لست مبالغا حين أقول ان برنامج البشير شو هو اكثر البرامج التلفزيونية العراقية شهرة والتزاما وطنيا واخلاقيا, وما الضجة التي احدثها البرنامج مؤخرا داخل الاوساط الطائفية ،التي لم تعتد آذانها الاستماع الى نقد كهنتها، الا دليلا على نجاح البرنامج وتأكيدا على فاعليته في تبني لغة وخطاب تسامى على الخطاب الاعلامي والسياسي الحالي الهابط.
تحية مني لمعد البرنامج الشاب أحمد البشير الذي استطاع من خلال البشير شو محاكاة برامج عالمية ساخرة وفي نفس الوقت إلتزم بدستور العراق وتقاليد شعبه في غمرة البحث عن مساحة من الفرح وسط ركام احزان أكثر من عقد من أسوء عقود الزمن التي مر بها العراق بتاريخه الحديث وقد يكون القديم ايضا اذاما اخذنا بنظر الاعتبار الرقم المخيف للعراقيين الذين فقدوا ارواحهم نتيجة للصراع الطائفي – بالدرجة الاساس-
منذ عام 2003 ورجال الدين والسياسة العراقيون يحتلون صدارة نشرات الاخبار والبرامج في وسائل الاعلام العراقية: صراخهم، فتاواهم، تكفير بعضهم البعض، اتهام بعضهم الآخر بدعم الارهاب والفساد، القاء اللوم على جهات خارجية وهمية في تدميرهم البلد...الخ.
ولم يتفق رجال الدين والسياسة العراقيون على شيء منذ سنين عدة الا في عدائهم لكل صوت وطني لاينتمي لاحدى قطعانهم، ينتقدهم جميعا دون انحياز لهذه الطائفة او تلك، لهذا الدين او ذاك، لهذه القومية او تلك، لهذه العشيرة او تلك, كصوت الشاب الناقد الساخر أحمد البشير وغيره من المثقفين والاعلاميين العراقيين الوطنيين.
عجبي لقوم لم تغضبهم الانفجارات الاخيرة في بغداد والسماوة والتي ازهقت المئات من ارواح الشعب المسكين الذي سأم الفقر والموت والدمار بقدر ما أغضبهم انتقاد أحمد البشير لتفسيرات رجل دين مغمور. اذن لامانع ان يقتل العراقيين بالمئات ولكن لايجوز انتقاد آلهة الطوائف التي مابرحت فتاواها تلقم ابناء العراق لنار الحرب وقودا.
صراحة أنا أحسد أحمد البشير على الشهرة التي نالها من خلال برنامجه البشير شو حيث نجح في وضع حجر الأساس لخطاب اعلامي ساخر ومتزن يحاكي نتاجات اعلامية عالمية ساخرة لكن اهدافها سامية، فهو يطرح الواقع باسلوب فكاهي فيضحك الناس على حالهم فيما هو أشبه بالكوميديا السوداء، اذ ان أحمد نفسه ،كغيره من ملايين آخرين من ابناء العراق،ضحية للوضع الذي اوصل رجال الدين العراق اليه فكان فقد اخاه.
يقتل العراقيون بالعشرات كل يوم نتيجة لفتاوى الكهنة وجشع السياسيين وفوق كل ذلك يحاول هؤلاء الكهنة والمتشبثين بالسلطة من "المتسيسين" واتباعهم بكل ماأوتوا من قوة ومال منهوب ان يكمموا افواه ذوي القتلى- من أمثال أحمد البشير- ويكتموا نفاسهم كي تستمر فتاوى هدر الدم والتكفير وسرقة العام والفساد.
واخيرا أريد ان أقل لاحمد البشير استمر فالعراقيون معك وبرنامجك رغم حداثته طغت شهرته على شهرة كهنة افنوا عشرات السنين من اعمارهم في دراسة اللاهوت الطائفي مستفيدين من مص ضرع صدقات الطيبيين الأحياء والميتين من أهلي.
وأهلا بكم في البشير شو من محافظة النجف الاشرف
مقالات اخرى للكاتب