ويبدأ العراقيون المسيرة السنوية لإحياء ذكرى اربعينية الامام الحسين عليه السلام في هذه الايام مشيا على الاقدام من بيوتهم متوجهين الى كربلاء المقدسة وتستمر هذه المسيرة لتغطي يوم الاربعين على اتم وجه امام العالم اجمع وهم يحتشدون بين ضريحي الامام الحسين والعباس عليهما السلام
ويتزامن مع خروج الناس للسير (مشاية) نصب المواكب على نفس الطريق الذي تسلكه المشاية ويكون عمل هذه المواكب هو توفير كل ما يحتاجه الزائر في طريقة من مبيت ومأكل ودواء والكلام الطيب والمعاملة الحسنة والخدمة على احسن ما يمكن (خدمة الزوار) فهم يعتبرون هذا فخرا
وتجد الجميع من السائرين واهل الموكب قد ارهق نفسه وبذل كل جهوده على طول اليوم ويستمر الحال الى انقضاء يوم الاربعين ويعود كل الى بيته ليرتاح من المشقة والتعب وهو يتباهى امام الناس اني عملت كذا طبخت كذا سرت كذا رأيت كذا!!
فهل عرف احد منا ماذا تعني هذه المراسيم؟ وهل عرفنا لماذا خرجنا سيرا وتحملنا كل هذه المشقة؟ فهل كان هدف الحسين عليه السلام هو ما نفعله اليوم ؟ كلا فهو اكبر من ان يحتاج الينا بل نحن بحاجة اليه والى ثورته لينتشلنا مما نحن فيه من واقع مأساوي مع تضييع من يمثل صوت الحق فقد ابهم وضيع من طالب واستمر على نهج الحسين عليه السلام تحت عناوين وافعال مزيفة واخذ الفاسد والمرتشي يفسر ويترجم اهداف الثورة الحسينية بما ينصب في مصلحته الخاصة
فالأولى ان نعرف امامنا الحسين عليه السلام وان ندرس اهداف ثورته الحقيقية وابعادها وما اجبر الامام على الخروج ليضحي بنفسه وعياله ويبذل كل ما يملك في سبيل اعلاء صوت الحق
فلو كان الامام عليه السلام معنا اليوم هل يسكت عن الحال الذي وصلت اليه الامة وهي ترى ان صوت الباطل قد استعلى وضاع الحق في معمعة هذه الصراعات على المناصب والجاه والمال دون ان تحرك ساكن ودون ان تنطق؟
هل يقبل بما تفعله الحكومة اليوم من ظلم وفساد ونهب وسرقة والتسلط على رقاب الفقراء والمساكين وكل من عجز عن المطالبة بحقوقه دون ان يقف بوجوههم احد ؟
وهل يتحمل ان يرى كل هذه المصائب التي حلت بنا ويرانا عاجزين على ان نغير واقعنا لا قولا ولا فعلا؟
هل يقبل انكم حولتم ثورته الى مراسم تقام سنويا وعادات تعمل امام الناس فقط دون ان تعرفوا اهداف هذه الثورة؟
واردت ان اضع هنا التفاتة، الجميع يعلم ما تحمله هذه المراسم المشاية من محرمات وارتكاب للمعاصي فهم يتداولون الكلام في الشارع عن هذه وتلك التي خرجت دون رضى اهلها او زوجها او من خرجت وهي تحمل طفل صغير وجعلته يقاس الحر والبرد والامطار دون خوف عليه ومنها من تسببت بموت هذا الطفل لشدة معاناته!! فما ذنب هذه الاطفال؟
وتجد ان اغلب الزوار يقضون الطريق برفقة صديق او شخص مقرب ليكون تسلية له ويخفف عنه التعب ومنهم من اخر صلاته غاية ان يصل نقطة معينه وبعدها يذهب ليرتاح ويشبع بطنه ومن ثم يقوم ليقضيها على راحته ومنهم من خرج يلهي نفسه بدل الجلوس بالبيت ومنهم من خرج رفقة مع الاخرين وهكذا وعندما يصلون كربلاء وتتجمع هذه المسيرة المليونية هنا الطامة فتجد الناس في الشوارع وعلى الرصيف ومحظوظ من وجد لنفسه مكان لينام فيه تحت السيارات وفي الطرقات هذا حال الرجل الذي خرج لوحده ولكن من خرجت معه النساء اومن خرجن لوحدهن فماذا يفعلن وقد ارتفعت اسعار الفنادق والبيوت المخصصة للمبيت فهذه فرصتهم ويجب ان يستغلونها فالزائر مضطر لكي لا يبيت في الشارع ان وجد مكان طبعا!!
وعندما تنتهي المراسم ويهم الجميع بالعودة لمنازلهم تبدا مشكلة السيارات ومن قد يوصلهم وهم في اشد التعب!!
فهل سأل احد نفسه عن الاموال الطائلة والهدايا الثمينة التي تهدى للضريحين المقدسين من داخل وخارج العراق فلماذا لا تصرف هذه الاموال لخدمة زوار كربلاء وخاصة في هذه الظروف التي تكون فيها كربلاء محتشدة بالزوار لماذا لا يعمل على توفير الخدمات للزوار؟ لماذا لا تفرغ لهم الفنادق والبيوت للمبيت مجانا؟ لماذا لا تخصص لهم سيارات نقل؟
وجميع ما ذكرت لا يأخذ الانسبة قليلة من هذه الاموال.
مقالات اخرى للكاتب