في العراق أمثال جميلة جدا في دارجتها القروية أو البدوية، ومن أجملها مفردتان تشكلان مصطلحا دقيقا جدا في توصيف شخص مثل الدرويش القائد العام للحايرين في العراق بعد سقوط صنمهم الكبير صدام حسين، إلا وهو عزة الدوري الذي أعلنت وسائل الإعلام مقتله، فهو لم يك أكثر من ” خراعة خضرة ” كما يقول المثل العراقي الجميل، وخراعة الخضرة هي دمية يصنعها الفلاحون البسطاء ويضعونها في وسط حقولهم لدرء خطر العصافير التي تستحوذ على حبوبهم وخاصة تلك التي تحملها وردات عباد الشمس الجميلة، رغم أن الفئران لم تعد تترك لتلك العصافير شيئا يذكر من بذور عباد الشمس!
وعزة الدوري هذا لم يكن في عز حكم حزب البعث وصدام أكثر من (سكن) كما يقول الدارج العراقي في توصيف الخادم الذي يعمل تحت يد الاسطة أو المعلم كما يسميه المصريون، فلم يعرف عنه مبادرة أو قرار أو شخصية قوية بل كان دوما محل تندر العراقيين، وهو القائل أمام ملايين المشاهدين على التلفزيون مخاطبا صدام الذي سأله قائلا ما هو رأيك يا أبا احمد؟ فقال له الدوري ” سيدي القائد العظيم أمام حضرتك اخربط بالحجي، فأنت إمامنا وملهمنا ولا كلام بعدك” وكان حينذاك نائب القائد العام للقوات المسلحة ونائب أمين عام سر حزب البعث ونائب رئيس مجلس قيادة الثورة!!
فكيف تحول هذا الشخص بهذه المواصفات إلى قائد ثوار وثورة ومعارضة ونقشبندية وداعشية؟ وهو في واقع الحال لم يتجاوز كونه ظاهرة إعلامية إطارها ” خراعة الخضرة ” يرعبون به السذج ويستخدمونه سلما لمآربهم التي لا يعرف كنهها إلا الراسخون في علم اللعب على الحبال من سياسيي الغفلة وبرلمانيي الفساد والإفساد!
عزة هذا اقترب من الثمانين وهو محمل بأمراض الشيخوخة ناهيك عما كان مصابا به إبان حكم إمامه العظيم، ولم يكن سعيد الحظ لكي يتبوأ كرسيا متحركا مثل شبيه سيده رئيس الجزائر المقعد الذي تولاها رغم عين الربيع العربي الأحمق والأهوج، وقعد على كرسي المعاقين حاكما بأمر من يقف خلف الكواليس مستفيدا من بركات النفط والعمة أمريكا والخالة بريطانيا رغم أن في جواره نيران القذافي وترتيبات مصر وتونس الربيعية الهادئة!
عزة قتل أم لم يقتل خراعة خضرة وظاهرة إعلامية صوتية تكاثرت بل وخلفت قبل مماتها مئات وآلاف من أمثالها وربما أكثر ضراوة وبربرية، ليس من عزتها فقط، بل حتى من تجاوز صدام وعلي كيماوي وناظم كزار وطبقة المجرمين من الساديين والسايكوباث الذين ما يزالون يحكمون بلادا تنضح دما بقدر ما ينضح أهلوها عرقا!
صدام اعدم، وقبله عبد السلام أحرق، وقبلهما الزعيم رميا بالرصاص بعد أن سحل جنده الباشا نوري السعيد واغتالوا عائلة الملك الهاشمي، والغريب إن المالكي والطالباني غادرا كرسي الحكم على رجليهما دون قتل أو حرق أو انقلاب
صلوات على الديمقراطية!!.
مقالات اخرى للكاتب