اشتكى مثقفون مصريون لدى مرجعية ثقافية عربية من استسهال اختيار المكرمين والاعلام، وتقليد عاملين في ميدان الانتاج الادبي والفكري القابا رفيعة من دون تدقيق المعاييرفي الحد الادنى من الكفاية، والى ذلك فان وسائل إعلام وأقنية اكاديمية كثيرة تنشر فضائح دورية عن شبهات ومطاعن تحوم حول “فساد” ينخر في الهيئات واللجان التي يُعهد لها اختيار الاشخاص للالقاب والجوائز.. وإلا كيف يمكن ان نصدق بان مسؤولا خليجيا لايملك غير شيكات رشى جاء في المرتبة السابعة من قائمة زعماء العالم “المؤثرين بالاحداث ومصائر الشعوب” ثم يليه في القائمة رجب طيب اردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بل ان المسؤول الخليجي هذا سبق الرئيس الصيني “شي جين بينغ” بخمس نقاط.
هذه الفضيحة مسجلة (انتباه رجاء) باسم كلية “ويلدنبرغ” الدولية وعلى لسان المسؤول في الكلية محمد محمود الجمسي الذي (انتباه ايضا) يحمل الالقاب التالية: المدير الاقليمي لكلية ولدنبرغ الدولية. الامين العام المساعد للمجلس الدولي لحقوق الانسان. سفير البعثة الدولية لاحياء السلام العالمي.
وهي ليست سوى عملية تلفيق واحدة لتلفيق أعلام، او دس اسماء في حشوة المشاهير لا شك انها مدفوعة الثمن، أدت فيما ادت اليه، الى سقوط سمعة هيئات محترمة مثل لجنة جائزة نوبل في وحل الطعون بسلامة الاعتبارات والمعايير التي تعتمدها، كما اصبحت نفسها مفتاحا لاعمال النصب بالنسبة لمهووسين بالالقاب، وفي ذاكرتنا واقعة عن اديب عربي ارسل خطابا الى لجنة نوبل لترشيح نفسه للجائزة وقد تلقى إشعارا من اللجنة باستلام طلبه، ثم باهماله، لكنه صار يضع على بطاقته الشخصية، وتعريفا له، عبارة “المرشح لجائزة نوبل” ويضع هذا التعريف لصق اسمه في كل مقالة يكتبها.
في هذا الملف ملف الموصول بسوء اختيار المرشحين لهذا اللقب، أو ذاك، ثمة الكثير من المفارقات، فقد أجرت الشهرية الفكرية البريطانية "بروسبكت" قبل سنوات استفتاء حول أفضل مثقف في العالم، وكانت المفاجأة أن الذي فاز بالمرتبة الأولي هو التركي "فتح الله غولن" الذي اعترف رئيس تحرير المجلة أنه لم يكن قد سمع باسمه من قبل، لكن ينبغي هنا الاستدراك لنشير الى أعلام حقيقيين رفضوا تقبل جوائز والقاب تحت موصوف الشهرة، فقد امتنع "برنارد شو" عن قبول جائزة نوبل لانه كما قال "لم اجد فيها ما يزيدني قدرا" فيما رفض الكاتب الانجليزي الشهير توماس كارليل ترشيحه الى لقب "لورد" من قبل رئيس الوزراء دزرائيلي قائلا.. "سامحوني لا قبل لي على تحمل هذه المطرقة".
“يأتي على الناس زمان لا تـُقرّ فيه عينُ حليم".
لقمان الحكيم
مقالات اخرى للكاتب