لا زالت البصرة مظلومة، لا زالت محرومة، لا زالت تعاني من نقص الخدمات وفقدان البنى التحتية، وما زالت تعيش أثار دمار وخراب حرب إيران والخليج الأولى، ومآسي وانتهاكات "جلاوزة البعث ومجرميه" خلال الانتفاضة الشعبانية، ومع هذا كله، فالبصرة اليوم لا زالت صابرة.
فلا يختلف اثنان على ان العراق كله من زاخو لحدود البصرة سيعي حقيقة المأساة، لو إن البصرة نفذ صبرها وقالت لنا "كفى" ظلما، وكفى يأكل الجميع من خيري في حين أهلي لا زالوا يعيشون الجوع والنقص والحرمان.
وبالتالي فان أي عاقل، يجلس على كرسي الحكم في بغداد، ويفهم درسا واحدا من دروس التخطيط السليم وحسن إدارة الأموال والأمور، يجب ان يأخذ بعين الاعتبار "تدليل" البصرة وإعطائها ما تستحق وأكثر حتى لا تفكر مع أهلها بإطلاق كلمة الـ"كفى" وإعلان نفاذ الصبر.
لكن مع الأسف، فأننا اليوم ندفع البصرة بقوة باتجاه أطلاق كلمة الـ"كفى"، حيث لا زالت سياسة معاقبة البصرة وحرمانها من ثرواتها وخيراتها مستمرة، حتى بعد عام 2003 ولغاية يومنا هذا.
فالبصرة اليوم تعطى ميزانية حالها حال بقية المحافظات الأخرى، اعتمادا على النسبة السكانية لكل محافظة، وحتى عندما أريد إعطاءها بعض التميز من خلال قانون البترودولار أو اختيارها "عاصمة العراق الاقتصادية"، اخذ البعض يحارب البصرة من جديد، وينهي امتيازاتها تلك حتى قبل ان تحصل عليها.
فكلنا يعرف، لماذا رئاسة الوزراء حاربت مشروع "عاصمة العراق الاقتصادية"؟، الذي كان من المفترض ان يدخل للبصرة وارد مالي يتجاوز المليار ونصف المليار دولار سنويا، وكيف علقت رئاسة الوزراء رفضها للمشروع على شماعة أحد المستشارين لديها، والذي كتب على مسودته كلمتان فقط لا غير هما "ليس وقته".
بعدها جاء دور قانون البترودولار، والذي يقضي بإعطاء 5 دولارات عن كل برميل يستخرج من أراضي المحافظة أو يكرر فيها، وكانت الأمنيات أن يحصل أهالي البصرة على ميزانية جيدة من هذه الإيرادات، ينهوا فيها نقص الخدمات التي تعاني منها مدينتهم، ويعلنوا بعدها بدء التنمية الحقيقية فيها.
لكن يُغدر في البصرة من جديد، ويعلن وزير المالية وكالة صفاء الدين الصافي إن رئاسة الوزراء ستعطي البصرة في موازنة 2014 دولارا واحدا عن كل برميل بسبب العجز الحاصل في الموازنة كما ادعى معاليه.
العجز الذي لم يقترب من ملايين الدولارات التي تعطى للصحوات وشيوخ عشائرهم في المناطق الغربية، العجز الذي لم يصب حصة الأكراد والملايين التي تصل لهم، لكنه –أقصد العجز- كان قاسيا جدا مع البصرة وأهلها.
فكشفت البصرة وبكل جدارة زيف وخداع من كان يبكي دموع التماسيح عليها بالأمس، ومن كان يكذب ويدعي انه جاء ليكون ناصرا للمظلوم ومعينا للمحروم ومقيما لدولة المؤسسات والقانون، وبالتأكيد فالبصرة ستعاقبهم جميعا وموعد العقاب ليس ببعيد.
مقالات اخرى للكاتب