لا احد يستطيع ان يتصور ان بلدا كالعراق بامكانياته المالية الكبيرة، غير قادر حتى الان على تلبية احتياجات مواطنيه من الكهرباء، وكذلك المتطلبات الاخرى، وقد قيل الكثير عن المبالغ المصروفة على الكهرباء، سواء من موازنة الدولة ام الافراد او تلك التي تبرعت بها دول العالم، ووصل الامر بإحدى الفضائيات القول في تقرير لها ان تلك المبالغ تعادل موازنة دولة البحرين لمدة عشرين سنة قادمة!
جاء الصيف ورجعنا خطوات الى الوراء، فما ان انتهت الحملة الانتخابية حتى داهمت الانقطاعات الناس، وهو ما دفعها الى الرد والاحتجاج والخروج في تظاهرات، استنكارا وتذكيرا بالوعود التي سبق وان اغدقت، بما فيها وعود بتصدير الكهرباء(!) وتلك الوعود الطازجة، ايضا، في سياق حملة الانتخابات التي انتهت للتو وشهدت ضربا تحت الحزام، متنوع الاشكال، فيما تواصلت التحذيرات من التلاعب باصوات الناس وتجييرها لكتل واشخاص معينين، وضرورة الاسراع باعلان نتائجها.
والغريب.. الغريب ان المسؤولين ليس فقط طمأنوا المواطنين الى ان مشكلة الكهرباء اصبحت من امور الماضي، وان الظلام الدامس الذي يلف مدننا وشوارعنا وبيوتنا قد ولى الى غير رجعة، بل ان احد المسؤولين، وهذا موثق، سارع الى مطالبة اصحاب المولدات الاهلية ببيعها قبل ان تتحول الى خردة، فيما تحيرت بعض الحكومات المحلية ومؤسسات الدولة في أمر مولداتها وماذا عساها ان تفعل بها.
لقد تم تناسي كل ما قيل وبانت الحقيقة كما هي فالحاجة الى المولدات الاهلية ما زالت قائمة، ولا احد يعرف امد الحاجة، وهو ما عبر عنه بوضوح الاعلان الذي اشار الى ان تجهيز المولدات الاهلية بالكاز مجانا سوف يبدا اعتبارا من حزيران القادم، اي بعد ايام، وهذه رسالة واضحة تدحض كل الوعود والكلمات المعسولة، وتقول ان صيفا حاميا تتخله الانقطاعات وسوء تجهيزالكهرباء هو ما ينتظرنا، وان من يتذمر يستطيع ان يستغني عن الكهرباء ويقوم بالسباحة، ليلا ونهارا، في المياه التي تغمر قضاء ابي غريب!
ومع العودة الميمونة للانقطاعات الكهربائية، عاد التراشق وتبادل الاتهامات بين وزارتي الكهرباء والنفط، فالأولى تشكو عدم تجهيز الوقود والثانية ترد بان المخازن مملوءة! فأين الحقيقة؟ انها ضائعة في لعبة التنصل من المسؤولية!
ولا بد هنا من الاشارة الى ان المواطن غير معني بهذا الجدل العقيم، الممل والذي لا معنى له، ولكن يبقى السؤال قائما عن دور اللجان المشكلة على اعلى المستويات لمتابعة موضوع الكهرباء؟ وما هي اجراءاتها؟ سابقا قيل ان التقارير لم تكن دقيقة وهناك تضليل في المعلومات، اما الآن فماذا يكون التبرير يا ترى؟
حقا ان ما يحصل هو مسلسل كوميدي تراجيدي، مبكي، ولكنه مضحك في آن، وشر البلية ما يضحك، ولا بد لهذا المسلسل الكئيب من ان يتوقف، ان المواطن الذي ادلى بصوته للتو، عليه ان يقول كلمته وان يوقف هذه المهزلة، وعليه ان "يفتح بالتيزاب" ويعي جيدا ان حليمة قد عادت الى عادتها القديمة!
مقالات اخرى للكاتب