أرقامٍ غير مسبوقة في تنوع وسائل الأعلام 346 مجلة وجريدة ، و220 حزباً وأئتلافاً ، وأعتبرت ( جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق ) الثلاثاء 13-1-2015 : أنّ العام 2014 بأنهُ الأقسى على الصحفيين العراقيين مؤكدة أستشهاد وأصابة 38 صحفياً وأختطاف 8 آخرين من قبل داعش ، وفيما رأت أنّ البيئة التشريعية تبقى هي الخطر الأكبر على حرية الصحافة حيث سجلتْ أكثر من 150 حالة أنتهاك ضد الصحفيين وأكثر من 220 دعوة قضائية ضد الصحفيين في محكمة النشر والأعلام التي لاتزال تحكم بموجب قانون العقوبات العراقي 111 لسنة 1969 الصدامية والتي شرعنها البرلمان في 2011 و تراوحت الدعاوى بين الأعتقال والأحتجاز والضرب والمنع من التغطية والتهديد بالقتل ، وأنّ الأنتهاكات تركزتْ في المحافظات الأربعة الساخنة نينوى أنبار صلاح الدين وديالى ، وحول أبرز الأنتهاكات ألتي سجلتها الجمعية في تقريرها السنوي 12 حالة أعتقال وأحتجاز و54 حالة أعتقال في أقليم كردستان و22 حالة أستهداف مؤسسات صحفية وأعلامية ، و هذا التردي يعود إلى المنظومة القانونية في العراق التي لا تضمن حرية العمل الصحفي بل تهددها ، وأنّ الذي حدث في 2014 أنّ الحكومة خيبتْ الآمال برفضها مسودة مشروع قانون حرية التعبير إلى مجلس النواب والذي يعتبر تجاوز على الدستور والنظام الديمقراطي.
صحفيون مشاريع أستشهاد
وأختلطت الأوراق بعد السقوط بين الأحتلال الأمريكي البغيض وبين الذين سموا أنفسهم بالمعارضة حاملين معهم فايروس المحاصصة السيئة الصيت ، وعشرة سنوات والشعب ممزق والعراق معرض للبيع في مزاد العهر السياسي ، لذا يصعب عليك تشخيص القاتل و "يغلق الملف ويسجل بأسم مجهول" !!!
* أغتيال أطوار بهجت وأثنان من الأعلاميين معها عدنان خيرالله وخالد محمود على طريق سامراء . *أغتيال الصحفي الدكتور محمد بديوي في بغداد . *أغتيال الصحفي زرادشت عثمان في كردستان. *أغتيال الناشط والأعلامي هادي المهدي في بغداد . *أغتيال الصحفي كاوه كرميان في كردستان . *أغتيال نورس النعيمي / مقدمة برامج في الموصل . *أغتيال المفكر والناقد الأعلامي كامل شياع في وزارة الثقافة قي بغداد . وهذه الكوكبة من الشهداء ليس ألا جزء يسير من قافلة أقلامٍ حرة عراقية لامعة ، وعذراً لمن لم يحضرني ذكره.
حال السلطة الرابعة بعد السقوط
1-ظهور مواقع الكترونية غير مهنية ، دعائية ، نفعية ، محرضة ، مخترقة ، هدامة ، عميلة . 2- ظهور – على الساحة العراقية – أحزاب عدة ذات مشارب وأتجاهات مختلفة تمتهن الطائفية والأثنية . 3- الأعلام المنفلت أدخل العراق برمتهِ في حربٍ خفيةٍ ومعلنة أحياناً كان ضحيتهُ المواطن العراقي أولاً وآخراً. 4- وأصبحت الساحة الأعلامية العراقية مفتوحة لكل من يرغب مع غياب شبه تام للقوانين والأنظمة . 5- معظم وسائل الأعلام العراقية تعبر عن توجهات دينية وطائفية وأثنية لا عراقية . 6- تبعية هذهِ الوسائل إلى أحزاب سياسية أو تيارات دينية . 7- بُعدها عن الخطاب الوطني " مع أستثناءات بسيطة لبعض وسائل الأعلأم المعارضة " . 8- تميّز العمل في المؤسسات الأعلامية بالمخاطرة فقد تعرّض الأعلاميون للتصفية الجسدية . 9- غياب القوانين والأنظمة التي تنظم عمل الأعلام والعاملين فيه وأصبح يبدو أعلاماً فوضوياً نابعاً من الفوضى السياسية . 10- عدم الألتزام بالمهنية والمصداقية لآبراز الكلمة الحرة وذلك لآنها مرتبطة بأجندات خارجية وداخلية . 11- أصبحت ملكية وسائل الأعلام العراقية ملكية خاصة بعد أنْ كانت حكراً على الحكومات المتعاقبة . 12-التحوّل المفاجيء أدى إلى تغيّرْ " حرية الصحافة " من الشّدْ للحزب الواحد إلى ممارسة ثقافة الصحافة التعبوية المجتمعية للرقابة بدل الحزب الواحد وهو شيء أيجابي وجيد ولكن هذا الأعلام وللأسف يحمل في طياتهِ توجهات " المحاصصة" مع غياب الأنضباط الأخلاقي والوطني مما حولهُ إلى أعلامٍ طائفي وأثني .
وأخيراً/ في يوم 15-1-2015، أحتفل الصحفيون العراقيون بعيدهم الثالث والأربعين بعد المئة وتزامناً مع اليوم العالمي لحرية الصحافة والمباديء الأساسية للأعلام الحر وبحضور حكومي ولجنة حقوق الأنسان ، وجمعية الدفاع عن حرية الصحافة ، ونقابة الصحفيين العراقيين ، والجمهور الحاضر رحبوا وأشادوا بكلمة رئيس الوزراء وأجراءاتهِ القيمة في أنصاف الأعلام العراقي ودعم الحكومة لحرية الصحافة ، العبادي يلغي جميع الدعاوى القضائية التي طالت الصحفيين العراقيين والمؤسسات الأعلامية ، ورفع الحضر عن بعض الفضائيات بشرط الألتزام بالكلمة الحرة الموحدة للعراقيين ، وهي رسالة أطمأنان إلى جميع وسائل الأعلام في ممارسة دورها الرقابي على جميع مؤسسات الدولة ، ونقل الحقيقة من أرض الخبر وعدم الأعتماد على الأعلام المزيّف ، وبذلك يمكن تقوية جسور الثقة بين الأعلام والجمهور بأسماعهِ " الحقيقة والحقيقة " فقط -----
الهوامش/ روفائيل بطي/الصحافة في العراق ص35 ---- عبد الرزاق الحسني/ تأريخ الصحافةالعراقية ص7
مقالات اخرى للكاتب