تُمثل الحروب الأهلية والهجمات الدموية والغارات الجوية – التي استمرت لسنوات طوال عن قريب أو بعيد – مسؤولية كبيرة على المسلمين، ويجب أن نُحرك جهودنا ومواردنا الكبيرة والصغيرة وأن نسعى بكل قوة من أجل حل تلك المشكلات المتجذرة التي تؤثر على الأمة الإسلامية جمعاء، ومن أجل حرية الأبرياء من إخواننا وأخواتنا. يجب أن نتذكر دائمًا أن ملايين المسلمين يتضرعون إلى الله من أجل أن يغيثهم إخوانهم المسلمين.
كما أننا نشهد تقاربًا بين الجيران ونهاية للنزاعات والمشكلات بين الناس في شهر رمضان المبارك، ويفي المسلمون بالتزامهم بالصدقات بشكل متزايد في رمضان، كما يُرحب بالفقراء والمحتاجين على موائد الرحمن للفطور والسحور، تُقوى أواصر الأخوة والرحمة والمودة. يُرشدنا شهر رمضان لفعل الخير الذي يتمنى الناس أن يروه على مدار العام. والجزء الأهم، هو الاستمرار بتلك القيم والأخلاق بعد رمضان جنبًا إلى جنب مع رضا الله وطاعته. مسؤوليتنا أن نُحسن من سلوكياتنا كل يوم في ذلك العالم.
كُل منا عليه التزام تجاه الدين لإفشاء السلام في العالم، كُل نية حسنة في الطريق إلى الله، وكل كلمة طيبة، وكل فعل غرضه تقوية روابط الأخوة، وكل ما يُفعل لوجه الله سيكون له أجره بإذن الله في الدنيا والآخرة، وأحد أهم الالتزامات هي وصف جمال الإسلام بالقول والفعل الحسن، ونشر طبيعة حياة المؤمن، حيث السلام والمحبة، كما ورد في القرآن.
يمكن نشر الخير في العالم إذا اتحد الموحدون، وإذا أدركوا مشاعر الأخوة في أسمى صورها وجسدوا الرحمة في أفعالهم، حتى إذا عاش المؤمنون في مختلف أقطار الأرض وتكلموا مختلف اللغات وانتموا لمجتمعات وطوائف مختلفة، فإن الإسلام الذي وهبنا الله إياه هو الذي يجمعنا ويجعلنا إخوة. يُظهر لنا الله الأخوة بين المؤمنين به والساعين إلى الكمال لينالوا رضاه، كما في سورة آل عمران في الآية 103:
“وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا”.
في الواقع، يحتاج العالم لاتحاد المسلمين، فإن روابط الأخوة التي ينص عليها القرآن يُمكن التأكيد عليها بالإيمان القويم، فتلك الرابطة أوقع بكثير من كل العلاقات الفردية والاجتماعية في العالم، تلك الرابطة صادقة لا تضعف. ما يُميز وحدة المسلمين عن غيرهم، هي القوة الناشئة عن حب بعضهم لبعض في الله، هم يتمتعون بقوة روحانية عالية. وبالتالي، فإن بإمكانهم بحماستهم ورغبتهم في النصر – حتى وإن قل عددهم – أن يحققوا انتصارًا على الصعاب بقوة إيمانهم، كما يعدهم الله في الآية: “وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ” (آل عمران الآية 139). بقوتهم الروحية يمكنهم جلب السلام والطمأنينة للعالم.
يعيش الكثير من الناس بدون قيم، وذلك من أهم أسباب النزاعات في العالم، قيم بعيدة عن القرآن، مثل الكراهية والعداوة وحب الذات والأنانية، لذلك من المهم نشر الخير في العالم، والحث على فعل الخير دون انتظار مقابل، ونشر الفكر العقلاني والعادل والمعادي للعنصرية، تلك القوة الروحية التي ستنتشر عندما يعيش المسلمون بالقرآن والتي ستأتي بالسلام للمظلومين بإذن الله.
يجب ألا ننسى أنه من غير المقبول أن يرى أحد علامات القسوة والفجور واللا إنسانية تُحيط به وأن يرى المتضررين من ذلك وأن يقف مكتوف الأيدي ولو للحظة واحدة. يجب أن يساهم الإخوة المسلمون في ذلك بأن يحيوا بأخلاق القرآن، وهو الحل الوحيد للشر في العالم، وبتشجيع الآخرين لفعل مثلهم. يجب أن يسعوا في طريق الخير والعمل على نشر بشائر رمضان حول العالم.
مقالات اخرى للكاتب