صادق الساعدي .. من قطاع 55 الى منتخب ألمانيا
من أزقة الداخل في مدينة الثورة / الصدر، وتحديداً من قطاع خمسة وخمسين في هذه المدينة المكتنزة بالعطاء والشهادة والشعر والفنون، خرج صادق مهند الساعدي، ليمضي (قبل أن يولد) في رحلة الهروب مع أبيه المعارض لظلم الدكتاتورية الصدامية، في مقاطعة مكلنبورغ ولد صادق، و نشأ هناك، فكبر معه حبه للعبة الملاكمة.. على الرغم من أن عائلته كانت بعيدة كل البعد عن حلبات الملاكمة، بل أن والده كان شاعراً، وكاتباً، وخطيباً حسينياً حداثوياً مختلفاً عن بقية الخطباء المنبريين، ولم تمر قدماه يوماً على ملعب فيه حلبة للملاكمة.. لكن الولد ذهب الى الجهة المقابلة للشعر، والخطابة، حيث القفاز، والحلبة، والبوكس، والخطاف، والقلع.. وبقية مفردات الفن النبيل.
وفي المدرسة، وتحديداً في عام 2013 لمحته بصيرة مدرب الملاكمة الألماني الكبير بيرغ لتأتي به الى حيث يجب أن يكون، قائلاً له:- اسمع يا ولدي صادق.. إنْ تدّربت معي بصدق وإخلاص لسنة واحدة لا أكثر، فسأجعل منك بطلاً لألمانيا كلها..
فوافق صادق، وصدَّق مدربه، فتدرب معه بإخلاص، محققاً وعد مدربه الألماني، ليحرز بطولة المقاطعة، ثم بطولة المانيا، ويمثل ألمانيا في بطولة أمم أوربا التي جرت في تشرين الثاني عام 2015 في روسيا.. فكان فيها الفارس الأعلى قدحاً، بعد أن جندل ملاكمي أوربا من فئته، ووزنه واحداً بعد الآخر..
واليوم إذ يعده مدربه لتمثيل ألمانيا في اولمبياد طوكيو عام 2020 فإنه يأمل أن يحرز هذا الفتى العراقي (المملوح) وساماً لألمانيا في وزن 48 كيلو غرام، بعد أن ابتعدت ألمانيا عن أوسمة الملاكمة الأولمبية لأكثر من دورة أولمبية..
صفقوا معنا لابن مدينة الثورة الذي أطاح بأبطال اوربا، والذي جعل من اسم ناديه (تراكتور) اسما لامعاً، ليس في مقاطعة مكلنبورغ فحسب، بل في عموم ألمانيا و أوربا أيضاً.. وإذا ما فاز صادق غداً بالميدالية الذهبية بدورة طوكيو الأولمبية، فإن لقطاع (خمسة خمسين) بمدينة الثورة نصيباً بهذه الميدالية.. أليس لهذه المدينة الشريفة أثر، وفضل في نشأة أبيه، بل وفي جيناته الوراثية أيضاً ؟!.