كتب اسماعيل مصبح الوائلي:
التحالف السعودي الامريكي ومغامرات الملك سعود في الكازينوهات الفرنسية
في سنة 1930 سمحت السعودية للشركات الامريكية بدء مهمتها في التنقيب على النفط، الشيء الذي خول للسعودية ان تكون في نهاية العقد الحالي أول منتج للنفط في العالم.
اما في سنة 1945 فقد دخلت السعودية كعضو في منظمة الامم المتحدة وجامعة الدول العربية، صحيح انها عارضت بناء دولة اسرائيل ولكن لم تكن لها تدخلات حازمة خلال الحرب التي خاضتها جامعة الدول العربية ضد اسرائيل بين 1948 و 1949 حيث انه في يونيو لسنة 1951 السعودية وافقت على استعمال القاعدة الجوية الظهران من طرف الولايات المتحدة الامريكية طيلة خمس سنوات وكان ذلك بمثابة شكر على المساعدة التقنية التي قدمتها امريكا لها وعلى الادن الذي اعطتها اياه لشراء الاسلحة بموجب التعاون للدفاع المشترك، وفي شهر ديسمبر عقدت السعودية والولايات المتحدة الامريكية اتفاقا جديدا Arabian-American Oil Company ARAMCO التي وعدت بموجبه الولايات المتحدة الامريكية، بتقديم السعودية 50 بالمائة، من الارباح الصافية للشركة.
عند وفاة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود سنة 1953، ستبدأ مرحلة جديدة من الحكم اكثر ريبة، حيث أنه عندما تربع ابنه سعود على العرش قام بتبديد عائدات المملكة السعودية من شراكة (ARAMCO) في القصور وعلى الحريم وفي شراء السيارات الفاخرة وفي الكازينوهات الفرنسية الى درجة انه كان على وشك أخد عائلته والبلاد الى حافة الافلاس.
كل هذا كان مبررا كافيا عرف كيف يستخدمه شقيقه فيصل الذي قدم استقالته كوزير للخارجية لينصب نفسه رئيسا للوزراء سنة 1958.
هكذا بدأت العلاقة بين الاخ وشقيقه تأخذ طريقها نحو الازمة الى غاية خلع الملك سعود وتنصيب شقيقه بدلا عنه، حيث انه في مارس لسنة 1964 بعد ان توجب على سعود التنازل على العرش تحول الفيصل من رئيس للوزراء الى الحاكم المطلق للبلاد.
عندما اصبحت البلاد في يد الفيصل بدأت هذه الأخيرة في عملية تحديث حقيقية واصبحت تتعافى اقتصاديا، وهو الأمر الذي ساعد كثيرا قطاع النفط على سلك الاتجاه التصاعدي، ولكن هذا لا يعني انه سيغير النظام السياسي القائم على الاستبداد والمدعوم من طرف امراء المقاطعات وباقي شيوخ القبائل، في نظام اقطاعي منقطع النظير.
هذه الطبيعة الوهابية المتجذرة في حكم السعوديين فرضت نفسها في السياسة الدولية. وعلى الرغم من ان الظاهر يقول ان السعودية ضد "الدولة اليهودية" وضد اي محاولة "تغريب" في المنطقة العربية، لكنها كانت دائما في خدمة المصالح الامريكية.
خلال الحرب الباردة كانت علمانية الاتحاد السوفياتي هو العذر الوحيد في انحياز السعودية ضد التيارات الاخرى في جامعة الدول العربية كتجربة التنشئة الاجتماعية لجمال عبد الناصر في مصر والبعث في سوريا والعراق.
لقد اصبح للسعودية صناديق مهمة داخل الجامعة العربية تم ادارتها في برنامج بناء المساجد ومبادرات اخرى في التبشير الوهابي الذي انشغلت بنشره في نطاق واسع من العالم.
ان التحالف مع الولايات المتحدة الامريكية أصبح موضع الشك امام دعم هذا البلد لإسرائيل خاصة بعد حرب 1967
لقد أثارت تصريحات الفيصل شكوكا كبيرة عندما قال ان حلمه الوحيد هو ان يصلي في مسجد عمر في قدس محررة، لأنها كانت مجرد دعاية ملونة امام الممارسة الفعلية والسياسة الحقيقية للسعودية لأنها حليف رئيسي للولايات المتحدة الامريكية في المنطقة وان هذه الاخيرة هي حليفة اسرائيل.
خلال الحرب العربية الاسرائيلية لسنة 1973 دعم الفيصل حظر النفط على الدول التي تدعم اسرائيل والولايات المتحدة كانت على راسها، مما تسبب في نقص حاد في الوقود وهو الشيء الذي دفع بـ"اوبك" الى مضاعفة سعر النفط اربع مرات خلال شهور قليلة مدشنة بذلك حقبة جديدة في العلاقات الدولية في كل مرة متناقضة اكثر امام العالم الغربي.
لقد تم اغتيال الفيصل سنة 1975 من طرف ابن عمومته، قيل أنه كان "مختلا عقيلا"، نفس الامر بالنسبة لشقيقه الأصغر خالد الذي تم اغتياله ليحل محله اخيه فهد بن عبد العزيز
لقد تجاوزت عائدات النفط اكثر من 500 مليون دولار في السنة عندما تولى فيصل الحكم في سنة 1964، لكنها نزلت الى 30 مليون دولار فقط بعد وفاته.
لقد تغيرت ملامح السعودية في ظل حكمه كثيرا حيث تم تشييد المدن الحديثة والمستشفيات والجامعات والطرق، وكل ذلك جاء من عائدات استغلال النفط واستثمار رؤوس الأموال في البنوك الغربية، مما أدى الى زيادة في التدوال العالمي وهو ما سبب ازمة في الكثير من الدول النامية بسبب الديون التي اثقلتها بها السعودية سنة 1984 و1985.